جامعة حلوان تواصل إجراءات الكشف الطبي لطلابها الجدد للعام الدراسي 2024-2025    إنطلاق فعاليات مبادرة «بداية» للأنشطة الطلابية بكليات جامعة الزقازيق    محافظ الجيزة يتابع مخططات التطوير ورفع الكفاءة للطرق وتحسين الرؤية البصرية    بدون حجز للطلاب.. «ابتداء من هذا الموعد» السماح بركوب القطار لحاملي الاشتراكات (الأسعار)    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وموعد الزيادة الجديدة    محافظ قنا: استلام 2 طن لحوم من صكوك الأضاحي    محافظ بني سويف يشارك في افتتاح معرض النباتات الطبية والعطرية بالفيوم    أول تعليق من حزب الله بعد اغتيال نصر الله    أعداد الشهداء في ارتفاع مستمر بقطاع غزة.. فيديو    رسميا.. ريال مدريد يعلن حجم إصابة كورتوا    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    إنبي يُطالب الزمالك ب 150 ألف دولار بعد تحقيق لقب السوبر الإفريقي    اضطراب في حركة الملاحة على شواطئ مدن البحر المتوسط    إصابة 4 أشخاص في حادثي سير بالمنيا    14 أكتوبر.. «إعلام البريطانية» تنظم المهرجان الدولي للأفلام بمشاركة 115 دولة    الثقافة تختتم الملتقى 18 لشباب المحافظات الحدودية بأسوان ضمن مشروع "أهل مصر"    «زوج يساوم زوجته» في أغرب دعوي خلع ترويها طبيبة أمام محكمة الأسرة (تفاصيل)    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    وكيل فهد المولد يكشف تطورات أزمة اللاعب الصحية    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة بحوش عيسى في البحيرة    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    ندوات توعوية لطلاب مدارس أسيوط حول ترشيد استهلاك المياه    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    برنامج تدريبي لمواجهة العنف والإيذاء النفسي في المجتمع بجامعة القناة    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معانا «الدُّرَة المشوي»!
نشر في التحرير يوم 17 - 10 - 2014

بالتزامن مع الدراسة فى المرحلة الإعدادية بدأ اسمى يلمع فى مدينة طنطا من خلال مباريات الكرة الشراب، فكنت ضيفًا دائمًا على كل المباريات، للصغار والكبار، وكنت أشارك لاعبًا مع الصغار وحارسًا مع الكبار، وأصبحت أول محترف للكرة الشراب فى طنطا، فقد كان لى أجر فى المباريات بصرف النظر عن الفوز أو الهزيمة، إذ كان يتراوح بين خمسة قروش وخمسين قرشًا، طبقًا لأهمية المباراة، أما الدورات الرمضانية فكنت أشارك فى مقابل جزء من مكافأة الدورة، فأولًا لم أكن أدفع الاشتراك فى أى دورة، وثانيًا كنت أشترط مثلًا الحصول على ربع المكافأة المخصصة للدورة، فكنت أكسب مبالغ لا بأس بها، خصوصًا أن الفوز غالبًا ما يكون من نصيب الفرق التى أشارك فيها، وكانت الجماهير تتابع الدورات التى أشارك فيها، ورغم قصر قامتى نسبيًّا فإن ثقة الجميع فى مستواى والبطولات التى حصلنا عليها فى جميع أنحاء طنطا جعلتنى أختار الفرق والدورات التى أشارك فيها، ومع ذلك لم يسعفنى الحظ للمشاركة فى أكبر دورة للكرة الشراب فى طنطا سنويًّا، وهى دورة السيد البدوى، وكانت تُقام فى شهر رمضان سنويًّا وتستمر حتى نهاية الشهر.
ومن المفارقات الطريفة أنه كان يوجد فى طنطا حارس هو الأشهر بين كل الحُرَّاس، وكان يُسمى «الأخرس»، وكنت أعتقد أن هذا هو اسمه، إلا أن المفاجأة كانت فى كونه أخرس لا يسمع، ولا يتكلم، وتابعته عن قرب وكنت أختار مكانى من بين نحو خمسة آلاف متفرج بجواره فى محاولة للتعرُّف على إمكانياته الفنية، فاكتشفت أنه حارس ضعيف فنيًّا للغاية، كل ما فى الأمر أن الناس كانت تتعاطف معه لأنه أخرس وحاولت مرارًا وتكرارًا أن أقنع المسؤولين عن الدورة بإشراكى مكانه، إلا أنهم رفضوا بشدة وتمسَّكوا بوجوده أساسيًّا فى الفريق، والجميل أن هذه الدورة كان ينظّمها أحد أهم أقطاب الزمالك فى طنطا، وهو العربى الخضراوى وشقيقه فاروق، وكانا متعصبَين لنادى الزمالك، لذلك كانت سعادتنا طاغية عندما تتم دعوة أحد النجوم الكبار فى نادى الزمالك للمشاركة أو لمشاهدة الدورة، وكنا نتقرّب كثيرًا من الأخوين الخضراوى فى محاولة لمصافحة نجوم الزمالك الذين نراهم فى التليفزيون ودائمًا كانت محاولاتنا تبوء بالفشل، نظرًا لصغر الحجم والسن، والطريف أننى وبعد سنوات من التحاقى بالنادى الأهلى كنت حريصًا على اصطحاب نجوم النادى الأهلى الكبار والمشاركة فى هذه الدورة، فجاء مختار مختار وصفوت عبد الحليم ومحمد عباس وجمال عبد الحليم وربيع ياسين وحمدى جمعة وخالد جاد الله وغيرهم كثير من نجوم النادى الأهلى، ويبدو أنها كانت رغبة دفينة فى رد اعتبارى لعدم مشاركتى فى هذه الدورة، والطريف أيضًا أنه بعد سنوات طويلة عند ترشيحى لمجلس الشعب كانت الكرة الشراب قد انتهت تمامًا وحلت محلها الكرة الكبيرة، إلا أن الخضراوى طلب منّى بإلحاح محاولة إحياء هذه الدورة، وبالفعل حصلت على موافقة أجهزة الأمن ولعبنا مباراة افتتاحية، فى محاولة لإحياء الكرة الشراب، ولكن لم تنجح الفكرة نظرًا لجهل الكثيرين بالكرة الشراب، ولكن الأهم أننى حصلت على تأييد أسرة الخضراوى فى انتخابات مجلس الشعب وهى عائلة لها قوتها وثقلها فى طنطا، وبالتحديد فى ميدان السيد البدوى، وتلك قصة أخرى سنعود إليها فى ما بعد.. بدأت العلاقة تتوتر مع والدى بسبب انشغالى الشديد بدورات الكرة وكانت أُمى هى الأخرى بدأت فى الشكوى منى حيث ملابسى كانت بتتقطع وأحذية الكرة الكاوتش هى الأخرى، فانقلبت أُمى هى الأخرى لأنها، على حد قولها، مش ملاحقة على غسيل لبسى بالمقارنة بإخوتى، وبدأت فى الشكوى منّى، فأقسم لى أبى أنه لن يدفع لى مصروف المدرسة لو استمريت فى لعب الكرة الشراب، ولم أهتم كثيرًا بتهديده، إلا أن شقيقتى أخبرتنى أن أبويا سينفذ تهديده، ولحسن الحظ كان معى مبلغ جيد كسبته من الفوز بالدورات فى شوارع وحوارى طنطا، فاخترعت أنا وبعض زملائى مشروعًا تجاريًّا لطيفًا للغاية وهو بيع الذُّرة فى شارع البحر ليلًا، فكنا نذهب فى الخامسة فجرًا إلى الغيطان فى منطقة قحافة المجاورة لمدينة طنطا ونشترى الذرة ونقف بدءًا من الساعة السادسة عصرًا حتى العاشرة ليلًا نشوى الذرة ونبيعه والغريب أن مكسبه كان محترمًا جدًّا وبعد شهر تقريبًا حوشت مصاريف المدرسة ومعاها حق جزمتين كاوتش، بل كان لدىّ من الخبث ما يكفى لإعطاء أمى جنيهًا كاملًا بحجة شراء فاكهة للبيت، وأذكر يومها أنها اتخضت بشدة خوفًا من أن أكون حصلت عليه بطريقة غير مشروعة ولما حكيت لها القصة توسطت مرة أخرى لدى الوالد وأقنعته أننى شاطر، وأن الملابس لم تعد تتسخ وكسبت قلب أمى ورضاها من جديد ورضخ والدى للأمر الواقع وسلم أمره لله بشرط أن أحافظ على الصلاة والمذاكرة وأن لا يتكرر المجموع الضعيف فى الإعدادية، وبالطبع تظاهرت بالموافقة ولكن الحقيقة أن والدى نصحنى وقتها أفضل نصيحة وهى بلاش يا ابنى لعب الشوارع ودوَّر على نادى يكون أحس ليك ولم أكن أعرف ناديًا فى طنطا غير نادى طنطا الرياضى وكان له مواعيد اختبار سنويًّا وكالعادة ذهبنا جماعة أنا وفريق الكرة الشراب للاختبار تحت قيادة الكابتن الغمرى، وهو بالمناسبة من علامات المدربين فى طنطا، حيث لم نكن نعرف سوى اسمه هو وشقيقه الكابتن نبيل الغمرى، فقد كان الرجل مسؤولًا مسؤولية كاملة عن كل شىء داخل نادى طنطا مثله مثل الراحل مصطفى حسين فى النادى الأهلى.
وأضعت كل مدخراتى فى شراء ملابسى من أجل الظهور بمظهر جيد فى اختبارات طنطا وذهبنا جميعًا فقابلنا الكابتن الغمراوى وسأل كل واحد فينا عن مركزه، ولما أجبته بأننى حارس مرمى رفض تمامًا اختبارى واختبر جميع زملائى إلا أنا ومع إصرارى ذهبت إليه مرة واتنين وتلاتة إلا أنه رفض بإصرار عجيب جدًّا وسألته عن السبب، فقال لى إنت قصير، ولا تصلح لأن تكون حارس مرمى، والغريب أنه فى هذا الوقت كان يحرس مرمى طنطا حارس قدير اسمه عجيبة، وكان قصير القامة جدًّا ولكنه كان موهوبًا للغاية، بل الأغرب من ذلك أن الكابتن الغمرى نفسه كان قصيرًا للغاية، ورغم ذلك لم أيأس وانتظرت حتى الأسبوع التالى وذهبت للرجل مقدمًا له نفسى فشخط فىّ بعنف، وقال يا ابنى مش قلت لك إنك قصير وما تنفعش تبقى جون، وتظاهرت بالدهشة وقلت له: أنا.. أنا أول مرة آجى هنا وبعدين أنا مش جون أنا لاعب مهاجم، فقال لى إنت ليك أخ بيقف جون فأجبته بنعم فاعتذر لى وأدخلنى التقسيمة وبعد دقيقتين بالضبط نادى علىّ وقال لى: مبروك. إنت حتبقى لعيب فى نادى طنطا، لأنك لعيب هايل، ودون أن أدرى طلبت منه أن يجرّبنى فى مركز حراسة المرمى فاكتشف الخدعة وطردنى مرة أخرى من النادى، وقال بالحرف الواحد: لو شفتك ماشى فى شارع النادى حاقطع رجلك.
وكانت ليلة سوداء فى حياتى فالنادى الوحيد فى طنطا رفضنى وقصة حراسة المرمى فى طنطا يبدو أنها لن تنجح، وحتى محاولات العودة للعب فى أى مركز لن تنجح بسبب تهديدات الكابتن الغمرى، ولأول مرة يظهر عمّى عبد الشفيع، عليه رحمة الله، فى الصورة حيث كان أهلاويًّا متعصبًا ويعرف حلمى وأملى، فذهبت إليه وشكوت له ما حدث معى فضحك بعنف، وقال لى بالحرف الواحد فاكر القلم اللى خدته على وشك منى؟ وهو قلم لا يمكن أن أنساه، حيث كان عمى عبد الشفيع مدرسًا للغة الإنجليزية وكنت آخذ درسا خصوصيا عنده طبعًا بالمجان مع أربعة من الزملاء ودائمًا كنت الأشطر فيهم، إلى أن جاء يوم وزوّدت الهزار فى الحصة ومعاها كترت أخطائى، فما كان منه إلا أن صفعنى بالقلم بعنف على وجهى ويومها صممت أن لا أعود إليه مرة أخرى أبدًا أيًّا كان الثمن، ولكنى فوجئت به يزورنا فى منزلنا ويصالحنى أمام أبى ويقول لى: يا ابنى إحنا مش بتوع هزار خليك جد على طول وصمم على أنك تكون الأشطر فيهم لأنك لو اتدلعت ماحدش حيساعدك لكن همّا أهاليهم وراهم وبيدفعوا فلوس وإياك إنك تفكر نفسك أحسن واحد وإياك كمان إنك تزعل وتقول مش هاجى تانى، ويومها أيقنت وتعلمت الدرس وعرفت ماذا يقصد عمى بدرس القلم، وقررت أن أبحث عن نادٍ آخر حتى لو كان صغيرًا كى أثبت للكابتن الغمرى ولكل الناس موهبتى وأحقّق أحلامى فى أن أصبح لاعب كرة مشهورًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.