تجري عمليات الاقتراع لانتخاب البرلمان التونسى في ظل الدستور الجديد، الذي تمت المصادقة عليه في 26 يناير الماضي ويمنح صلاحيات واسعة للبرلمان ورئاسة الحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئاسة الجمهورية. ويضم المجلس 217 نائبا بينهم 199 عن 27 دائرة انتخابية في الداخل و18 نائبا عن 6 دوائر في الخارج. تأتى الانتخابات بعد 4 سنوات على الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، يقترب التونسيون من تطبيق نظام ديمقراطي كامل بانطلاق الانتخابات البرلمانية، اليوم الأحد، وسط إقبال هائل من الناخبين وإجراءات أمنية مشددة. ويعتبر حزب النهضة الإسلامي المعتدل وتحالف نداء تونس العلماني، الذي يضم على السواء معارضين سابقين للرئيس السابق بن علي ومسؤولين سابقين في نظامه، الحزبين الأوفر حظا للفوز بمعظم مقاعد البرلمان. لكن يشارك عدد كبير من الأحزاب والحركات السلفية والاشتراكية ما يشير إلى احتمال تشكيل حكومة ائتلافية. وعقب إدلائه بصوته قال رئيس الوزراء التونسي، مهدي جمعة، إن الانتخابات ستنقل البلاد إلى مرحلة الاستقرار، التي تحقق الأمان وما يتطلع له الشعب التونسي. كما أدلى الرئيس التونسي منصف المرزوقي بصوته لصالح حزبه السابق الذي أسسه «المؤتمر من أجل الجمهورية». وتتنافس في الانتخابات التشريعية 1327 قائمة؛ 1230 قائمة في الداخل و97 في الخارج موزعة على 33 دائرة انتخابية 27 في الداخل و6 في الخارج بحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلفة تنظيم هذا الاستحقاق المهم. وتضم القوائم الانتخابية أسماء نحو 13 ألف مرشح على أساس مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة الواحدة، وفق القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات التشريعية، ثم الرئاسية المقررة في 23 نوفمبر المقبل. ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت 5 ملايين و285 ألفًا و136 بينهم 359 ألفًا و530 يقيمون في دول أجنبية، بحسب إحصائيات هيئة الانتخابات. وبلغ عدد التونسيين الذين شاركوا في عملية الاقتراع بالخارج في الانتخابات التشريعية خلال يومين 63940 أي ما يعادل 18% من العدد الإجمالي للناخبين المسجلين وفق ما أعلنت عنه عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فوزية الدريسي خلال ندوة صحفية مساء السبت. وعلى عكس انتخابات 2011 التي أمكن التصويت فيها بمجرد بطاقة إثبات الهوية، لا يحق هذه المرة التصويت لغير المسجلين ضمن سجلات الاقتراع. وأعلن شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الناخبين في الداخل سيتوجهون إلى 11 ألف مكتب اقتراع يشرف عليها نحو 50 ألفا من أعضاء الهيئة، موضحا أن كل مركز اقتراع لن يقبل أكثر من 690 ناخبا تفاديا للازدحام. وأكد أن 9 آلاف مراقب تونسي وأجنبي سيتابعون الانتخابات التشريعية. وبحسب القانون، يتعين على هيئة الانتخابات أن تعلن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في فترة أقصاها الأيام الثلاثة التي تلي الاقتراع والانتهاء من الفرز الذي يبدأ فور انتهاء عمليات التصويت. على أن تعلن النتائج النهائية خلال فترة 48 ساعة من آخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية. وفاز حزب النهضة بمعظم المقاعد البرلمانية في الانتخابات الأولى وقاد ائتلافا قبل أن تجبره أزمة بشأن حكمه وقتل زعيمين علمانيين إلى إبرام اتفاق للتخلي عن السلطة لرئيس وزراء مؤقت. لكن تقول قيادات النهضة أنهم تعلموا من أخطائهم في السنوات الأولى بعد الثورة بعد تعرضهم لانتقادات بسبب سوء الإدارة الاقتصادية والتساهل مع الإسلاميين المتشددين. وستحتاج الحكومة الجديدة إلى تعزيز النمو وفرص العمل لتونسيين كثيرين يشعرون بعدم حصولهم على أي مزايا اقتصادية من الثورة، ولكن سيتعين عليها أيضا تطبيق إجراءات تقشفية صارمة لخفض الدعم العام. ومن القضايا الملحة أيضا معالجة التهديد الذي يشكله المتشددون بما في ذلك جماعة أنصار الشريعة المتطرفة.