وإذا أتتك مذمتى من ناقصٍ فهى الشهادةُ لى بأنى كاملُ. «المتنبى». أرغم المندوب السامى البريطانى فى الخليج الكولونيل لويس بيلى، الشيخ محمد بن خليفة حاكم البحرين على توقيع معاهدة مع الشيخ قاسم بن محمد آل ثانى سنة 1868، تقضى بانفصال مشيخة آل ثانى عن البحرين إيذانا بميلاد الابن الشرعى للمخابرات البريطانية فى المنطقة، التى اتخذت لنفسها قطر اسما، نسبة إلى الشاعر قطرى بن الفجاءة.. لتوثق علاقاتها المشبوهة بعد ذلك مع الاحتلال العثمانى فى منطقة الإحساء لحمايتها من «غزو حكام البحرين»، ولأنها دويلة ولدت من حمل سفاح، فلم يكن مستغربا أن تشهد انقلابات عائلية متكررة، تارة بيضاء وتارة دموية مصبوغة بألوان الغدر والخيانة والعقوق، بدأت بانقلاب خليفة بن حمد على ابن عمه أحمد بن على وتوريثه الحكم لابنه حمد، الذى أنهى دراسته الثانوية بصعوبة، بعد تدخل أميرى، ثم أرسل إلى كلية ساند هيرست العسكرية ليكمل دراسته فيفشل ويفصل منها بعد 9 أشهر، ويعود إلى قطر برتبة جنرال ويعين قائدا للجيش!! ويزوجه والده للمرة الرابعة من موزة ناصر المسند، بنت عدوه اللدود فى صفقة سياسية بوساطة كويتية. هدفها اتقاء شر نفوذه، فتصبح الزيجة المشؤومة وبالا على الأمير المغدور ونقطة فاصلة فى تغيير مسار قطر السياسى. فصانعة الحكام ذكية وقاسية أمسكت بخيوط ماريونات الحكم توجهها أينما تشاء، ووقتما تشاء. فنفذت ببراعة أول انقلاب تليفزيونى فى تاريخ المنطقة، ليكون بروفة جنرال تستنسخها قناة الجزيرة فى إخراج كوارث الربيع العربى. فكان لها ما أرادت وأذاقت حماها كأس الذل التى تجرعها أبوها، وانتقمت لسجنه ونفيه هو وأنصاره من قبيلة المهاندة إلى الكويت سنة 1964، ثم أوغرت صدر زوجها ضد نسائه الأخريات، فعزل ابنه وولى عهده مشعل من زوجته مريم بنت محمد آل ثانى، ووضعه تحت الإقامة الجبرية رفقة أخيه فهد، ونعته بالجنون لإثبات عدم أهليته للحكم، وعينت ابنها جاسم بمباركة أمريكية، بعد أن قدمت لهم أحد أكبر القواعد الجوية فى العالم، ومقر القيادة الوسطى للجيش الأمريكى، وخدمات لوجيستية حيوية. وفى 2009 أفلتت سيدة القصر بأعجوبة من انقلاب ابنها المتشدد السلفى جاسم تلميذ القرضاوى النجيب. لتودعه فى السجن ببرود خال من عاطفة الأمومة، وتمنح ابنها المدلل تميم ولاية العهد، ثم تشرف بنفسها على انتقال مفاجئ وناعم للسلطة بتسليم الأب مقاليد الإمارة الثرية طوعا للابن، قبل أن تسبقه لعنة انقلابات العائلة المسومة. ويتوارى خجلا هو وخاله الداهية جاسم بن جبر فى غياهب النسيان بعد انتهاء دوريهما المرسوم فى المسرحية الأمريكية، التى لعبت فيها قناة «الجزيرة» دور البطولة المطلقة، بداية من سقوط بغداد ثم تقسيم السودان، إلى إشعال نار الفتنة الطائفية والجهوية والقبلية فى كل من سوريا واليمن وليبيا، وأخيرا وقوفهم وراء الإخوان بكل ما أوتوا من مال وإعلام لتركيع المؤسسة العسكرية العمود الفقرى للدولة المصرية، آخر حصن فى قلعة العالم العربى الآيلة للسقوط. لا شك أن ردة الفعل المتخاذلة للحكومة المصرية أغرت هؤلاء البدو فى التمادى فى غيهم، والتجرؤ السافر على زعزعة أمننا القومى بشتى الطرق، معتمدين على حماية المارينز لعروشهم المهتزة.