لا يخبرنا أحد فى مصر عن أضرار الأكياس البلاستيك، لدرجة قد يبدو معها المقال لكثير من القراء هامشى ونخبوى، وهذا مفهوم فى ظل غياب مناقشة قضايا البيئة فى الإعلام المشغول بالصراعات والسياسة، أو فى مؤسسات التعليم المختلفة التى تعانى عدم الاستقرار. قد تبدو مناقشة قضايا البيئة فى مناخ سياسى وثقافى مشحون رفاهية، ويعتقد غالبية المصريين أنها قضية مستوردة مثلها مثل الاحتفال ب«الهالوين»، وأنها تنتمى إلى أولويات العالم المتقدّم، وبالتالى لا تهمنا، لكن هذه معتقدات خاطئة، مسألة استعمال أو عدم استعمال الأكياس البلاستيك فى دولة ما قرار سياسى من الدرجة الأولى، يأخذ عادة البرلمان قرارات بشأنها، لكن أولا ما مشكلة الأكياس البلاستيك؟ ما لا يخبروننا به فى مصر أن الأكياس البلاستيك -رغم خفة وزنها وعمليتها ومتانتها النسبية وسهولة تخزينها وإعادة استخدامها- تتسبّب فى عدد كبير من الأضرار على المدى الطويل، لأنها مصنوعة من مادة النايلون، ولا تتحلل عضويا، وبالتالى تشكِّل عبئا على النظام البيئى ليتخلَّص منها، وتتسبّب الأكياس البلاستيك التى تنتهى مع القمامة إلى الأنهار والبحار والمحيطات، فى اختناق كثير من الكائنات البحرية، وتتسبّب فى أمراض الجهاز الهضمى وموتها عندما تبتلع أجزاء من الأكياس، وبالتالى قد تهدد بعض أنواع الكائنات بالانقراض بما يخلّ بالتوازن البيئى، أما إن لم تصل الأكياس البلاستيك إلى المحيطات فهى من الممكن أن تنتهى فى معدة ماعز أو خروف، ممن أكلنا من لحمها منذ أسابيع قليلة فى عيد الأضحى، خصوصا أن مراعى الخرفان تحوَّلت عندنا من الخضرة والحشائش إلى المخلفات الصلبة أو «الزبالة». ما لا يخبروننا به فى مصر أن حرق الأكياس البلاستيك يؤدى إلى انبعاث غازات مضرّة وسامّة تضيف إلى التلوث الهوائى الذى نعانيه أساسا. ما لا يخبروننا به فى مصر أن نقل وتخزين وتغليف المواد الغذائية، خصوصا الساخنة، فى الأكياس النايلون يجب أن يتبع قواعد السلامة الغذائية، لأن ليست كل الأكياس آمنة على المأكولات، ويؤدى استخدام الأكياس السوداء تحديدا أو الأنواع الرديئة التى لا تطابق المواصفات إلى أمراض خطيرة، كالسرطان. ما لا يخبروننا به فى مصر أن دولا أخرى أكثر فقرا وتأخرا منعت الأكياس البلاستيك، مثل رواندا وتنزانيا وبنجلاديش، وأن دولا عربية أخرى، مثل السعودية والكويت، منعت استخدام الأكياس كذلك، وتقوم هذه الاستراتيجية على تقليل استهلاك الأكياس، وإجبار المشترى على دفع ثمنها فى السوبر ماركت، وقد أدت هذه الاستراتيجية منذ 10 سنوات فى ألمانيا مثلا إلى التقليل من استهلاك المواطن للأكياس من 328 كيسا إلى 18 كيسا فقط سنويا، وجعلت كثيرين يستعملون الأكياس الورقية أو القماش بديلا أكثر حفاظا على البيئة. متى نرى فى مصر أى تغيير يقوم على حملة تنموية منظمة لإقناع المواطنين بما فيه صالحهم وليس فقط صالح الحُكَّام؟