لقد طفح الكيل من الأخطاء والخطايا التى وقعنا فيها جميعا، الأحزاب السياسية والتكتلات والتحالفات والتشرذم غير المقبول فى وسط وطن ملتهب، يطلب من الجميع أن يشارك فى سبيل إنقاذه مما هو فيه، من تردٍّ وإرهاب وحوادث طرق غير مسبوقة، وأداء مترهل نتيجة لنظام حكم سابق لم يلتفت إلى مصالح الوطن بل كان كل همه الثروة وتهريبها إلى الخارج، وفى جنيف تقابلت مع لجنة استرداد الأموال وما واجهته من مصاعب، وكيف أن فى زمن الإخوان أهمل هذا الملف تماما، هل سوف نبقى متفرجين على ما يحدث فى الفضائيات من بذاءة وشتائم وجهل وفاشية أقسى من الفاشية المعروفة؟ أرجو أن نقف جميعا ونتأمل المشهد جيدا قبل فوات الأوان، وفى هذا الجو الملتهب نقف ونراقب، وفى بداية الاستعداد لانتخابات برلمانية مقبلة سيكون الحوار أشد سخونة والاتهامات المرسلة فى الساحة بغير حدود، هل نستطيع أن نجد من بيننا عاقلا يطفئ هذه النار المستعرة؟ تونس خرجت من هذا المأزق، واستطاعت أن تخرج من خلال وضعها ميثاق شرف بين كل الأحزاب المتنافسة فى الانتخابات فى سبيل مجموعة من القواعد الأخلاقية والسلوكية، ومن القيم والثوابت الوطنية التى من شأنها أن جعلتهم يعبرون هذه المرحلة الصعبة من تاريخهم، واستطاعوا أن يديروا الخلافات وتخطى الأزمات التى مروا بها، وتجمعوا فى الدعوة إلى انتخابات حرة ونزيهة بنبذ العنف والقضاء على أعمال التخويف والترهيب، واتفقوا على عدة مبادئ مهمة، منها أن يكون الناخبون قادرين على التصويت بحرية دون أى شكل من أشكال الخداع أو الابتزاز أو الإفساد، واتفقوا أيضا على الامتناع عن تقديم أى دعاوى كاذبة أو كيدية، واتفقوا أيضا على إعلاء المصلحة الوطنية فى الحفاظ على المسار الديمقراطى، وعدم استخدام النعرات العنصرية أو الجهوية أو الطائفية أو القبلية التى من شأنها أن تمس الوحدة الوطنية، مع عدم التعرض للحياة الخاصة للمرشحين وعدم إطلاق ادعاءات مجافية للحقيقة، وعدم التعرض للمرشحين على أساس العرق أو المعتقد أو التنوع الجنسى أو الأصل الاجتماعى أو الجهوى. عدم سرقة أو تشويه الدعاية، إلى جانب عدم استغلال المناصب فى الدعاية الانتخابية، وعدم استخدام الموارد العمومية، مع حياد دور العبادة فى العملية الانتخابية، مع السماح للصحافة أن تمارس دورها دون تقييد. هذا جزء قليل من تفاصيل كثيرة أنا أعلم جيدا أن المناخ مختلف عن تونس، وأعلم أيضا أن المجتمع المدنى واتحاد الشغل أقوى بكثير، وأعلم أيضا أن كثيرا من الخطوات التى ذكرتها موجودة فى قوانين الانتخابات المصرية. أنا أطلب أن تتشاور الأحزاب جميعها فى هذا الأمر، تتفق أو تختلف، وأن يصلوا إلى صيغة يلتزم بها الجميع، ليس المهم أن تصدر القوانين، لكن المهم أن يتشارك الجميع فى الاتفاق، لأنهم الشركاء الحقيقيون فى هذه الانتخابات.. هل نستطيع أن نعلى مصلحة الوطن عن مصالحنا ونعلن هذا الميثاق ليرى العالم كيف انتقلنا بعد ثورة 25 يناير إلى شكل جيد بالفعل؟ هل نستطيع؟.. السؤال للجميع. الحرية للشعب المصرى.