نقلا عن رويترز – دخلت جماعة الإخوان المسلمين في صراع على السلطة مع العسكريين الذين يديرون شئون مصر بشأن مقدار النفوذ الذي سيحتفظ به الجيش بعد أن يتسلم المدنيون السلطة في غضون ثلاثة أشهر وهو صراع يمكن أن يقرر المدى الذي ستصل إليه الديمقراطية في عهد ما بعد الرئيس حسني مبارك. وقال أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين ومسئول عسكري ل«رويترز» إن الخلاف يدور بشأن دستور البلاد الجديد الذي يوضع من قبل جمعية تأسيسية يشكل الإسلاميون أكبر كتلة فيها، ويتركز على سلطات الرئيس الذي سينتخب قبل منتصف العام وإلى أي حد سيظل العسكريون متمتعين بامتيازاتهم وإلى أي مدى سيكون للجيش تأثير على سياسة الأمن القومي المصري في المستقبل. والإخوان المسلمون على خلاف بالفعل مع الليبراليين واليساريين الذين انسحبو من الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور قائلين «إن الجمعية تعطي وزنا أكثر من اللازم للإسلاميين ولا تمثل التنوع القائم في المجتمع». لكن نتيجة الخلاف مع الجيش الذي يدار بدرجة كبيرة وراء أبواب مغلقة يرجح أن يكون أثرها أكبر بكثير. والصراع دائر بين الطرفين الأكثر نفوذا في عهد ما بعد مبارك وسيحدد مقدار السلطة التي سيحتفظ بها الجيش بعد أن يتسلم الرئيس الجديد المنتخب السلطة في الأول من يوليو. وقال المسئول العسكري الذي طلب ألا ينشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام «الإخوان يريدون سلطات وصلاحيات أكثر مما ينبغي، وهم عندهم نصف الجمعية التأسيسية مما يعني أن لهم السيطرة على صياغة الدستور». ويقول مدحت حداد وهو عضو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين «مطالب الجيش غير منطقية، فهم يريدون التدخل في صياغة الدستور ويريدون فرض شروط على الحكومة». وأضاف «الحكومة الجديدة لا بد أن تشكل من الأغلبية، وإن تعيين وإقالة الحكومة يجب أن يكون في يد البرلمان، فهذه الصلاحيات يجب ألا تكون مع الرئيس». ويقول مسؤولون في جماعة الإخوان إن الخلاف احتدم بين الجانبين في اجتماع مغلق يوم 22 مارس الحالي تبادلا فيه التهديدات قبل شهرين فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية. وقال المسؤول العسكري «لا بد أن يكون هناك لا مركزية في السلطة ونظام الحكم، فالدستور لا بد أن يقسم صلاحيات الرئيس على الحكومة والبرلمان والرئيس». ويريد الجيش أن ينص الدستور على إنشاء مجلس للأمن القومي يضم رئيس الدولة ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية وعسكريين. وسيكون المجلس على غرار مجلس الدفاع الوطني الذي كان في الدستور القديم لكن بسلطات أكثر تحديدا. وقال المسؤول العسكري «هذا المجلس الجديد ستوضع له قوانين تحدد صلاحيات الرئيس وتجبره على مناقشة المجلس في قرارات بشأن الأمن القومي قبل تمريرها». ويشعر الجيش بالاستياء إزاء إمكانية أن يسيطر الإسلاميون على الشؤون الخارجية والأمن القومي وهما مجالان يعتبرهما حيويين لمصالحه. وعلى سبيل المثال يتلقى الجيش معونات عسكرية من الولاياتالمتحدة تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا. ونشرت صحف محلية تصريحات أدلى بها محمود نصر عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة قال فيها إن القوات المسلحة «ستقاتل» من أجل أن تحتفظ بمشروعاتها الاقتصادية التي قال إنها ستتعرض للتخريب والدمار إذا خضعت لإدارة المدنيين. وأضاف أن المشروعات الاقتصادية للقوات المسلحة تجعل نصيب الجيش من ميزانية الدولة قليلا رغم مصروفاته الضخمة. ويهدد النظام الجديد هذا الأمر ويعرض للخطر امتيازات للعسكريين مثل الوظائف المدنية التي يحصل عليها الضباط المتقاعدون بسهولة ومصالح الجيش التجارية الواسعة وكذلك إمكانية الخضوع للمحاكمة مثل مبارك الذي ينتظر الحكم في قضية يواجه فيها اتهاما بالتآمر لقتل متظاهرين خلال الانتفاضة التي أسقطته والفساد المالي. وقال المسؤول العسكري إن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي قال في نوفمبر الماضي إن دور القوات المسلحة سيظل كما كان في الدساتير السابقة وهذا لم يتغير. وجماعة الإخوان المسلمين قريبة من الحكم أكثر من أي وقت مضى في تاريخها الذي إمتد 84 عاما، لكن ذكريات القمع الذي تعرض له أعضاؤها في ظل مبارك وسابقيه لا تزال حية. وقال عضو في البرلمان عن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين إن الجماعة تحتاج إلى الحفاظ على المكاسب التي حققتها وتشعر بأن المجلس العسكري يسحب البساط من تحت قدميها، وقال «هذا صراع على السلطة وليس صراعا من أجل إنقاذ الدولة للأسف».