معركة مصر الآن هى «العزل السياسى»، بعدها يأتى باقى المعارك التى تستكمل مشوار ثورة 25 يناير، والحقيقة أن معركة العزل هى الأسهل، وهى المعركة التى يسهل الانتصار فيها، لعدة أسباب، أهمها أنها تشكل توافقا تاما بين القوى السياسية، بمن فيهم الإخوان المسلمون، وهى معركة لها جانبان، أولهما مرتبط بثورة 25 يناير وبالشرعية الثورية، فليس هناك ثورة حقيقية تقبل ببقاء النظام القديم ورموزه، وليس هناك ثورة حقيقية تختلف على ضرورة عزل الماضى بأكمله، بقياداته وأشخاصه وأفكاره وثقافته وقيمه، أما الجانب الآخر للمعركة فهو الجانب القانونى، فلا خلاف بين القانونيين على أن وقف تطبيق قانون العزل الذى أصدره البرلمان هو أمر باطل، وأن لجنة الانتخابات ذات الصلاحيات شبه الإلهية ليس لها حق قانونى فى إحالة قانون العزل للمحكمة الدستورية العليا بعد التصديق عليه، فاللجنة -حسب فقهاء القانون- لجنة إدارية، وليست قضائية، وإحالتها للقانون أمر يشكك فى نزاهة العملية الانتخابية منذ بدايتها، ولا يمكن أن تقبل ثورة عظيمة قامت فى هذا البلد أن يترشح شفيق رئيس وزراء المخلوع مبارك غصبا عن القانون، ناهيك بترشحه غصبا عن إرادة ملايين المصريين الذين ثاروا لإسقاط نظام كان شفيق شريكا فيه وأحد أركانه، ولقد كانت الأنباء التى ترددت عن تقرير من هيئة مفوضى المحكمة الدستورية ببطلان إحالة القانون من لجنة الانتخابات إلى «الدستورية»، مما يؤكد أن عبثا قانونيا قد تم وأضحى العوار القانونى فى ترشيح رئيس وزراء المخلوع واضحا وجليا مما يسهّل الانتصار فى معركة طرد شفيق من قائمة المرشحين وعزله عن الحياة السياسية. معركة العزل سهلة وآليتها واضحة، ضغوط شعبية كبيرة فى كل ميادين مصر ترفع مطلب عزل شفيق من الانتخابات، وكل رموز عصر مبارك البائد، وتوضح لكل المصريين أن «الفريق» ترشح غصبا عن القانون، مع ملاحظة عدم الاستسلام لتقرير المفوضين، فقد يصبح مجرد تهدئة للجمهور الثائر ونصدم يوم الحكم بأمر آخر، لذلك فعلى الذين يتظاهرون أن يستكملوا ضغوطهم فى الشارع حتى عزل شفيق تماما. إذا نجحت القوة السياسية، بوحدتها وبضغوط جماهيرية حقيقية، فى معركة العزل ستكون كل الأمور القادمة أسهل، فعندها يمكن أن تجرى الانتخابات الرئاسية، حتى لو تمت إعادتها بالكامل، ولكن من دون رئيس وزراء المخلوع، وعندها يجب أن يكون بين القوى السياسية اتفاق على الارتضاء بنتيجة الانتخابات أيا كانت، فقط الضمانة التى ستجعل كل الأطراف راضية هى أن رجل مبارك قد تم طرده من قائمة المرشحين وأنه ليس من بين المتنافسين مَن سيكون ولاؤه للنظام البائد بصرف النظر عن أى اختلاف فى التقييم بين مرشح وآخر. اضغطوا من أجل تطبيق «العزل»، واطردوا شفيق رئيس وزراء المخلوع من قائمة المرشحين، وتأكدوا أن المعركة ليست صعبة والانتصار فيها ليس مستحيلا، إذا امتلكنا إرادة الانتصار والإيمان بالثورة وبدماء الشهداء وبحق هذا الوطن فى الخلاص من أسوأ وأقبح الأنظمة التى حكمته على مدار تاريخه الحديث بالكامل.