خرج أيمن الظواهرى ليعلن تأسيس فرع ل«القاعدة» فى شبه القارة الهندية، وفى خروجه، نفىٌ لنقيصتين التصقتا بمسار جماعته «القاعدة» فى سباقها مع «داعش» فالأخيرة حولت هدف الإرهاب الإسلامجى من الانتقام والإيلام للغرب والأنظمة المعادية فى الشرق الأوسط، بأمر التاريخ وتفسيرها للنصوص الدينية، إلى السيطرة على الجغرافيا بنفس السلاحين، مع سلاح إضافى هو امتلاك «داعش» مساحة جغرافية ممتدة، أقامت عليها دولة، لها موارد، ويحميها جيش شبه نظامى. وبانتصاراتها ألهم «داعش» تكفيريى العالم، آمالا بإحياء ما يسمى دولة الخلافة، فهاجر بعضهم إلى مناطق (إدارة التوحش)، التى يسيطر عليها التنظيم فى العراق وسوريا، ويغير منها على أخرى، واكتفى آخرون باتباع استراتيجية التنظيم، أو البيعة المباشرة له فى مناطق بعيدة، ومنها شبه القارة الهندية التى أعلن الظواهرى عن افتتاح فرع ل«القاعدة» فيها، فجاء الإعلان بالتوازى مع نشاط آخر لجماعات تابعة ل«داعش»، هناك، وهو ما تفقد معه «القاعدة» عصبها الرئيس كتنظيم معولم، يجمع تكفيريى العالم تحت مظلة واحدة. فها هى التنظيمات الملهَمة من قِبل «داعش»، تستعد لنبذ «القاعدة»، بل إن «القاعدة» ذاتها ظهر فيها من يبدى إعجابه بنهج «داعش» المختلف، مثل منظِّر تنظيم «القاعدة» فى جزيرة العرب إبراهيم الربيش، الذى أعلن تأييده لما سماه نصر أهل السنة فى العراق وسوريا. وجاء الإعجاب بعد تراشق طويل بين التنظيمين، واتهامات بتشويه الإسلام والاختراق الاستخباراتى (مثما قال منظر «القاعدة» عبد الله بن محمد)، إثر خلاف استراتيجى، فى نهج المعارك كأولوية «داعش» فى الهجوم على الأنظمة، بينما ترى «القاعدة» أن عدوها أمريكا، أو بسبب صدام عقائدى يخص قواعد التكفير الممهدة للقتل، (مثل قضية تكفير الشيعة). ومع افتقاد الظواهرى لميزتى، «المظلة التكفيرية»، و«الدولة محددة الجغرافيا»، جددت تنظيمات تابعة ل«القاعدة» بيعتها؛ اتقاءً للانشقاق، مثل حركة الشباب الصومالى. و«القاعدة» فى بلاد المغرب العربى، وفى مالى، كطريقة لتعزيز قوة التنظيم. وأعلن الظواهرى افتتاح أفرع جديدة للإرهاب مثل فرع شبه القارة الهندية. ، التى بناها طوال ثلاثة عقود، فمع الهجمات الأمريكية على «داعش»، تفقد أفغانستان ميزتها كأرض جهاد جاذبة لقتال الكفار، حسب العقل الجهادى أو على الأقل وجدت منافسًا عتيدًا فى العراق وسوريا، بل ويلهم أبو البغدادى جمهوره الأصولى بانتصارات، سريعة، ونَسب يتوافق مع تبشير متراكم لأدبيات التكفيريين، ترى فيه خليفة (هاشمى)، يحقق أحلامها، بعمامته السوداء، على عكس صورة الملا عمر الذى بايعته «القاعدة» خليفة مجاهدًا فهو غير عربى، لا تتوافر فيه صفة النسب لقريش، كركن أصيل فى شروط الخلافة. والتنافس بين أمير الكهف، وأمير الصحراء، ربما يستمر طويلا، خصوصًا بعد أن يعود «داعش» إلى كهوف أخرى، جراء إجبار العالم له على الانزواء.