لا يمكن لشخص يعتبر أن النهائى بين ألمانياوهولندا كان سيحدث به ظلم لأى طرف كان النهائى المثالى الذى تتمناه الأرجنتين أمام البرازيل، لكن طرفا واحدا فقط تمكن من الوصول وحجز مكانه، فبعد يوم واحد فقط من الانتصار المذهل لألمانيا ضد منتخب البرازيل وفريق لويس فيليبى سكولارى، أنقذ روميرو، حارس مرمى التانجو، ركلتى جزاء ووضع تشكيلة أليخاندرو سابيلا، مدرب منتخب الأرجنتين، فى استاد الماركانا للعب المباراة النهائية. الأرجنتين × ألمانيا، لم يكن النهائى الذى أحلم به، لكنه النهائى المثالى لبطولة كأس العالم الحالية، فريق مدفوع بعاطفة وحماسة غير مسبوقة موجهة لهدف واحد، وفريق مدفوع ببراعة تقنية وفنية موجهة لذات الهدف أيضا.. لقب المونديال. مثل البرازيل، لم تقدم الأرجنتين كرة قدم جيدة فى كأس العالم، ليونيل ميسى وزملاؤه، عانوا كثيرًا للوصول إلى الدور قبل النهائى، وعانوا أكثر للفوز على هولندا، فقط بركلات الترجيح، بعد مرور أكثر من 120 دقيقة من دون تسجيل أى هدف فى ساو باولو. لا يمكن لشخص يعتبر أن النهائى بين ألمانياوهولندا سيكون به ظلم لأى طرف، فكلا الفريقين لعب كرة القدم الأفضل فى مونديال البرازيل حتى الآن. روبين هو أفضل لاعب فى البطولة ويستحق الفوز بالجائزة، كما فاز بها دييجو فورلان قبل أربع سنوات، ولكن فى هذا العام الأمر سيكون صعبا أن يحدث: فميسى ومولر لديهما فرصة أكبر للتألق، وأحدهما سيتوج ملكا وبلقب أفضل لاعب فى البطولة. يتوقع أن تعج ريو دى جانيرو بأكثر من 100 ألف مشجع أرجنتينى يوم الأحد المقبل، إنهم سيأتون من بلادهم. إن القوة العظمى الممنوحة لمنتخب الأرجنتين هى الحماسة والعاطفة القوية التى يقدمها المشجعون للاعبى المنتخب، فهم فى كل مكان، يغنون ويغنون كثيرًا. من الصعب أن تفهم كيف يؤلفون ويحفظون كل تلك الأغانى فى رؤوسهم، خصوصا أنهم ألفوا الأغانى لبطولة كأس العالم. وتقول إحدى هذه الأغانى: «برازيل، ديكيمى كيو سى سينتى (يا برازيل، قولى لى ماذا كنت تشعرين؟!)، فى سخرية على ما يبدو من الهزيمة المذلة أمام ألمانيا». الأرجنتين تمتلك حاليا فرصة لصناعة التاريخ، يمكن أن تفوز بكأس العالم للمرة الثالثة، ولكن لديها ما هو أكثر من ذلك، فهى يمكن أن تفعل ذلك على أرض أكبر منافس كروى لها. فى حالة فوز الأرجنتين، هنا فى البرازيل، ستجد عناوين الصحف البرازيلية التى لا تحصى تقول: «سنتذكر دائما عام 2014». بعد يوم واحد من الهزيمة المذلة الأسوأ من 100 عام للمنتخب البرازيلى. البرازيل بدأت التفكير فى المستقبل. كيف سيكون شكلها عام 2018؟ ما الذى يحتاج إليه الفريق للتغيير؟ فى أربع سنوات، سيكون 18 لاعبا من المجموعة التى اختارها سكولارى أعمارهم لا تقل عن 30 عاما، من بينهم حارس المرمى (خوليو سيزار)، والمهاجم (فريد)، اثنان من المراكز الرئيسية فى الفريق الذى يبدأ دورة جديدة فى حياته غير معروفة بدائلهم حتى الآن. السؤال الذى يطرح نفسه ويجدر الإشارة إليه، هو أن البدلاء ليسوا أصغر من الأساسيين، فهناك فيكتور وجيفرسون، حارسا المرمى، ستكون أعمارهما 35 عاما، فهما أكبر سنا من خوليو حاليا، بينما سيكون «جو» عمره 31 عاما، لكن لا أحد يثق فى «جو»، والجميع لا يعتقد أن يمكنه أن يرتدى القميص رقم 9 للمنتخب البرازيلى فى روسيا، بل إن الناس لا تصدق حتى الآن، كيف حصل هذا اللاعب على مكان فى تشكيلة السيليساو فى 2014. كان متوسط عمر الفريق الذى استسلم أمام الألمان فى الدور قبل النهائى 27.8 عاما، وسيكون فقط منهم نيمار، وأوسكار، وباولينيو، وويليان، وبرنارد من هم أقل سنًّا من ال30 عاما فى عام 2018. ثنائى الدفاع الذى أثبت أنه نقطة قوة الفريق خلال نهائيات كأس العالم، تياجو سيلفا، وديفيد لويز، سيكونان فى سن جيدة للاستمرار فى شغل تلك المواقع، مع المزيد من النضج. قائد الفريق سيكون عمره 33 عاما، بينما سيكون رفيقه ذو الكاريزما الكبيرة قد بلغ 31 عاما بالكاد. الفريق الذى أذل البرازيل، هو نفسه مثال جيد يمكن اتباعه للمشروع الذى تعده البرازيل ل2018. قبل 14 عاما، شعرت ألمانيا بنفس طعم الذل والمرارة الذى تجرعناه، لكنها سعت إلى التغيير، وركزته فى ثلاثة بنود: الاستثمار الثقيل فى فئات الشباب، وتبادل الأفكار مع الدول الأجنبية، والتعاقد مع يورجن كلينسمان لتعيين فريق عمل يحدث ثورة فى الطريقة التى يلعب بها المنتخب الألمانى. بعد عشر سنوات من فوز المنتخب الألمانى بثالث بطولة كأس عالم فى ألمانيا، عاش الألمان أزمة فى كرة القدم، وتجرعوا مذلة الخروج المبكر من كأس الأمم الأوروبية عام 2000 مع اثنين من الهزائم وعدم تحقيق أى انتصار وتسجيلهم هدفين فقط. كانت هذه نقطة الانطلاق ليضعوا أيديهم على موطن الفشل ونقطة الضعف ليتحول الأمر إلى قضية خطيرة فى البلاد. وقررت الحكومة أن الفريق البطل الذى فاز بكأس العالم ثلاث مرات، وتعرض لفشلين فى كأس العالم (خرج من الدور ربع النهائى أمام بلغاريا فى 1994، وكرواتيا فى 1998)، ينبغى أن تتم إعادة هيكلته خلال عقد من الزمان (عشر سنوات). كان التركيز فى البداية على أجيال المستقبل، وبعد مشترك، بين 36 ناديا فى الدوريات الألمانية، استثمرت جميعها بكثافة فى الشباب. جمع المسؤول عن كرة القدم فى البلاد، بين عديد من القطاعات المختلفة، وطرح أكثر من مليار دولار أمريكى فى الصالات الرياضية ومراكز تدريب الشباب طوال تلك السنوات. مع توفير المال، كان العمل يسير تجاه توفير كل البنية التحتية اللازمة لتقديم أكبر دعم محتمل من الأجيال الجديدة. فى ذلك الوقت، تم إعداد جيل جديد من مسعود أوزيل، وتوماس مولر، وسامى خضيرة، ومانويل نوير، وجيروم بواتينج، وتم تجهيز تلك المجموعة، التى ارتكزت على قاعدة قوية، لكنها احتاجت إلى الصبر. على أرض الملعب لم يكن ضروريا أن تكون النتائج مباشرة، كان الفريق الأضعف تحت قيادة لاعب خط الوسط مايكل بالاك، وحارس المرمى أوليفر كان، الذى عانى قبل أن يصل إلى نهائى كأس العالم 2002، وكانت المواجهة الغريبة وهزم من الفريق الذى كان يقوده أيضا لويس فيليبى سكولارى (البرازيل). لكن فى كأس الأمم الأوروبية عام 2004، تعرض فريق المانشافات الذى كان يقوده رودى فولر للفشل مرة أخرى، وخرج من الدور الأول بعد خسارته أمام جمهورية التشيك وتعادل مع هولندا ولاتفيا. وكانت هناك خطوة أخرى لتجديد المنتخب الألمانى، حيث تولى مهاجم وبطل الماكينات السابق يورجن كلينسمان إدارة الفريق، واستغرق هو ومساعده يواكيم لوف، وكان يمكن مشاهدة نتيجة عملهما على أرض الملعب، فالفريق أصبح يحتل المركز الثالث على العالم فى اثنين من بطولات كأس العالم كفى 2006 و2010، ولعب نهائى كأس الأمم الأوروبية عام 2008، وبايرن ميونخ أصبح بطل أوروبا حتى الموسم الماضى، وبروسيا دورتموند أصبح فريقا مزعجا لعمالقة أوروبا. الأمثلة هنا لكرة القدم البرازيلية كثيرة. الآن، كل ما علينا هو أن ننظر ونتعلم: النظام الألمانى، والروح والعاطفة الأرجنتينية.