جائت حيثيات محكمة الاستئناف الأخيرة برفض طلب الناشط أحمد دومة برد هيئة المحكمة عن نظر القضية المعروفة ب«أحداث مجلس الوزراء» لتلقي الضوء على ظاهرة تقدم كثير من المتهمين بطلبات لرد المحكمة دون أن يكون هناك أية أسباب فعلية لذلك، وهو ما يستدعي الإجابة على تساؤلات مثل هل من حق المتهم أن يختار قاضيه؟ هل القانون يلزم القضاة بالاستجابة إلى كافة طلبات الرد؟ لماذا لا يفوت القضاة على الخصوم فرصة إطالة أمد التقاضي وتعطيل المحكمة؟ متى يستشعر القاضي الحرج؟ هل طلبات الرد هي الباب الخلفي لتأجيل الفصل في قضايا بعينها؟ ولماذا النص عليها في القانون رغم عدم صدور أحكام قضائية بقبول تلك الطلبات من أي محكمة حتى الآن؟ أشهر طلبات الرد تجلت ظاهرة رد المحكمة مؤخرًا، ومن أشهر ما حدث في هذا الشأن طلب عدد من المحامين والمدعين بالحق المدني، برد هيئة محكمة مبارك برئاسة المستشار أحمد رفعت، وهو ما أجل الفصل في دعوى قتل المتظاهرين إلى ما يزيد عن 3 أشهر وأعقبها حيل محامي جماعة الإخوان المسلمين في تأجيل الفصل في كافة الطعون التي أقيمت ضد الجمعية التأسيسية الأولى والثانية والإعلان الدستوري الأخير لمرسي أمام محكمة القضاء الإداري حيث تقدم محامو الجماعة بطلبات لرد المحكمة بتشكيلاتها المختلفة، وهو ما أجل الفصل في تلك الدعاوى عدة أشهر إلا أن القاسم المشترك بين جميع طلبات الرد التي قدمت إلى المحاكم المختلفة كان رفض المحكمة لتلك الطلبات والتأكيد على أنها لا تستند إلى أي مبررات قانونية وإنما لا تعدوا كونها مراوغة وحيلة من الخصوم لإطالة أمد التقاضي ولعلمهم بأن نظر الدعوى يتوقف بمجرد طلب أحد المتهمين لذلك. المدعي لا يختار قاضيه المستشار أحمد عاشور رمضان بهيئة قضايا الدولة بقنا، وعضو اللجنة الإعلامية لنادي مستشاري قضايا الدولة يؤكد أن القاعدة العامة أن المدعي لا يختار قاضيه، وإنه لا يجوز الإخلال بهيبة المنصة من خلال التشكيك في القضاة، وإلا لفقد المواطنون الثقة في القضاء، ويئس الناس من الحصول علي حقوقهم، فتنهار العدالة التي هي إحدى مقومات الدولة. وأضاف أن المشرع حرص في ذات الوقت، على أن يضع القوانين التي تطمئن المدعين على حياد المنصة، والتأكيد على أن القاضي الذي يتولى الفصل في المنازعة ليست له أية دوافع شخصية تجعله يميل إلى هذا الطرف أو ذاك، لافتًا إلى أن المشرع عالج هذا الأمر حتي لا يسارع المدعي بطلب رد القاضي لأسباب قد تقوم على مجرد الهواجس والوساوس والظنون. وتابع: «وفقًا لقانون المرافعات المدنية المصري رقم 13 لسنة 1968 هناك خمس حالات محددة على سبيل الحصر، تؤدي بذاتها الي عدم صلاحية القضاة لنظر الدعوى وتنحيهم عنها، كما حدد ذات القانون أربع حالات أخرى تبيح طلب رد القضاة، ومن أهم حالات عدم صلاحية القضاة لنظر الدعوى، ما تضمنته المادة «146 مرافعات» من أن يكون القاضي قريبًا لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة، وكذلك إذا كان القاضي قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى ذاتها أو كتب فيها، ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظر هذه الدعوي قاضيًا أو خبيرًا أو محكمًا، وشدد «عاشور» على أن المشرع أورد تلك الحالات بعبارات محددة منضبطة على سبيل الحصر، فلا يجوز القياس عليها أو التوسع فيها. وأردف: «أما عن أهم الحالات التي تبيح طلب رد القاضي، المادة "148 مرافعات" نصت على أن توجد للقاضي -أو لزوجته- دعوى مماثلة للدعوى التي ينظرها، إذا وجدت له خصومة مع أحد الخصوم. وأيضا إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل، وقد تضمن القانون النص علي أنه يترتب علي تقديم طلب الرد وقف الدعوى الأصلية، على أن تختص دائرة أخرى –أعلى- في المحكمة نظر الطلب، وعليها أن تحكم فيه في موعد لا يتجاوز شهرين. ولا يجوز استجواب القاضي لكن عليه أن يبدي ملاحظاته على الطلب، ويتلي الحكم الصادر في طلب الرد في جلسة علنية». عقوبة طالب الرد كفالة مالية عادة ما نقرأ أن المحكمة رفضت طلب فلان برد المحكمة وغرمته مبلغ مالي ويظل حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 9/12/2012 من المستشار إبراهيم إسماعيل هو الأشهر في هذا الصدد حيث غرمت المحكمة وقتها محامو جماعة الإخوان مليون و470 ألف جنيه لتقدمهم ب36 طلب لرد الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري وإبعادها عن الفصل في دعاوى إلغاء الإعلان الدستوري، رغم تقدم محامي الجماعة بما يفيد تنازلهم عن تلك الطلبات وهو ما فسره المستشار أحمد عاشور، بأن طلب رد القاضي يمثل اضطراب في سير العدالة، خاصة وأن البعض قد يستخدمه للمماطلة أو للكيد أو لتأخير الفصل في الدعوى، مضيفًا أن المشرع وضع العديد من الضوابط والقيود حتي لا يساء استخدام طلب الرد فاشترط القانون، على طالب الرد أن يودع كفالة مالية مع طلبه، على أن تصادر هذه الكفالة في حالة رفض الطلب. وتابع: «أوجب القانون أن يحكم علي طالب الرد بغرامة مالية إذا لم يقبل طلبه أو إذا رفض كما أن القانون بالمادة 165 مرافعات أتاح للقاضى إذا حكم برفض طلب رده أن يقيم دعوى تعويض على طالب الرد». تدخل تشريعي اعتبر المستشار أحمد عاشور عضو اللجنة الإعلامية بنادي مستشاري هيئة قضايا الدولة، أن الحل الأمثل لمواجهة محاولات البعض في استغلال حق التقاضي ورد المحكمة، هو إدخال تعديل تشريعي على قانون المرافعات لتحديد مده معينه للبت فى طلبات الرد المقدمه من المتهمين وتحديد وقت قصير لإعادة تشكيل الهيئة الجديدة إذا قبلت المحكمه طلب الرد على ألا تزيد عن أسبوعين حتى لا تكون وسيلة للتعطيل والمماطلة فيجب الإضافه للنص الحالي تحديد وقت فحص الطلب وإعادة التشكيل.