في أعقاب هزيمة 67 تسربت ملفات للمخابرات العسكرية تحوي الكثير من التفاصيل التي ارتبطت بمحاولة استقطاب بعض الفنانين للعمل لحساب الأجهزة الأمنية ليتحولوا إلى وشاة على زملائهم. كانت الخطة هي أن تتم محاصرة الفنان وترهيبه طالما أنه لم يستجب فإنهم يلجئون إلى النصف الثاني من نظرية "الجزرة والعصا" وهى أن ينحوا الجزرة جانباً ويستخدمون العصا للترهيب.
من أشهر اللاتي تعرضن لتلك الأسلحة "فاتن حمامة" وروى "عمر الشريف" الذي كان زوجها في تلك السنوات – الستينيات – أن "فاتن" واجهت بقوة تلك الضغوط بل وطردت أحد كبار الضباط التابعين للمخابرات العسكرية من منزلها وهى تشيعه بالألفاظ الغليظة برغم رقة "فاتن حمامة" المعروفة.
أمام كل ذلك كان ينبغي على "فاتن" طبقا لنصيحة عدد من أصدقائها أن تهرب إلى بيروت لأن هذا الجهاز لا يتقبل بسهولة الهزيمة وهاجرت "فاتن" إلى بيروت وصورت بعض الأفلام هناك ولم تعد إلا عندما عرف "عبد الناصر" وطلب من وزير الثقافة الأسبق "ثروت عكاشة" أن يعيدها إلى مصر بعد هزيمة 67 التي شهدت هزيمة لدولة المخابرات. تردد وقتها الاسم الحركي لمقدم قصير القامة اسمه الحقيقي "صفوت" الذى كان يمارس وظيفته في تجنيد الفنانين والصحفيين للعمل لحساب الأجهزة من الباطن باسم حركى "موافي".
أشهر محاولة للسيطرة على الفنانين وتم تسريبها هي قضية "سعاد حسني" التي خطط "موافي" أقصد "صفوت" لاستدراجها وتصويرها في موقف حساس وبدءوا في الضغط عليها ورغم ذلك قاومت "سعاد" ولم تتحول إلى عين للأجهزة تشي بزملائها كما كانت الخطة.
قال "موافي" أو "صفوت" أثناء التحقيق معه أن "سعاد" رفضت أن تتحول إلى واشية وعندما سألوه لماذا يصور الفنانات في تلك المواقف الخاصة أجابهم أنه رجل عسكري ينفذ الأوامر ولا يناقشها وأنه كان يتلقى تعليماته من رئيس جهاز المخابرات الأسبق "صلاح نصر" بالتصوير ولا يملك سوى الإذعان للأوامر!!
وانتقل "صفوت" للحياة المدنية وهو يحمل عقلية رجل المخابرات "موافي" ولهذا ظل يسعى لممارسة هوايته القديمة في السيطرة بتصويرهم في لحظات ضعفهم واستطاع أن يقدم نفسه إلى "د.مرسى سعد الدين" الذي كان يشغل موقع رئيس جهاز الاستعلامات في عهد "أنور السادات".
وكان "مرسى" مقرباً من الرئيس الراحل كما أن شقيقه "بليغ حمدي" من الملحنين الكبار الذين أحبهم "السادات" ولهذا كان "مرسى" موضع ثقة "السادات" إلا أن "صفوت" استطاع أن يفسد العلاقة بينهما ويطيح به بعيداً عن هيئة الاستعلامات وكالعادة تم تصويره في مكتبه في لقاء عاطفي وتم إرساله للسادات لاتخاذ اللازم.
واكتشف "مرسي" أن مدير مكتبه "صفوت" هو الذي دبر له هذه المكيدة لإبعاده عن منصبه ليصبح هو بعدها رئيساً للاستعلامات ثم يقفز في عهد "مبارك" إلى رئاسة أهم جهاز تستند إليه الدول الشمولية في غسل عقول المواطنين وهو الإعلام ليصبح أقوى الوزراء في عهد الرئيس المخلوع وكان من خلال هذا الجهاز يلعب دوره في العمل لحساب الأجهزة وتجنيد الفنانين لتقديم خدمات للنظام.
ولم يقتصر الأمر على الفنانات والفنانين ولكن انضم إليهم عدد من المذيعين والمذيعات.. الكثير من التفاصيل التي كان يمارسها في إدارته لوزارة الإعلام تشهد أن "صفوت" الوزير ظل مخلصاً لموافي رجل المخابرات.. كان "صفوت" محل ثقة "مبارك" لأنه عرف مفاتيح التعامل مع شخصيته العسكرية التي تميل للحساب بالأرقام ولهذا مثلاً كان في كل عيد للإعلام يقدم له كشفاً موثقاً بالأرقام يؤكد من خلاله أن عدد القنوات التليفزيونية قد ارتفع إلى رقم غير مسبوق في العالم العربي وأن ساعات البث اليومى تعني أن المشاهد صار تحت السيطرة الكاملة.
ولم يكن يذكر أبداً أن الناس صارت لا تصدق إعلام الدولة وتستغيث بالجزيرة والعربية والحرة وأخواتهن.. في عام 2004 تم إبعاد "صفوت" الى مجلس الشورى بعد أن ضاقت به "سوزان مبارك" لأسباب متعلقة ببعض المواقف الخاصة التي ارتبطت به في حياته.
وكان يتردد أن "سوزان" لا يروق لها ذلك بعد أن تناهى إلى سمعها الكثير مما كان يفعله "صفوت" لإرضاء زوجها الرئيس السابق ولأنها ليست بعيدة عن صناعة القرار فإنها كثيراً ما كانت تسعى لإقصائه خارج الإعلام وكان "مبارك" هو الذي يتدخل في اللحظات الأخيرة للحفاظ على وزير إعلامه بينما كانت "سوزان" تعمل جاهدة للحفاظ على عدو "صفوت" الأول وهو "فاروق حسني" وزير الثقافة وهكذا ظل "فاروق" على مقعد وزير الثقافة أكثر من 23 عاماً ولم يطح به إلا قيام ثورة 25 يناير.. وهكذا بقدر ما تمسك "مبارك" بصفوت بقدر ما سعت "سوزان" إلى مؤازرة "فاروق" رغم تورطه في العديد من القضايا.
ورغم ذلك عندما ذهب "صفوت" إلى مجلس الشورى في مقعد الرئيس لم يستسلم ظل فاعلاً في تعضيد النظام الفاسد؟! "صفوت الشريف" شاهد على ما كان يتم في الحياة الفنية والإعلامية والسياسية طوال ما يقترب من نصف قرن مثل السيطرة على عدد من الشخصيات الشهيرة بالذين لعبوا أدواراً في العهد البائد بحجة أنهم في المعارضة رغم أنهم كانوا يلعبون من الباطن في طابور النظام ثم انقلبوا عليه بعد 25 يناير وصاروا حالياً في ملعب المناضلين الثوريين.
أترقب العديد من الأسرار سوف يعلن عنها قريباً أثناء التحقيقات لنقرأ عن أسماء دأبت على الخداع واللعب على الحبلين.. الثعلب العجوز "صفوت" لم ينس أبداً أنه "موافي"!! مصراوى