500 طن مساعدات وفتح المعبر حسب الظروف ولا مبادرات مصرية السيسى يتمسك بالعودة للقرار 242 وحل الدولتين بلير بعد لقائه الرئيس: مصر الأكثر مصداقية والتصعيد يضر الطرفين بين الصمت الرئاسى واتصالات دولية أجراها رؤساء وممثلون ومبعوثون دوليون بالرئيس عبد الفتاح السيسى حول تصاعد المواجهات المسلحة والعنف على غزة، تقف مؤسسة الرئاسة والرئيس نفسه ومن خلفه جهاز إدارة الأزمة وجها لوجه للتعاطى مع أجهزة مخابرات إقليمية ودولية دخلت على خط الأزمة حتى قبل انفجارها، بينما التزمت القوات المسلحة المصرية أقصى درجات الاستعداد والتعبئة فى سيناء مع تحسب لخطوات تصعيدية ربما تشهدها شبه جزيرة سيناء كما تشير تقارير أمنية ومخابراتية. بالتزامن مع ارتفاع حصيلة القتلى حتى فجر السبت، إلى 113 و900 جريح معظمهم من الأطفال والنساء والرجال كبار السن، وتدمير نحو 200 منزل بشكل كلى، وتدمير منشآت مدنية فى مدن ومخيمات غزة من رفح إلى بيت حانون، وصل إلى القاهرة مبعوث اللجنة الرباعية الدولية لعملية السلام فى الشرق الأوسط تونى بلير، الذى اجتمع على الفور بالرئيس عبد الفتاح السيسى، وتناقشا حول تطورات الموقف الحالى فى الأراضى المحتلة، فى ضوء التصعيد الذى تشهده مؤخرا. ووفقا للمتحدث الرئاسى السفير إيهاب بدوى فقد حذر الرئيس من مخاطر التصعيد العسكرى، وما سيسفر عنه من ضحايا من المدنيين الأبرياء، وأكد الرئيس تضامن مصر، دولة وشعبا، مع الشعب الفلسطينى، وحرصها على المساهمة فى توفير احتياجاتها الإنسانية، حيث تم فتح معبر رفح لاستقبال وعلاج الجرحى والمصابين من الأشقاء الفلسطينيين فى المستشفيات المصرية. وأضاف بدوى أن بلير الذى جاء قادما من إسرائيل بعد أن أجرى زيارة استمرت ليومين، التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أشار إلى أن التصعيد لن يكون فى صالح أى طرف، ولن يسفر سوى عن مزيد من الضحايا المدنيين، كما دعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والاستجابة لكل الجهود المخلصة الرامية إلى التهدئة بين الجانبين، واستئناف الهدنة فى ما بينهما، مثمنا جهود مصر فى هذا الصدد، وواصفا إياها بأنها الطرف الأكثر مصداقية وقدرة على إقناع الجانبين للتوصل إلى هذه التهدئة. ومع تصاعد الأزمة الإنسانية لأهل غزة أمر الرئيس السيسى بإرسال شحنة مساعدات 500 طن من الأغذية والدواء إلى قطاع غزة، من خلال القوات المسلحة، تشمل المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، وعبرت على أن هذه الخطوة تمثل تواصلا للجهود والمساعى الدبلوماسية المصرية الرامية لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. الجهود المصرية المشار إليها تشمل الجهود الدبلوماسية من خلال وزارة الخارجية التى تصدت للأزمة إعلاميا بإعلان اتخاذ الإجراءات والضغوط على جميع الأطراف من أجل الوصول إلى تهدئة، ووقف العدوان الإسرائيلى على غزة، لكنها مع ذلك لم تفصح عن هذه الإجراءات التى تتم مع الجانب الإسرائيلى والسلطة الفلسطينية ممثلة فى الرئيس محمود عباس، ومع ذلك فقد احتفظت مصر بمعبر رفح المخصص للأفراد مغلقًا بآليات وفى الأوضاع العادية، وتمسكت بأن يكون فتحه فقط بشكل استثنائى وحسب الحالات الإنسانية الطارئة والحرجة. ورغم نبرة الرفض والاستنكار التى تبناها الرد المصرى على لسان الخارجية فى رفض التصعيد الإسرائيلى ووصفه بأنه «غير مسؤول» وبأنه «الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة العسكرية» فإن الجانب المصرى لم يبادر بعرض مشابه لما سبق وتعود أن يقوم به فى تكرار هذا السيناريو من المواجهات العسكرية فى غزة كل عامين تقريبا، ولم يعرب عن استعداده لوساطة من أى نوع، ورغم تسريبات أمريكية متعمدة تحدثت عن وساطة مصرية قطرية لإنهاء الاعتداء على غزة. وفى غياب دور الجامعة العربية غاب أيضا دور مؤكد لمؤسسة الرئاسة المصرية أو بالأصح دور معلن، رغم إعلان الرئاسة عن اتصالات أجراها الرئيس الفلسطينى محمود عباس، والأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون بالرئيس عبد الفتاح السيسى، الأول ناقش تدهور الأوضاع على الأرض، بينما حاول الثانى إلزام مصر بمداواة جرائم إسرائيل فى حق المدنيين العزل، وتقديم الخدمات الصحية والإنسانية وهو ما لم ترفضه مصر بشكل مباشر، ولكنها فى المقابل طالبت الأممالمتحدة بإلزام إسرائيل بمواثيق اتفاقات جنيف الأربع وقواعد القانون الدولى وتحميل الجانب الإسرائيلى مسؤولياته كاملةً عن تأمين أرواح المدنيين الفلسطينيين بوصف إسرائيل قوة احتلال. صراع إدارة الأزمة يظهر جليا فى تمسك حماس ومن خلفها أطراف إقليمية تتمثل فى تركياوقطر بإحياء اتفاق التهدئة الذى توصلت إليه حماس وإسرائيل برعاية أمريكية وضمانة مصرية، قدمها الرئيس المعزول محمد مرسى وتنظيم الإخوان فى نوفمبر 2012، وبموجبه حصلت إسرائيل لأول مرة على التزام مصر بضمان أمنها فى مواجهة المقاومة الفلسطينية فى غزة، وبمباركة أمريكية حصل الإخوان ورئيسهم آنذاك على إشارة خضراء بإصدار الإعلان اللا دستورى الذى فجر الأوضاع فى مصر، وقسم الشعب داخليا حتى ثار فى 30 يونيو وعزل الرئيس وتنظيمه وجماعته. فى المقابل يتمسك النظام المصرى ورئيسه السيسى بتجاهل هذه الدعوات حتى لا يمثل ذلك اعترافا يمنحه شرعية جديدة، ودفع الرئيس السيسى بالملف إلى المخابرات التى زار مديرها إسرائيل قبل أيام، ولم يعلن عن نتائج زيارته، وطرحت صيغة موازية تبنتها الرئاسة وتتمثل فى إحياء الصيغة القديمة لتسوية القضية الفلسطينية على أساس القرار «242» فدعت الرئاسة إلى وقف الإجراءات الاستفزازية بهدف خلق الظروف المواتية لسرعة استئناف مفاوضات السلام طبقا لمرجعياتها بهدف التوصل إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة ونهائية للقضية الفلسطينية، استنادا إلى حل الدولتين وبما يؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. تسريبات الوساطة المصرية القطرية ورغم تصريح مصرى سبقها بأيام بأن علاقات مصر مع قطر صعبة، تسريبات موازية لتصريحات الإدارة الأمريكية عن قوة النظام المصرى ورئيسه الجديد السيسى الذى يتعرض لأول اختبار حقيقى لمدى قوة الدبلوماسية الناعمة لنظامه، خصوصا أن غزة وأهلها ورغم العلاقات الملتهبة مع الجماعة التى تحكم غزة فإنهم يتطلعون للدور المصرى بغض النظر عن حسابات المصريين لتأمين وضمان أمنهم القومى. الإعلام الأمريكى سارع بترويج تلك الرؤية وأن الرئيس السيسى فى مأزق مقارنته بما يعتبرونه نجاحًا لحليفهم السابق محمد مرسى فى الوصول لتهدئة 2012، ومن قبله أيضا نجاحات نظام مبارك فى التهدئة المشابهة، واعتبر أيضا أن فتح مصر لمعبر رفح انتصار لحماس، التى لا يرغب النظام المصرى فى دعمها، وفى المقابل تمسكت مصر بأن فتح المعبر مرتبط بالوضع فى سيناء، وحاجة جرحى فلسطينيين آخرين للدخول إلى مصر للعلاج، على أن يجرى ذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المصرية بالإضافة إلى وزارة الصحة. وبعيدا عما يروج له أصحاب نظرية مأزق السيسى من تراجع النظام المصرى عن دعم غزة فى مواجهتها الاعتداء الإسرائيلى بسبب دعم حماس للإخوان قبل وبعد ثورة 30 يونيو، بوصفها فرعًا تابعًا لتنظيم الإخوان، فإن المواجهات الدائرة منذ أكثر من عام على أرض سيناء ويقودها الجيش المصرى ضد الجماعات المسلحة التى أعلنت حماس عن دعمها بأكثر من طريقة، ربما كان آخرها الاستعراضات العسكرية للميليشيات التى حشدتها على الحدود المصرية، ورفعت شعارات الإخوان الإرهابية، بينما تؤكد تقارير المخابرات المصرية وجلسات محاكمات تنظرها المحاكم المصرية حاليا، تؤكد أن حماس سهلت تسلل عناصر إرهابية إلى الأراضى المصرية عبر أنفاق التهريب الموجودة على الحدود، هذه المواجهات واستمرار تساقط الشهداء فى صفوف رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية تدفع بالسياسيين إلى خلفية مسرح الأزمة، لتدار بواسطة الطروحات المخابراتية والأمنية. وبالفعل نجحت الإدارة المصرية فى إفشال مخطط تهييج الرأى العام المصرى بالدم الفلسطينى فى غزة، وإجبار مصر على التعاطى مع شروطها لقبول التهدئة. وباستثناء مطالبات سياسية لأحزاب وحركات بفتح المعابر، لم يظهر تعاطف شعبى مع حماس كحركة مقاومة، والتزم المصريون التعاطف مع أهالى غزة الذين اعتبروهم ضحية تجارة حماس بدمائهم، تماما كما حدث للمصريين طوال عام من حكم الإخوان.