تعال نجرب نبطل استعباط، فأن تشرق الشمس فتفتح عينيك فلا تجد آل مبارك، هو إحساس فيه من هوس السعادة ما يفوق نشوة العقاقير الكيميائية الترفيهية المخلقة مجتمعة.. أن تصحو فى فراشك متيقنا من أنك أبدا لن.. أبدا والله لن تورث، لأنك هزمت الطاغوت وأطحت بمستعبدك وقطعت رباطا ومنعت حاكمية السلالة.. هو إحساس كفيل وحده أن يجعلك تمشى ملكا.. لم تهبط عليك هدية من عزرائيل.. لم ينزل فوقك مخلص.. لم تنجب الجهادية ناصرا جديدا.. لم تتلفع بحماية خارجية ولم تسر خلف قائد.. بل كنت أنت القائد وأنت المخلص. أنت من انتزع هذا الفوز العظيم.. انتزعته بسواعدك أنت وأبناء الطبقة المتوسطة، وما لحق بكم من مدد الخروج الكبير للكتلة الصامتة. والله لو أنى اختزلت مكاسب الثورة فقط فى كونى نأيت بنفسى وذريتى عن أكبر وصمة عار، وهى اعتبارنا بهائم هائمة نرعى فى ضيعة تورث من أب لابنه، لكان ذلك وحده هو الفوز العظيم، فوز يتقزم أمامه أى مكاسب أخرى، أردناها ولم نصل إليها بعد. لا خطيئة فى أن تستمتع بانتصارك.. انظر خلفك وتذكر الرحلة العطرة.. تطلع إلى السماء شاكرا واستمتع بما حققت.. ما تفرح بأة!! افرح واملا الدنيا أمانى. لم يستشهد الثوار من أجل أن تراك أرواحهم تعيسا يائسا. اسمحوا لى أن أحيلكم لجزء من مقالة لى نشرتها فى 27 سبتمبر 2010 على صفحتى بال«فيسبوك»، ثم تم نشرها على موقع الحملة الرسمية لدعم البرادعى رئيسا، بعنوان «مين تانى يصلح؟»، أعيد عليكم جزءا منها، لنتذكر ما هو كان سقف أمانينا وما حققناه منه وها هى: «مش مهم مين يصلح طالما أن الشعب هو اللى اختاره، وإنه جه بانتخابات حرة نزيهة وفى ظل دستور شرعى محترم مساو لدساتير البلاد التى تحترم مواطنيها مش تيدلهم بالجزم.. وفى ظل الدستور الجديد والذى به المبادئ العامة البديهية اللى تنادى بها الجمعية الوطنية للتغيير، فإن شاء الله لو جه حتى واحد زى الزفت يحكمنا، اللى هايحمينا ساعتها هو الدستور، لأنه بيحد من سلطات الرئيس وبيقصقص مخالبه، وقتها اللى بيحكم فعليا هى مؤسسات الدولة مش فرد وحده لا شريك له، واللى بيحطوا القوانين هم اللى بيعبروا عن الشعب، نواب بجد مش كلاب سلطة، ورئيس الوزراء ينتخبه نواب الشعب، مش بتعيين الرئيس ولا يستطيع عزله إلا نواب الشعب، والذمة المالية للرئيس والوزراء والنواب هتبقى معروفة ومعلنة مسبقا.. والرئيس مُحدّد راتبه وبدلاته وقابل للمحاسبة والعزل كمان، ولا يستطيع حل البرلمان بمزاجه، ويحكم بيننا وبينه سلطة قضائية مستقلة، لا تخضع لوزير العدل، والأهم من ده كله إنه له مدة محددة، فلو وحش لا يُنتخب مرة أخرى، ولو زى القمر طظ مالوش فترة تالتة.. والجرائد القومية لن تكون بوقا يتغزل فى جماله وحلاوته، ولا التليفزيون هايحلف بيه ليل ونهار، وأى حد هيقدر يكوّن حزب بمجرد الإخطار، ويقوم بالعمل الجماهيرى والتعريف ببرامجه. الشعب هيغلط؟! ما يغلط!! المهم يتعلم لحد ما ينضج ويصبح عنده إحساس أن الوطن ملكه، وإن صوته هيفرق فيصبح فاعلا حقيقيا فى الحياة السياسية، وفى بناء وتقدم وطنه، ومش هيضطر الرئيس الجديد يبقى خادما مطيعا لأمريكا وإسرائيل عشان يحتفظ بالكُرسى، ولا هيضطر يكبّر دماغه فى قضية فلسطين، ويهادى بالغاز، لأنه ببساطة الشعب هو اللى جابه والشعب هو اللى هايخليه مش الأمن المركزى، وهو برضه اللى هيمشيه بدل مايصبر على القاتل لما يموت لوحده».. أكتفى بهذا القدر وأستحلفكم بحق الشهداء ألم نحقق كل تلك الأمانى فى 5 أشهر هى عمر الفترة الانتقالية؟ لم يستشهد الثوار من أجل أن نبحث عن قتلتهم، لنقتص منهم أو نتصارع على ميدان! بل استشهد الثوار من أجل أن يحرروا الوطن.. دفعوا حياتهم راضين مرضيين من أجل تلك النتائج العظيمة، لا من أجل المطالبة المحمومة بإعدام عشرين أو خمسين ضابطا أو حتى مية.. للحرية ثمن قد دفعوه عنا، ومن أجلنا، ومن أجل أجيالنا القادمة، ونالهم أكبر ثواب، فالمجد لهم فى الأرض، مخلدة ذكراهم، وفى السماء لهم ما ليس لنا ولو قضيناها سجدا.. نعم لنستمر فى ملاحقة القتلة، ولكن بالله عليكم فلنراهم بما يليق بهم كمحاربين أبطال وليس كضحايا ولنركز كل الجهد فى أولويات المرحلة. هو فيه حد مش فاهم إن كام شهر وهانسلم على الجيش وتبدأ المعركة الحقيقية، وإن البرلمان هايلغى الميدان بصفته فقط وحدها؟ الخروج من البطء الحالى ودوامة السلطات التايهة بين مجلس وزراء ومجلس عسكرى ستنتهى فى الستين يوما القادمة. وهذه الفترة الملتبسة على الجميع بين كونها فترة تسيير أعمال أم انتقالية أم ثورية، كل ذلك سينتهى بوجود مجلس شعب منتخب، له قدرة على التشريع، وحكومة تملك قرارات مصيرية، ونقدر نحاسبها، الخوف أن يمضى الوقت فى اللهث وراء الزج بالقتلة فى السجون ومتابعة محاكمة مبارك، وكل الخوف أن يلهينا ذلك عن ما هو أكثر أهمية، وهو انتزاع الطلبات التى يتعلق بها مصير الانتخابات: القائمة النسبية، والمبادئ الحاكمة، وعزل كل من كان بالحزب الوطنى عن الحياة السياسية، لنفيق على مجلس الشعب القادم، والأغلبية للحًى تطلب تطبيق الحدود.