الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    جامعة المنيا تحقق طفرة بالتصنيف الأمريكي لأفضل الجامعات    خبير تربوي: مصر شهدت نقلة نوعية في التعليم الجامعي بعد ثورة 30 يونيو    إطلاق تطبيق إلكتروني وصندوق طوارئ خاص بالمصريين في الخارج.. تفاصيل    رئيس البورصة يستعرض مستجدات تنفيذ استراتيجية التطوير مع قيادات الشركات    سفير مصر في مالابو يلتقي مع نائب رئيس غينيا الاستوائية    تويوتا تعتزم ببيع أسهمها في آيسين لقطع الغيار في صفقة بقيمة مليار دولار    الحركة الوطنية يفتح مقراته بكل المحافظات لطلاب الثانوية وقت انقطاع الكهرباء    اتحاد شباب المصريين بالخارج يطلق مبادرة للمساهمة في ترشيد استهلاك الكهرباء    «النقل» تكشف حقيقة وجود مناطق على الطريق الدائري دون إضاءة    طيران الاحتلال يستهدف منزلا في حي الشجاعية وسط قطاع غزة    وزير الدفاع الإسرائيلي: يمكننا إعادة لبنان إلى العصر الحجري    انسحاب المرشح الثاني من السباق الرئاسي في إيران    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    موعد مباراة إسبانيا وجورجيا في ثمن نهائي يورو 2024    رسميا.. عقوبات قاسية من رابطة الأندية ضد الزمالك    يورو 2024 - الكشف عن سبب خروج فودين من معسكر إنجلترا.. وموعد عودته    تعرف على قرعة تصفيات آسيا المؤهلة إلى كأس العالم 2026    إعلامي: الأفضل لأمير توفيق التركيز على الصفقات بدلًا من الرد على الصفحات    ننشر أسماء 11 مصاباً في حادث انقلاب سيارة «كبوت» بأسوان    خلال 24 ساعة.. رفع 48 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الميادين    تحرير107 محاضر خلال حملات تموينية بمراكز المنيا    المحامى ذبح والدته وشقيقه الأصغر وشقيقته المطلقة واشعل فيهم النار والسبب الميراث بكفر الشيخ    ضبط 2 كيلو ونصف حشيش بحوزة عاطلين بشبرا الخيمة    يدير 5 جروبات.. ضبط طالب بالجيزة لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الثانوية العامة    الوطنية للإعلام تطالب القنوات بتكثيف التوعية بأهمية ترشيد استهلاك الكهرباء    تعرف على إيرادات فيلمي ولاد رزق 3 واللعب مع العيال    "الأوقاف": ندوات ب 4 محافظات اليوم عن "مفهوم الوطنية الصادقة" بمناسبة ذكرى 30 يونيو    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    وزير الصحة: مراجعة كافة أعداد الحضانات الخاصة بالأطفال بالمحافظات    رئيس الرعاية الصحية يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا    الكشف على 1230 مواطنًا بالقافلة الطبية المجانية بالحامول في كفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    وفاة النجم الأمريكي بيل كوبس المعروف بأدواره في «ليلة في المتحف» و«الحارس الشخصي» عن 90 عاما    قرار جمهوري باستخدام السوفر كسعر فائدة مرجعي مع البنك الإسلامي للتنمية    تنسيق الجامعات.. تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    محطات فنية بحياة الفنان الراحل صلاح قابيل فى ذكرى ميلاده    «الأرصاد» تحذر من الرطوبة اليوم.. تصل ل90% على السواحل الشمالية    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    محطات فنية بحياة الشاعر الغنائى مأمون الشناوى فى ذكرى وفاته    ثورة 30 يونيو.. ذكرى إنقاذ مصر من الإرهاب والدم إلى التعمير والبناء    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    توافد طلاب الثانوية الأزهرية بالشرقية على اللجان لأداء امتحان الأدب والنصوص والمطالعة    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    «التأمينات الاجتماعية» تبدأ صرف معاشات شهر يوليو 2024    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 27 يونيو.. «يوم التحول والبصيرة العميقة»    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعات ضرورية.. تجاوز الإخفاق التنموى المزمن فى مصر
نشر في التحرير يوم 23 - 05 - 2014

باتت التنمية الاقتصادية، حسب ما تكشف عنه أى قراءة متعمقة فى اتجاهات الرأى العام المصرى على أعتاب الانتخابات الرئاسية، أحد التحديات الكبرى أمام شرعية أى نظام سياسى سيتأسس فى مصر بعد التحولات المتسارعة فى البناء السياسى للبلاد منذ 25 يناير 2011.
تحدى التنمية ليس آنيا أو حديثا، ولا ينبع من مجرد معطيات السياق السياسى/الأمنى شديد الاضطراب، الذى تعانى منه البلاد منذ 25 يناير 2011. لقد أخفقت تجارب التنمية فى مصر جميعا منذ عهد محمد على فى مطلع القرن التاسع عشر، فى تأسيس نمط تنموى مستقر ومستديم ومتنام قادر على التطور وإصلاح أى خلل يعتوره، فضلا عن أن يلبى الاحتياجات المجتمعية الحقيقية للمصريين ويحظى بالتالى بحاضنة شعبية تستفيد منه وتدعم استمراره.
يمكن تبين ثلاث معضلات رئيسية تقف وراء إخفاقات التنمية المتوالية فى التاريخ المصرى الحديث، ويمثل الوعى بتلك المعضلات الثلاث شرطا أساسيا لتطوير أى مشروع تنموى حقيقى يمكنه تجاوز عوامل الإخفاق المؤسسة، ويوفر إحدى ركائز الاستقرار الحقيقى فى مصر.
أولى هذه المعضلات احتكار مؤسسات الدولة، التى شهدت طوال التاريخ السياسى الحديث لمصر، حتى الآن، أدنى درجات المشاركة الشعبية فى صنع قراراتها، الدور الرئيسى فى تحديد غايات التنمية وأدواتها ومجالاتها، بل والمستفيدون من عوائدها. ورغم ما بدا من نجاح مبدئى فى تجربة محمد على والتجربة الناصرية من خلال إدارة الدولة عملية التنمية بشكل مباشر، فإن تغييب الجماهير عن أن تكون طرفا رئيسيا فى صنع التجربتين أدى إلى انهيارهما بعد غياب القيادة التى تبنتهما.
أما مرحلة ما يعرف بالحقبة الليبرالية «1923-1952»، ومرحلة ما بعد الانفتاح الاقتصادى عام 1974 وبدء التعددية الحزبية «الشكلية» عام 1976، فقد تميزت تجاربهما التنموية بأنها تأسست حول تحالف نخبوى مغلق عمل على احتكار جُل عوائد التنمية لمصلحته وتهميش قطاعات واسعة من المشاركة العادلة فى اقتسام هذه العوائد، مما انتهى فى كلتا الحالتين بثورة شعبية. وبالتالى، فإنه من دون مأسَسَة المشاركة الشعبية فى صنع أى برنامج تنموى وتحديد غاياته وتقييم آلياته ونتائجه، لا يمكن لأى جهد تنموى مستقبلى فى مصر أن ينجح، فضلا عن أن يكون مستديما.
المعضلة الثانية هى هيمنة منطق «عدالة الإشباع» على مبدأى «عدالة التوزيع» و«تحرير الفرد»، منذ ثورة 1952. خلال الحقبة الناصرية، أضحت غاية دور الدولة التنموى توفير أكبر قدر ممكن من الإشباع المتساوى بين مختلف الأفراد فى المجتمع، عبر قيام الدولة بالإنتاج والتوزيع. إلا أن هذا الدور انتهى بإخفاق فى تحقيق رضا شعبى حقيقى ب«مقننات» الإشباع الحكومية، إضافة إلى إهدار فرص تنموية حقيقية نتيجة تغييب الدور الفردى لمصلحة الدور الحكومى المحدود والقاصر بطبيعته سواء فى ما يتعلق بجمع المعلومات الكاملة، أو الاستغلال المتزامن والمتكامل لمختلف قدرات الدولة على اتساع إقليمها، مما غيب التنمية عن كثير من مناطق البلاد.
وفى مرحلة ما بعد عبد الناصر، تخلت الدولة عن جزء كبير من المسؤولية عن قرارات الإنتاج والتوزيع، إلا أنها لم تطور فى المقابل قدرات تنظيمية حقيقية لإدارة التفاعلات الفردية وتعزيزها، بل عززت فى المقابل الاحتكارات وحمت الفساد، وحافظت بالتالى على نمط تنموى قيّد المشاركة الحقيقية لمختلف المصريين فى صنع قرارات التنمية والنهوض بمهامها، فضلا عن الاستفادة من عوائدها. فجر هذا العجز الحكومى عن الوفاء بمهمتها الرئيسية التى تبنتها وهى «عدالة الإشباع» رفضا شعبيا واسعا لهذه الدولة عبر نموذجيها المشار إليهما.
يُعدّ التحول نحو تبنى «عدالة التوزيع» شرطا لنجاح أى مشروع تنموى فى المستقبل. ولا تقتصر «عدالة التوزيع» على ضمان توزيع عادل لعوائد التنمية، لكن يسبق ذلك، ويؤسس له، نهوض الدولة بدورها فى ضمان عدالة توزيع القدرات التنموية، من خلال توفير البنية الأساسية اللازمة لتنمية مختلف المناطق فى البلاد، والإطلاق المنصف لقدرات الأفراد على استغلال مختلف مقدرات الدولة، وحمايتهم من الآثار السلبية للاحتكارات واستغلال النفوذ.
المعضلة الثالثة تتمثل فى عدم توازن الارتباط بين متطلبات التنمية الداخلية وسياسة مصر الخارجية. ونلمح فى هذا السياق نموذجين صبغا تلك العلاقة وكان كلاهما له تأثير سلبى للغاية: أولهما يبرز فى ظل محمد على وعبد الناصر، حيث تبنت مصر سياسة خارجية توسعية ونشطة للغاية بما يتجاوز القدرات الاقتصادية للدولة على الوفاء بتكاليفها، فضلا عن أن عوائد تلك السياسة الخارجية كانت غالبا لا تصب فى دعم التنمية الاقتصادية فى الداخل. وكان من نتيجة هذا النموذج انهيار خطير فى كلا الجانبين: السياسة الخارجية والتنمية الداخلية.
النموذج الآخر، هو نموذج تقييد السياسة الخارجية بدوائر محدودة بما يضمن مصالح التحالف الأوليجاركى الحاكم، دون النظر إلى الفرص الأوسع نطاقًا التى يوفرها السياق الدولى والإقليمى لتعزيز فرص التنمية الداخلية. ويبرز ذلك من خلال الانسحاب المتنامى منذ سبعينيات القرن العشرين من دوائر مهمة للسياسة المصرية فى إفريقيا والعالم الثالث، بل وجزء مهم من العالم العربى، باستثناء دول الخليج العربية، لمصلحة الارتباط بمركز الاقتصاد العالمى فى الغرب، مما أسس لعلاقة تبعية أسهمت فى تشويه توزيع عوائد التنمية الاقتصادية التى باتت تذهب فى جلها لمصلحة فئة محدودة من رجال الأعمال المحليين المرتبطين بالمركز العالمى فى الخارج. كما أهدر هذا الانسحاب فرصا تنموية مهمة كان يمكن أن يوفرها التواصل مع الفضاءات الإقليمية التى تم تجاهلها لعقود طويلة.
يبقى أخيرا أهمية إدراك أن التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطى ليسا أولويتين متنافستين، فالتحول الديمقراطى عملية متواصلة تؤسس قيمًا ووعيًا وإجراءات، لا يمكن تصور اكتمالها من دون النجاح فى تنمية اقتصادية تعزز دور الفرد وتنهض به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.