فى غمار تحليلات زيارة الوفد العسكرى المصرى إلى واشنطن للوقوف على تطورات العلاقة بين البلدين فى هذه المرحلة الدقيقة، رأت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية فى زيارة الوفد محاولة من الجانب المصرى ل«رأب الصدع» الذى شاب العلاقة بين البلدين خلال العام الماضى بعد تدنيها، نتيجة للغارات التى تعرضت لها المنظمات الأجنبية الداعمة لحقوق الإنسان والديمقراطية وحظر السفر الذى تم فرضه على العديد من الموظفين الأمريكيين فى هذه المنظمات، ومن ضمنهم «سام لحود» مدير مكتب المعهد الدولى الجمهورى الداعم للديمقراطية ونجل وزير المواصلات الأمريكى. هذه الهجمات كما يقول شارلز ليفنسن ومات برادلى فى تقريرهما أدت إلى تهديد التحالف الذى يعد ركيزة أساسية فى استراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية بالشرق الأوسط، حيث يقوم الكونجرس بدراسة خفض 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية لمصر. يستمر الوفد المصرى فى زيارته لواشنطن لمدة أسبوع، وفقا لما ذكره مسؤولون أمريكيون، يقوم خلالها بعقد اجتماعات بوزارة الخارجية ولقاءات مع أعضاء الكونجرس والبنتاجون، كما ستكون الهجمة على المنظمات الحقوقية وحظر السفر على بعض موظفيها محل نقاش، وفقا لتقرير الصحيفة، وقد أكد المسؤولون الأمريكيون أن واشنطن ستكون واضحة فى تأكيدها أن المساعدات المالية لمصر من الممكن أن تقف فى حال إذا لم تشهد البلاد تطورا فى الإصلاحات الديمقراطية خلال الأشهر القادمة، وقد علق أحد المسؤولين بواشنطن قائلا «هذا أمر لا نريد حدوثه، ولكن المصريين بحاجة إلى أن يفهموا أن ثمة مطالب لا بد أن يوفُّوا بها من أجل استرضاء الكونجرس الأمريكى». ويضيف التقرير أن ما حدث من خلاف بشأن الهجوم على المنظمات الأوروبية والأمريكية وتشكيل لجنة التحقيق بتكليف من وزيرة التعاون الدولى السيدة فايزة أبو النجا، سلط الضوء عليها باعتبارها واحدة من أكثر النساء نفوذا فى مصر الآن، وقد وصفها التقرير بأنها من أبرز معارضى الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد سعيها لقطع المساعدات الغربية لمنظمات المجتمع المدنى بمصر وضغطها لإعادة هيكلة هذه المساعدات وتحويل 250 مليون دولار من هذه المساعدات الاقتصادية الأمريكية إلى هِبة تسيطر الحكومة المصرية عليها بشكل كامل. هذا المسعى من جانب وزيرة التعاون الدولى أثار غضب عديد من الدبلوماسيين الغربيين، على حد وصف الصحيفة، بما فيهم أكبر الممولين لمصر -أى واشنطن والاتحاد الأوروبى- إضافة إلى عدد من نشطاء حقوق الإنسان بمصر. السيدة فايزة أبو النجا التى ظلت فى منصبها، وزيرة للتعاون الدولى خلال عمليات تطهير نظام مبارك فى الآونة الأخيرة، صعد نجمها كشخصية سياسية صادقة ذات خطاب قومى وطنى تتحدى الغرب بتصريحاتها وتتمتع بعلاقة وثيقة مع الجيش المصرى، ويرى التقرير أنها تحاول أن تكسب زخْما حتى وإن أدت إلى الإضرار بالعلاقات المصرية الأمريكية والأوروبية، وهو ما يعد إشارة جديدة على تدهور العلاقات المصرية مع واشنطن والغرب، وقد رفضت أبو النجا التعليق على هذا الهجوم الوارد فى التقرير. فى الوقت ذاته يتحدث بعض المسؤولين الأمريكيين بالقاهرة عن نوع من التحالف الدولى يتم الآن ضد فايزة أبو النجا وصرح أحدهم: «لا بد من إرسال رسالة دولية بشكل واضح وصريح بأن ما تفعله الوزيرة لمصر هو أمر رهيب.. نود أن نقدم حلا للعمل معها ومع السلطات المصرية لتقديم خبراتنا فى كيفية تشكيل الإطار القانونى للعمل بفاعلية مع المنظمات غير الحكومية». وقد أورد التقرير تعليقا للدكتور المعتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مؤداه أن رسالة أبو النجا مفادها أن «مصر دولة ذات سيادة لها حكومة شرعية لا تخضع للتهديدات الأمريكية».