احتفلت قنوات «الجزيرة» التابعة لجماعة الإخوان ومواقع التواصل الاجتماعى الموالية للجماعة والممولة منها، بتسريب صوتى منسوب إلى اللواء ممدوح شاهين، يتحدَّث فيه عن مكان احتجاز محمد مرسى، اعتبارًا من الثالث من يوليو، وحتى نقله إلى سجن طرة، وبعيدًا عن مدى صحة التسجيل وسلامته، وهو الأمر الذى يحتاج إلى تحقيق نزيه وشفاف، فإن كل ما ورد فى التسجيل يخص اللواء ممدوح شاهين شخصيًّا، وليس أحدًا غيره، بمعنى أن اللواء شاهين كان يجرى اتصالات تليفونية مع أطراف أخرى، يطلب منها بشكل واضح لا لبس فيه وضع لافتة على مكان احتجاز مرسى فى قاعدة تابعة للقوات البحرية فى أبى قير، تقول إن المكان تابع لوزارة الداخلية، أو إنه مستخدم كسجن من قبل وزارة الداخلية. الغريب والعجيب فى الأقوال المنسوبة إلى اللواء شاهين، هو تطوعه بالقول إن عدم الاستجابة لهذا المطلب سوف «يبوظ» قضية التخابر المتهم فيها مرسى، وأنه سوف يخرج براءة من القضية. وأضاف، حسب ما استمعت فى التسجيل الصوتى، أن مرسى سوف يخرج ليحاكمنا. هنا أود تسجيل عدة ملاحظات أولية، منها هل مكان احتجاز مرسى هو القضية المحورية التى سوف تتحكَّم فى مسار محاكمته؟ أم أن الرجل يُحاكم لأنه ارتكب جرائم ضخمة بحق مصر والمصريين، منها نقل أسرار الأمن القومى المصرى إلى دول أجنبية، أى أنه متهم بالتجسس ضد بلاده، وعندما كان يشغل منصب الرئيس؟ هل القضية هى مكان احتجاز مرسى أم جريمة قتل المتظاهرين أمام الاتحادية ومكتب الإرشاد؟ هل القضية مكان احتجاز مرسى أم جرائم قتل وسحل وتعذيب بحق المصريين لا تسقط بالتقادم؟ ومنها ثانية أننا نعلم جميعًا أن الثورة الشعبية التى بدأت فى الثلاثين من يونيو كانت تطالب القوات المسلحة بالتدخُّل والاستجابة لمطالب الشعب، ونعلم أن مرسى كان فى مقر الحرس الجمهورى وجرى نقله قبيل محاولة الاقتحام من عناصر التنظيم، وأنه نقل إلى مكان تابع للقوات المسلحة، وهو المكان الذى زارته فيه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية البارونة كاترين آشتون. بالنسبة إلىّ شخصيًّا هناك عشرات علامات الاستفهام حول دور اللواء ممدوح شاهين، فالرجل لم يخف انحيازه لجماعة الإخوان طوال فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، منذ تنحّى مبارك وحتى تسلم مرسى السلطة، ولعب دورًا بارزًا فى تمكين جماعة الإخوان، بدءًا بدوره فى التعديلات الدستورية التى أباحت تأسيس الأحزاب السياسية على أساس دينى، وصولًا إلى تمكين التيار من السيطرة على مقاليد السلطة فى البلاد. السؤال هنا هو: ما موقع اللواء شاهين الرسمى فى منظومة الحكم اليوم؟ ما وظيفته؟ وما علاقته بما يجرى من محاكمات؟ ما دوره بالضبط؟ المفترض أننا فى حكم مدنى، دولة مدنية. المنسوب إلى اللواء شاهين من تسجيل صوتى يتطلّب تحقيقًا فوريًّا وعاجلًا، ترجح نتائجه على الرأى العام المصرى، هل ما قاله شاهين صحيح؟ وإذا كان كذلك فماذا يريد بالضبط؟وما موقعه داخل النظام؟ وهل يقصد بما قال تشويه النظام الحالى ومنح التنظيم الدولى ورقة لمهاجمة الرئيس السيسى، والحديث عن أن النظام يعمل جاهدًا على «تزوير» بعض الوقائع كى يحاكم مرسى؟ نرجو أن يأتى الرد سريعًا وعاجلًا، حتى تتوقف البلبلة التى سببتها التصريحات المنسوبة إلى اللواء شاهين؟