لا أظن أن هناك صاحب ضمير وطنى حى لم يعد يدرك الحاجة إلى تعديل قانون التظاهر. القوى السياسية تتفق على هذا المطلب، ومعظم المسؤولين لا ينكرون ذلك وإن كان الخلاف على التوقيت. والتطورات الداخلية والإقليمية تحتم الإسراع بهذه الخطوة. والتعديلات التى اقترحها مجلس حقوق الإنسان تلقى توافق الجميع. تنظيم حق التظاهر السلمى أمر طبيعى. ولكن المشكلة أن هذا القانون صدر فى وقت كان «الإخوان» فيه ينشرون إجرامهم ويمارسون أعمال القتل ويجتمعون فى مسيرات أبعد ما تكون عن السلمية. يستخدمون فيها كل الأسلحة من المولوتوف إلى الرصاص ويعمدون لحرق المنشآت وتعطيل الحياة وتدمير ما يستطيعون تدميره من الممتلكات الخاصة والعامة. وكلها جرائم لا علاقة لها بحق التظاهر السلمى، وتخضع لقانون العقوبات الذى كان لا بد من تطبيقه بكل حسم على هذه الفئة الضالة الخائنة للوطن والمسيئة لكل مبادئ الإسلام الحنيف. جانب آخر من المشكلة.. وهو أن القانون صدر فى وقت كانت فيه الدولة تواجه «إخوان الإرهاب» وحلفاءهم، بينما كان «البعض» يريد تصفية حساباته مع قوى الثورة، ويتصور أن الفرصة قد جاءته بعد «30 يونيو» لينتقم من ثورة يناير التى أسقطت حكما فاسدًا واستعادة مصر لأبنائها حتى وإن تعثرت بعد ذلك، أو تم تسليمها وتسلم الوطن لحكم الجماعة الفاشية الذى لم يستمر إلا عاما واحدًا بعد أن توحدت مصر مرة أخرى شعبا وجيشا لتستعيد ثورتها وتنقذ وطنها. وهكذا شهدنا حملة شرسة تريد تشويه ثورة يناير العظيمة، وتصفها بأنها مؤامرة!! ورأينا أموالا هائلة تصرف على فضائيات مشبوهة وإعلام رأى، ورأينا وجوها شائهة تطل علينا من جحورها، ورموز فساد تريد استعادة نفوذها، ورأينا استغلالا لأخطاء فردية قد يكون بعض الشباب وقع فيها للإساءة إلى حركة شعب بأكمله خرج منه ما يقرب من عشرين مليون ليسقطوا النظام ويبهروا العالم بثورتهم السلمية العظيمة. ورغم أن الدستور قد أكد وحدة ثورتى يناير ويونيو، ورغم أن الرئيس السيسى قد أكد أيضا أن مشروع الحكم يستند إلى هذا الأساس المتين من الثورتين العظيمتين، فإن محاولاتٍ لشق الصف الوطنى لم تتوقف، وإحدى النتائج المؤلمة لهذه المحاولات أن نرى فى السجن شبابا شارك بقوة فى ثورتى يناير ويونيو، ولم يمارس يومًا العنف أو الإرهاب، وإذا كان قد تحرك فى رد فعل على الهجوم المنحط على ثورة يناير، فالأولى أن نحاكم من أساؤوا إلى الثورة وأهانوا جماهير المصريين التى خرجت بالملايين لتسقط حكما فاسدًا، ثم خرجت مرة أخرى فى 30 يونيو لتستعيد ثورتها وتنقذ مصر من براثن الفاشية الخائنة للوطن والدين. فى أحاديثه الأخيرة يؤكد الرئيس السيسى مرة بعد أخرى أن مصر تخوض حربا حقيقية، وأن سلاحها الأساسى فيه هو «الاصطفاف الوطنى» ووحدة شعبها وجيشها فى مواجهة كل التحديات. علينا أن نتوقع من أعدائنا حربًا أكثر شراسة بعد أن قطعت مصر الطريق على أى محاولة للفصل بين إرهاب «داعش» وإرهاب باقى الجماعات المتطرفة، وأولاها «الإخوان»، وبعد أن صمدت مصر فى وجه كل المصاعب وبدأت بالفعل مرحلة إعادة البناء، وسارت بخطوات ثابتة لتنفيذ خطة المستقبل ووضع أسس الدولة الجديدة. «الاصطفاف الوطنى» تعبير الرئيس السيسى، أو «تحالف قوى الثورة» كما نطلق عليه، لا يمكن أن يسمح بأن يبقى شاب وطنى مثل أحمد دومة فى السجن، بينما أقبح الوجوه تطل عبر شاشات تليفزيونية مشبوهة تدعو للفرقة وتطلق أبشع الاتهامات ضد ثورة يناير، وتحاول الاستيلاء على ثورة 30 يونيو كما فعل «الإخوان» بثورة يناير!! لا الدولة ستسمح بهذا العبث، ولا الشعب سيسمح بتكرار الخطأ، ولا الثورة التى استعدناها بمعجزة سترضى بأن تتفرق الصفوف فى وجه الخطر!!