لولا ثورة المصريين، ولولا 25 يناير 2011، ولولا الشباب الرائع الذى كان فى مقدمة صفوفها.. الشباب الذى دفع مهر الثورة بالدم والحياة وبنور العين وبالمعتقلات العسكرية وبالدهس والسحل ما كان النواب والأحزاب والمستقلون والمعينون والإسلاميون والليبراليون، وكل من سيعبر ليحمل شرف تمثيل الأمة قد عبر وجلس تحت قبة البرلمان السبت القادم.. أى أن شهادة الميلاد وبطاقة الهوية ومسوغ الوجود السياسى والتمثيل الشعبى عطية ومنحة الثورة والثوار.. فهل سيكون حملة هذا الشرف على قدر المسؤولية وأمانة التمثيل للثوار والثورة.. هل سيتصدون ويسقطون مخططات كتم أنفاسها طوال العام الأول من عمرها الذى تستكمله الأربعاء القادم.. هل نحلم عندما نتمنى البرلمان تنظيما منتخبا لاستكمال مسيرة الثورة أم سينفصل عن الثوار ويتركهم للقوى الماضى الأسود تواصل تصفيتهم؟.. الفائزون بثمار الثورة هل سيتركون الثورة وراء ظهورهم لينشغلوا بترتيبات السيطرة والهيمنة والفوز فى معارك الشورى ورئاسة الجمهورية؟.. فى أكثر ما قرأت من تصريحات مزهوة بالفوز وصدور منتفحة بالنصر بدا لى أنه يهيمن على الاهتمام كله السلطة وتوزيع الأنصبة بين الفائزين، وغاب أى قدر من الاهتمام بالثورة وتحقيق أهدافها وما تعرض له شبابها، وما زال من خطط ممنهجة للتصفية، بينما كان أول وأوجب اهتمام لنواب الشعب كان يجب أن يوجه لحماية الثورة وشبابها وكيفية استكمال مسيرتها وإظهار نتائج التحقيقات فى ما ارتكب بحقها من جرائم وإدانة ومحاكمة المسؤولين عنها.. وفتح ملف تطهير مصر بجميع مؤسساتها من هيمنة أعوان النظام الساقط، هؤلاء الذين ما زالوا يديرون مخططات التخريب والثورة المضادة وتشويه الثورة ورموزها وتوجيه الاتهامات إلى شبابها، والتصدى لملف المحاكمات العبثية، وعندما تنشر هذه السطور نكون قد استمعنا للمفاجآت التى أعلن محامو المتهمين أنهم سيكشفون عنها.. والمفاجأة الوحيدة التى يمكن أن تغير مسار هذه المحاكمات وتجعلنا نصدق دفاع المتهمين عن قادة ورموز النظام الساقط، أن يكشف دفاعهم أنهم كانوا يحكمون بلدا غير مصر وشعبا غير المصريين، فعريضة الاتهام التى لا يستطيع أن يصمد أمامها أى دفاع، وطن وشعب أُنزل به من الكروب والكوارث والتجويع والإفقار والتجريف للثروات الطبيعية والبشرية وانهيار مؤسساته وترويع شعبه وتقسيمه وإسقاط القانون تحت أقدام ناهبيه وسارقيه -لا أظن أنها مصادفة أن يتوافق عرض دفاع دفاع المتهمين مع مرور عام على قيام الثورة- ربما لإثبات أن الثوار هم القتلة!! لن يقام نظام ديمقراطى حقيقى على الخرائب التى حوّل النظام الساقط مصر إليها.. وأول تحد واختبار للنواب هو صدق الانتماء للثورة.. نواب يعرفون ويعلنون بقراراتهم ومواقفهم أنهم جاؤوا عطاء ومنحة وهبة الثورة والثوار، وأن التحالف الأول يجب أن يكون مع الثورة والثوار ومع تحقيق كل ما خرجوا واستشهدوا ليحققوه.. أول دلائل النجاح أن تجعلوه بالفعل برلمانا للثورة، وحتى لو كان الثوار لم يتح لهم حقهم فى الجلوس على مقاعد البرلمان وحتى لا يضطروا أن يعودوا ليعلنوا برلمانهم فى التحرير ويحددوا ميلاد ثورتهم. كتبت من قبل فى نفس الموضوع وكتب كثيرون غيرى، ولكن الإصرار على جعل المجلس العسكرى والمؤسسة العسكرية شيئا واحدا فرض نفسه فى مناسبات كثيرة الأسبوع الماضى، وأعاد تكرار أسئلة تمت الإجابة عليها.. وفى مقدمتها أن نقد سياسات المجلس العسكرى لا تمس ما للجيش من مكانة واحترام لدى المصريين، ولم يصدقوا أبدا ادعاء حاول النظام السابق تسريبه، وهو أن الجيش ولاءه الأساسى للنظام، وظل يقين كثير من المصريين أنه كان وسيظل جيش الشعب، وفى أسوأ لحظات الانهيار والإفساد والخضوع للهيمنة الأمريكية والصهيونية كان يتردد سؤال، ما رأى الجيش؟ وهل ما يحدث لا يمس كبرياءه ويطعن كرامته ووطنيته، وإذا كانت هناك قلة من بعض قيادات صنعها النظام على عينه وعلى إفساده، فلا بد أن تظل الجموع الغالبة من أنبل وأطهر أبناء الشعب.. تربوا وتطهروا بالعقيدة القتالية والإيمانية والوطنية، فلا بد أنهم استعصوا على الفساد والإفساد.. مرة أخرى وعاشرة من العيب الخلط ومن الخطأ الذى لا يليق بكرامة الجيش عدم الاعتراف بما وقع فيه المجلس العسكرى من أخطاء، أو ربما لتبرير عدم إعلان أسماء من أصدروا الأوامر ومن نفذوا جرائم العنف والقتل والسحل وانتهاك كرامة الثوار من الجنسين. أؤكد أن ما ارتكب من جرائم والتزام الصمت وعدم تطبيق القانون على كل خارج عليه، مهما كان موقعه وإلقاء الاتهامات جزافا على شباب الثورة وإحالتهم إلى محاكمات عسكرية، هو ما يجعل الجيش يتململ ويغضب، وهو ما يهين ويسىء إلى شرف المحاربين النبلاء من ضباط وجنود جيشنا، لا سبيل للخلط وإحالة نقد سياسات وأخطاء المجلس العسكرى إلى المؤسسة العسكرية، فليس معقولا إن أخطأ صحفى أن أقول كل الصحفيين، أو أخطأ طبيب أن أقول كل الأطباء، أو أخطأ معلم أن أدين كل المعلمين. وما ارتكب بحق الثوار بعد الأيام الأولى للثورة ومنذ فتح ممر العبور لارتكاب المذبحة التى أطلق عليها «موقعة الجمل»، وبرعاية من يرشح نفسه الآن لرئاسة الجمهورية. وما توالى سقوطه من شهداء ومصابين وترك مخططات الفوضى والبلطجة تروع المصريين والمحاكمات العبثية لتبرئة النظام.. خطايا وجرائم يتحملها بالكامل المجلس العسكرى وحده، ولا سبيل للتهرب من المسؤولية الأخلاقية والوطنية والقانونية.. ومن منطلق فهمى للطبائع الأخلاقية والإنسانية للمصريين، فاسترداد ثقتهم مرة ثانية وتهدئة غضبهم -أتحدث عن الشعب وجيشه- لا يكون إلا باعتراف وإقرار واعتذار وتقديم كل مسؤول عن حلقات القتل والعنف وإهدار الدماء وإهانة الشباب من الجنسين إلى المحاكمات، وإيقاف الإصرار على تطبيع الثورة مع النظام الذى أسقطته. الأبناء والأحباب والثوار المحترمون نوارة وطارق ومظهر شاهين أحييكم كرموز من أشرف وأنبل رموز الثورة والشباب، وأرجو أن يلحق بكم قريبا «أبو دومة».. وأقدر للمستشار المحترم قاضى التحقيق وجدى عبد المنعم أنه أمر بعدم استكمال مهزلة تحويل الثوار إلى متهمين بدلا من إعلان أسماء القتلة والمتهمين، سواء فى إصدار أوامر العنف والضرب والقتل أو من نفذوها أو من أطلقوا البلطجية على المتظاهرين والمعتصمين. حمدا لله على سلامتكم وسلامة كل ثائر وثائرة من أعز وأغلى أبناء مصر.. إنهاء التحقيقات معكم أنقذ شيخوختى من طلب الانضمام إليكم والتحقيق معى إذا كان من يحبون هذا الوطن ويغضبون من أجله سيتحولون إلى متهمين.