ليل ميدان التحرير، لم يكن أقل ثورية من نهاره. مسيرات وحلقات سمر، وفاعليات إحياء ذكرى الشهداء، لم تتوقف طوال ليل أول من أمس، ليس داخل الميدان فقط، بل فى الشوارع المحيطة به، وعلى المقاهى والميادين المنتشرة فى منطقة وسط البلد، استمرت حتى الساعات الأولى من فجر أمس. هتافات الثوار الرافضة حكم العسكر، وممارسات المجلس العسكرى، ظلت تدوّى فى أرجاء الميدان، بينما قام عدد من المتظاهرين بإشعال الشموع، فى فاعلية صامتة، لتذكر شهداء 25 يناير، وأطلق آخرون ألعابا نارية فى سماء الميدان، احتفالا بعبور يوم الذكرى الأولى للثورة بنجاح، رغم حملات الترويع والتخويف التى انتشرت قبيل يوم 25 يناير. شباب الألتراس أمضوا الليل على طريقتهم. حملوا بالونات تحمل صور الشهداء، وأطلقوها فى الهواء على أنغام الأغانى الوطنية وأغانٍ من تأليفهم، مع الدق على الطبول والدفوف، وإطلاق شماريخ فى الهواء، والدوران فى مسيرات حول الميدان، وذلك بالتزامن مع مسيرات ليلية، نظمها عدد من شباب الثورة والحركات الشبابية، الموجودين فى الميدان من أجل الاعتصام. لم يعكر صفو تلك الأجواء الليلية، سوى مناوشات طفيفة حدثت بين منصة الثوار ومنصة الإخوان المسلمين، التى واجهت هتافات الثوار ضد المجلس العسكرى «يسقط يسقط حكم العسكر»، «واحد اتنين تسليم السلطة فين»، بتشغيل آيات من القرآن الكريم وأناشيد دينية، واستمر تراشق المنصات حتى الساعة الواحدة صباحا، وشكل على أثره القائمون على المنصتين دروعا بشرية لحمايتهما. «شمعة الشهداء»، كانت جاذبة للمتظاهرين الذين أُعجبوا بها، كتخليد لذكرى الشهداء، وحرصوا على تصويرها، فى قلب الميدان. جمال حميد صاحب فكرة الشمعة قال إنها أقل تكريم يخلّد ذكرى الشهداء. موضحا أن عددا من شباب بورسعيد شاركوا فى تصميمها ونصبها داخل الميدان، «لنؤكد جميعا أن الشهيد حى فى قلوبنا وضمائرنا». وذكر حميد أن الشمعة عبارة عن نصب تذكارى يحمل صور الشهداء والشموع ويعلوها تاج موضوع عليه صور الشهداء، ثم علم مصر يرفرف فوقها، وتم نصبها على حديد و«مشمع» فقط، وتحمل صورا فوتوغرافية لأحداث الثورة، وكتابة هيروغليفية، ورموزا مصرية قديمة، ووسط ذلك كله، صور الشهداء. ومع تناقص أعداد المتظاهرين فى الميدان، بعد تقدم ساعات الليل، سمح المتظاهرون بعودة الحركة المرورية فى الميدان، ونظموا حركة السيارات.