فى مايو 2008 نشر ممتاز القط، رئيس تحرير «أخبار اليوم»، موضوعا مؤثرا للغاية يتعلق بنزاهة السيد رئيس الجمهورية آنذاك. والموضوع كما كتبه القط يتلخص ببساطة فى أن طردا يتضمن كرتونة بلح قد وصل إلى الجمارك مرسلا من الأمير فهد بن سلطان، أمير منطقة تبوك، إلى السيد حسنى مبارك، وأن مدير الجمارك احتار كيف يقوم بتحصيل مبلغ الجمرك من رئيس الجمهورية، لهذا فقد اتصل بوزير المالية بطرس غالى ليأخذ منه التعليمات، فما كان من بطرس إلا أن عنفه وطلب منه أن يأخذ حق الدولة من الرئيس مثله مثل أى مواطن، وبالفعل تم تحصيل المبلغ من مندوب الرئاسة الذى حضر لتسلم العجوة، وصدر إيصال سداد باسم الرئيس حسنى مبارك برقم 5692006 نموذج 37 وعليه اسم موظف الخزينة عبد الله أحمد بقيمة 65 جنيها عبارة عن 30 جنيها رسم وارد و35 جنيها ضريبة مبيعات. بعد ذلك ثبت أن ما كتبه ممتاز القط هو جريمة تزوير فى محررات رسمية مكتملة الأركان، حيث تبين أن أحدا لم يرسل أى كراتين عجوة لمبارك، وأن الرئيس الحرامى الذى شفط مصر كلها لديه وسائل عديدة لتلقى طرود الماس والزمرد والياقوت وحاويات البنكنوت من أصدقائه فى الخليج بعيدا عن الجمارك، كما تبين أن اللص الهارب بطرس غالى سليل مدرسة الخيانة بالوراثة لم يفعل أيا من الأشياء العظيمة التى نسبها إليه ممتاز القط، وأن الحديث عن إيصال التحصيل مع نشر صورة منه واسم موظف الخزينة، كل هذا كان جزءا من جريمة ممتاز القط، الذى أراد فى ما يبدو أن ينافس زملاءه فى حب الرئيس فاستحضر قدراته المتواضعة فى الحبك والتأليف، وهو يدرك أن شيئا لن يحدث بعد اكتشاف كذب الحدوتة، سوى أن الرئيس سينتبه إليه، وربما يجعله القط الرسمى للرئاسة ويسبغ عليه عطفه وحنانه. والحنان الرئاسى كما نعلم كانت أوضح صوره هى إطلاق يد الأتباع فى نهب المال العام والغرف من الوسية التى أتاحها لهم أبوهم مبارك. لهذا فإننى لم أندهش لخبر استدعاء ممتاز القط للتحقيق معه فى جهاز الكسب غير المشروع بعدما أفادت التقارير أنه حصل لنفسه على مبالغ كبيرة هى قيمة الخصومات العقارية المستحقة لمؤسسته بمساعدة مدير عام الإعلانات، ولم يقم بتوريدها للمؤسسة! وقد أفاد القط فى التحقيقات بأن الحصول على هذه المبالغ لا يخالف لوائح المؤسسة! ومع هذا فقد تعهد بسداد مبلغ تسعمائة ألف جنيه، وبالفعل قام القط بسداد المبلغ لمؤسسة «أخبار اليوم»، وحصل منها على إيصال حقيقى بالسداد (يختلف عن إيصال كرتونة البلح) وقام بتقديمه إلى الجهاز لإرفاقه بملف التحقيق. والحقيقة أن إجراء مشابها لهذا قد تم مع سوزان ثابت، امرأة المخلوع، عند التحقيق معها بخصوص تضخم ثروتها، فقد تم إخلاء سبيلها بعد أن أعادت جانبا من المسروقات. الفرق الوحيد بين سوزان والقط أن الهانم عملوا لها قسطرة فى أثناء التحقيق فدفعت، أما القط فلم يقسطروه على حد علمى، أو ربما قسطروه فى السر حتى تأوه ووافق على الدفع! على أى الأحوال فإن ممتاز القط قد طمأننى وطمأن الجماهير التى كانت تتساءل على الدوام: لماذا يفعل هؤلاء الناس بأنفسهم ما يفعلون وكيف يمرغون سمعتهم فى الوحل بهذه الكتابات المنافقة المقززة فى حب مبارك؟ أظن أن الفلوس التى أرجعها القط تجيب عن السؤال.. لقد فعلوا ما فعلوا من أجل المال والنفوذ.. وهم فى هذا يختلفون عن مفيد شهاب وعلى الدين هلال اللذين أثبت التحقيق معهما براءتهما من التربح والسرقة، وعرفنا أنهما قد ارتكبا فى حق مصر وشعبها كل ما ارتكبا ليس بسبب المال ولكن من أجل التاريخ والشهرة، وفى حب حسنى مبارك وزكريا عزمى وصفوت الشريف.