آن الأوان أن تنسى جماهير التانجو أغنية مارادونا وتمجِّد صاحب القميص رقم 10 الجديد الجماهير غنَّت: بفضل ليو سنعود باللقب إلى الأرجنتين مارادونا وزيكو وبيليه وبلاتينى ورونالدو.. كلهم احتاجوا فقط إلى لمسة واحدة ليصبحوا نجومًا وأبطالاً كلوزه سجَّل أمام غانا ويحتاج إلى هدف ليصبح أعظم هدافى بطولات كأس العام لا تحتاج الفرق إلى أن تلعب بصورة جيدة طوال المباراة. الفرق المتميّزة تحتاج فقط إلى دقيقة واحدة. كم من المباريات أنهتها لمسة واحدة فقط للكرة من أقدام روماريو. كم من الدقائق التى احتاج فيها زين الدين زيدان إلى لمس الكرة مرة واحدة فقط ليساعد فريقه فى إحراز هدف. دييجو مارادونا، وزيكو، وبيليه، وميشيل بلاتينى، ورونالدو.. كلهم احتاجوا فقط إلى لمسة واحدة ليصبحوا نجومًا وأبطالًا. ليونيل ميسى واحد من هؤلاء النجوم والأبطال، وكل ما يحتاج إليه فقط هو تسديدة واحدة، لكى يضع الأرجنتين فى دور ال16. هذا ما حدث يوم الأحد الماضى، حينما ذهب البرازيليون إلى الملعب من أجل تشجيع الفرق المضادة للأرجنتين. فى بادئ الأمر، على استاد الماراكانا أمام البوسنة، وأول من أمس، على استاد مينيراو، شجَّع الناس فى بيلو هوريزونتى ودعموا إيران، وهذا الأمر تقريبًا نجح بصورة ضئيلة. فإيران شعرت بدعم مينيراو لها وقدمت أداءً جيدًا، لكن العبقرية أتت من الناحية الأخرى: تسديدة واحدة مذهلة لا تُصدَّق، بعد دقيقة واحدة من مرور التسعين دقيقة، تمنح الفوز للأرجنتين. أعظم لاعبى كرة القدم فى كل العصور يكون كأس العالم ساحة رئيسية لتألُّقهم، فبيليه هو بيليه لأنه فاز بثلاثة ألقاب كأس عالم، ورونالدو هو رونالدو لأنه منح البرازيل لقبَى كأس عالم، ومارادونا هو مارادونا لأنه قاد الأرجنتين للأمجاد، وزين الدين زيدان هو زين الدين زيدان لأنه منح فرنسا لقبها الوحيد. أما بالنسبة إلى ميسى؟ فتلك هى كأس العالم الثالثة له. فى 2006، كان مجرد صبى لديه 19 عامًا، وبعد أربع سنوات كان بالفعل أفضل لاعب فى العالم، وكل الضغوط كانت على كتفيه، لكنه خاض خمس مباريات لم يسجّل فيها أى هدف. هو لاعب عبقرى، لكنه لم يصبح بعد أسطورة. تحتاج الأسطورة إلى ميدالية على صدرها فى كأس العالم، وجاء ميسى إلى البرازيل من أجل ذلك الأمر. إذا كانت بطولة جنوب إفريقيا مرت من دون أن يسجِّل ميسى ولا هدف، هو كان بحاجة إلى واحد فقط فى البرازيل كى يعود للتهديف. مباراتان بهدفين بانتصارين لمنتخب بلاده، إذن لدى ميسى كل شىء، لكى يستمر مؤمنًا بقدراته حتى النهاية. يمتلك ميسى حاليًّا عزيمة أن النصر المحتمل بين أقدامه بطريقة ساحرة. لكن ميسى هو مفتاح فوز الأرجنتين، الذى لم يجد نفسه بعد. فى المباراة الأولى، استخدم أليخاندرو سابيلا خطة مثيرة للجدل، ووجهت الصحافة إليه انتقادات لاذعة، حتى إن ميسى نفسه اعترض عليها. اشتكى صاحب القميص رقم 10 من أنه كان وحيدًا جدًّا فى الهجوم، وقال بعض الأخبار إنه طلب من سابيلا تغيير طريقة اللعب فى نهاية الشوط الأول، وغيَّر سابيلا طريقة اللعب فعلًا، وتحسَّن أداء الفريق وسجَّل ميسى الهدف الثانى فى فوز الأرجنتين على البوسنة بهدفين لهدف. أول من أمس، سابيلا لم يقدّم أى مفاجآت، واستخدم «السَّحَرَة الأربعة»، الذين يستخدمهم منذ بادئ الأمر: ميسى، وأجويرو، ودى ماريا، وهيجواين. اعتقد الجميع أنه من السهل عليها تخطِّى عقبة إيران الضعيفة. لكن أى شخص يقارن بين أبناء كارلوس كيروش (مدرب المنتخب الإيرانى)، سيجد أن إيران كانت الأفضل فى المباراة، ولولا إنقاذ سيرجيو روميرو أربع كرات وهجمات خطيرة، وهو ما جعله رجل المباراة، لكن كما نقول هنا فى البرازيل «لعبة كرة القدم لا تنتهى إلا بمجرد صافرة الحكم». كان لا يزال أمام ميسى وقت، عندما وصلته الكرة، فى الجزء الأمامى من منطقة الجزاء، كان هناك 11 لاعبًا من إيران فى الدفاع، نعم الفريق بأكمله يدافع، وأى واحد منهم يمكنه وقف هذا النجم، لكنها كانت تسديدة مثالية، نتج عنها هدف مثالى، مكَّنت الأرجنتين من الفوز على إيران بهدف دون رد، لينتقل التانجو إلى الدور التالى. جميع مباريات الأرجنتين ستكون بمثل تلك الطريقة فى المدرجات، فالبرازيليون سيدعمون خصوم الأرجنتين بالتأكيد، لكن «ألبى سيليستى» (لقب الأرجنتين) سيكون له الدعم الخاص به، فالآلاف من الجماهير الأرجنتينية أتت إلى البرازيل، وعلى استعداد لفعل أى شىء من أجل دعم منتخب بلادها. قبل ساعات من المباراة الأخيرة، نشب قتال شوارع بين البرازيليينوالأرجنتينيين، لكن هذا كان استثناء، فعل الرغم من أجواء التنافس، كان ملعب مينيراو يقدِّم لوحة جميلة فى المدرجات. فالأرجنتينيون لا يتعبون من الغناء، وقالوا: «بفضل ميسى سنعود باللقب إلى الأرجنتين»، وغنّوا كذلك أغنيتهم التقليدية المعتادة أيضًا «مارادونا أعظم من بيليه». بالحديث عن مارادونا، هذه المرة تمكَّن من دخول الملعب، لكنه غادر مينيراو قبل هدف ميسى. هذا اليوم لم يكن فقط يوم ميسى، بل وضع الألمان أيضًا أسماءهم فى التاريخ. قبل كأس العالم، كان رونالدو -الظاهرة- يسأل البرازيليين «دعونا نهتف ضد كلوزه»، لكن ما السبب؟ لأن كلوزة بدأ كأس العالم وفى جعبته 14 هدفًا فى تاريخ كأس العالم، يحتاج فقط إلى هدف واحد ليتخطّى رونالدو ويصبح أكثر اللاعبين تهديفًا فى المسابقة. وانهار الرقم القياسى الذى حقَّقه نجم البرازيل، ولقد ذهب رقم الظاهرة سُدى. كلوزة سجَّل أمام غانا، وتجنَّب هزيمة ألمانيا أمام غانا ويحتاج إلى هدف واحد فقط، ليصبح أعظم هداف فى جميع الأوقات فى أكبر بطولة كرة قدم فى العالم. لاعبون كبار، نجوم، عباقرة، أساطير.. كأس العالم هو مكان اللاعبين ليعبّروا عن مستواهم.. روماريو فعلها، ورونالدو فعلها، ومارادونا فعلها، وزين الدين زيدان فعلها، وبيليه فعلها، حتى كلوزة تمكَّن من تحقيقها. حان الآن وقت ميسى، وحان الآن وقت أن تنسى جماهير الأرجنتين أغنية مارادونا، وأن تمجِّد صاحب القميص رقم 10 الجديد، لكنه يحتاج إلى تحقيق الفوز بكأس العالم.