كانت الصورة بالنسبة له هكذا، القوى السياسية الليبرالية هى المخ الذى يريد الدولة المدنية، والصوفيون الذى قرروا النزول فى جمعة «حب مصر» هم العضلات الذين يتم الاستعراض بهم، ولهذا قرر عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية محمود أبو الفيض رفض المليونية، ولا يزال عند رأيه حتى الآن. الصوفية لا علاقة لها أساسا بالسياسة فى ظنه، أبو الفيض يقول ل«التحرير» فلسفة التصوف تعتمد على العلاقة الخاصة مع الخالق عز وجل وكيفية الوصول إليه، ولا تعرف المليونيات أو المظاهرات التى تعتمد على الكم والاحتجاجات والظهور. أبو الفيض، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، الذى تاب عن ممارسة العمل السياسى بعد استقالته من اللجنة الدينية بالأمانة العامة للحزب الوطنى المنحل عام 2001، يرفض السياسة، لكنه مع ذلك يعد مبادرة لنبذ الخلافات بين التيارات السلفية والطرق الصوفية، لتقريب وجهات النظر ترعاها مشيخة الأزهر الشريف، وشيخه الدكتور أحمد الطيب، نافيا وجود تحالفات سياسية وراء مبادرة تقريب وجهات النظر بين التيارات الإسلامية لمواجهة التيارات الليبرالية واليسارية لحشد أصواتهم لصالح المرشحين الإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة. لا يخفى أبو الفيض تأثره بما يروجه رموز السلفية الوهابية على منابرهم وقنواتهم الفضائية عن المتصوفة، من أنهم دراويش، وهذا ما جعله يفكر فى استثناء أى من رموز السلفية الوهابية من المبادرة كما يقول، مؤكدا أنهم يحملون أجندات لصالح دول نفطية لا تريد لمصر الخير، وتسعى إلى نشر أسلمة الدولة فى المجتمع المصرى السمح الوسطى، مشيرا إلى أن رافعى الأعلام السعودية خلال جمعة 29 يوليو لا بد أن يحاكموا بتهمة الخيانة العظمى. أبو الفيض لا يخاف من أن يحمل الظهور السياسى للسلفيين، رسائل إلى الصوفية قد تؤدى، حال وصول هؤلاء إلى الحكم، إلى إلغاء الطرق الصوفية والتضييق عليهم فى ممارسة طقوسهم، مشيرا إلى أن هذه القوى تعرف قدر الصوفية حقا، فلو نزلت طريقة واحدة لملأت ميدان التحرير عن آخره. زيارات مرشحى الرئاسة المحتملين إلى الطرق الصوفية، فى رأى أبو الفيض هى محاولة لخطب ودهم للحصول على كوتة أصوات المتصوفة، ويرى أنها صحية ولا تحمل فى بواعثها خلطا بين الدين والسياسة، غير أنه يقول إنه «فور فتح باب الترشح للرئاسة والانتخابات البرلمانية رسميا، لن يقف أعضاء المجلس الأعلى للطرق الصوفية الممثلين ل15 مليون صوفى مكتوفى الأيدى، بل سوف يدعمون مرشحين بعينهم واجتماعات المجلس الصوفى ستناقش ذلك»، ويضيف «لكن لن نقف وراء أى من المرشحين المحتملين الإسلاميين سواء حازم أبو إسماعيل، أو سليم العوا، أو عبد المنعم أبو الفتوح، لأن بعضهم يحمل أفكارا متطرفة دينيا، ولطمأنة الشعب المصرى». ولكن، بماذا يرد على أولئك الذين يعتبرون أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية لم يقدم شيئا إزاء تكفير الصوفية وهدم الأضرحة؟ يرد أبو الفيض «المشيخة العامة للطرق الصوفية تلقت استنكارا من الطرق الصوفية على مستوى الجمهورية، خشية أى نوع من الاستقطاب مع أو ضد تيار بعينه، وتصدينا لهذه الهجمات عن طريق تشكيل لجان شعبية، والإبلاغ الفورى للمشيخة العامة فى حال وقوع أى اعتداء، أما تكفيرنا فلا شأن لنا به». المشيخة العامة للطرق الصوفية لم تعارض ولو مرة واحدة سياسات المجلس العسكرى، وذلك فى رأى أبو الفيض لأنهم لا يفكرون فى الحصول على مناصب دنيوية على الإطلاق، مضيفا «لسنا قلة لكى نُستثنى، وبالمناسبة جلسات الحوار الوطنى تمت دعوتنا إليها لكننا رفضنا حضورها، لأننا لو شاركنا فى هذا الحوار أو فى الحكومة سوف نحمل عبء حل مشكلات البلاد المتفاقمة أصلا، وسنحرق أنفسنا كقوة صاعدة تريد المشاركة بعد ثورة 25يناير».