قبل يونيو بشهور، وعقب أحداث «الاتحادية»، ونحن نؤبن شهيد الصحافة الحسينى أبو ضيف، قلت: إن ما حدث يؤكد حقيقة واحدة، وهى أن نظام الإخوان قد سقط.. والباقى تفاصيل ومسألة قت!! يومًا بعد يوم كان يتأكد هذا اليقين. ورغم بشاعة الجرائم التى ارتكبها الإخوان وحلفاؤهم فى هذه الفترة، فإن مشهد النهاية كان ماثلاً فى «الصورة التذكارية» التى حرص مرسى على تسجيلها لنا وللتاريخ قبل رحيله، حين شاهد المصريون النظام محاطًا بجنرالات الإرهاب فى استاد القاهرة، وأدركوا أنهم لا يمكن أن يحكموا بمثل هذا الانحطاط الثقافى والسياسى، الذى يتوعد الشعب بالقتل، ويتوعد مصر بإعادتها إلى ظلام العصور الوسطى. فى «30 يونيو» نزلت الملايين لتفرض إرادتها، شعب كامل ضد جماعة فاشية. كان ما يقلق فقط هو حجم التضحيات المطلوبة للتحرر من الكابوس. لكن الله أعمى بصيرة الإخوان وحلفائهم. تصوروا أن الضغوط الأمريكية ستمنع الجيش من الانحياز لإرادة الشعب، وتوهموا أن تهديدات جنرالات الإرهاب التابعين لهم بأنهم رأوا رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها سوف تخيف الشعب وتمنعه من الخروج لميادين التحرير فى كل أنحاء الوطن. انتصرت مصر واستعادت ثورتها وأسقطت حكم الفاشية الإخوانية، لكن التآمر مستمر، وعلى مدى عام كامل لم تتوقف المعارك فى الداخل والخارج. ورغم كل الصعوبات فها هى مصر (بعد عام من استعادة ثورتها وإنقاذ دولتها) تمضى فى طريقها وتستعيد مكانتها، وتسير فى الطريق التى ارتضاها الشعب لبناء مصر الجديدة. الآن، وبعد عام من استعادة الثورة، ندرك عظمة ما فعلناه فى «30 يونيو» وقيمة ما فعلناه بعدها وحتى الآن. كيف قاومنا الحصار الذى قادته أمريكا، وضربنا الإرهاب الذى قاده الإخوان؟ رفضنا تحويل مصر إلى دولة مستباحة لعصابات تسير على نهج «داعش»، وسبق أن رأينا صورتها التذكارية قبل «30 يونيو» وهى تقف حول المعزول مرسى تهدد شعبًا بأكمله بالقتل، إذا لم يرضخ لفاشيتها المنحطة. عادت مصر إلى عالمها العربى، وعاد العرب يتطلعون لدور مصر ويدعمونها فى وجه التآمر، ويدركون أنها الحصن الأهم فى أمن العرب الذى يتعرض إلى كل الأخطار. وعادت مصر إلى إفريقيا لتنهى أزمة طارئة بعد «30 يونيو» ولتنهى أيضًا سنوات من تراجع دور مصر الإفريقى بكل ما له من أمن العرب الذى يتعرض إلى كل الأخطار. وعادت مصر إلى إفريقيا لتنهى أزمة طارئة بعد «30 يونيو» ولتنهى أيضًا سنوات من تراجع دور مصر الإفريقى بكل ما له من أهمية فى حياة مصر، وفى مستقبل الشراكة مع دول القارة السمراء، التى لا غنى عنها لكل الأطراف. عام بعد استعادة الثورة، واجهنا فيه أزمات هائلة.. من حصار خارجى، إلى إرهاب ما زال يحاول تعطيل المسيرة، إلى ظروف اقتصادية صعبة. لكن الأخطر كان أن البعض حاول أن يكرر المأساة التى واجهناها بعد ثورة 25 يناير حين اختطفها الإخوان واستولوا على الحكم. بعد «30 يونيو» تصورت قوى الفساد القديم أنها قادرة على «تقليد» الإخوان وسرقة الثورة. وكما رأينا من يصف «30 يونيو» بأنها انقلاب، رأينا حزب الفاسدين القدامى وهم ينتشرون كالجراد يصفون ثورة 25 يناير بأنها مؤامرة، ويحاولون القفز إلى مقدمة الصفوف واستعادة نفوذ مضى ولن يعود. وإحياء فساد دفعنا ثمن الخلاص منه دماء وتضحيات وشهداء سقطوا من ثورتين. ردود الفعل على ذلك كانت قاسية. فنحن لم نتخلص من فاشية الإخوان، لنعود إلى فساد قديم. ولم تخرج الملايين فى «30 يونيو» لتلغى ثورة يناير، بل لتستعيدها ممن اختطفوها. وقد جاء الدستور الجديد ليؤكد تكامل الثورتين. وأكد الرئيس السيسى فى أكثر من خطاب هذا المعنى. كما أكد تفهمه أن الإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى المطلوب لن يتم إلا بتضامن قوى الثورة.. ضد إرهاب الإخوان وحلفائهم من ناحية، وضد حزب الفساد الحالم باستعادة مواقعه من ناحية أخرى، وضد قوى خارجية يزعجها أن تتأكد الإرادة المستقلة لمصر وينتهى زمن التبعية إلى غير رجعة. عام بعد «30 يونيو».. أنجزنا الكثير وبقى أمامنا الكثير، والمعركة مستمرة. فقط نفتقد بعض الشباب من المؤمنين بالثورة المخلصين للوطن. قد يكون حماسهم قد أخذهم لخطأ هنا أو هناك. لكن مكانهم ليس فى السجون، بل وسط جموع الشعب ومع قوى الثورة فى الدفاع عنها ضد أعدائها الحقيقيين. كل عام مصر بخير. تستكمل ثورتها وتبنى مستقبلها الذى يستحقه شعبها العظيم.