زكريا عزمى لا يزال يشارك فى حكم مصر، لم يسقط مع النظام الساقط، ربما غادر القصر الرئاسى، لكنه لم يغادر دوره فى المشهد السياسى المصرى. إنه بلا مواربة أعلن على الهواء مباشرة فى اتصال مع قناة «أوربت» أنه لا يزال موجودا، وحين سأله جمال عنايت عن أخبار مبارك، فاجأه زكريا عزمى وفاجأنا بأنه يعمل الآن تحت رئاسة المشير ويتلقى تعليماته من المجلس العسكرى. وأظن أن زكريا عزمى ما كان يمكن أن يطل عبر الفضائيات ليثير الفزع ويحرك الهواجس والوساوس فى نفوس الثوار، لو لم يكن لديه ضوء أخضر بذلك أو على الأقل كان مدركا تماما أن أحدا لن يؤاخذه على ظهوره. لكن هناك ما هو أخطر من الظهور التليفزيونى، ذلك هو الحضور العملى لرئيس ديوان الرئيس المخلوع فى القرارات الرسمية المتخذة بعد إزاحة مبارك عن الحكم. إننى لم أصدق حين اطلعت على ما جرى فى وزارة الخارجية المصرية قبل أيام، حيث لا يزال زكريا عزمى رئيس ديوان الرئيس السابق يوقع على أوراق اعتماد السفراء. والذى حدث أنه كانت هناك حركة تكميلية للسفراء اعتمدت أوراقها قبل ثورة 25 يناير ووقع عليها مبارك وعزمى، وبعد أن قامت الثورة تم سحب الأوراق لإعادة توقيعها، وبالفعل تسلمها السفراء المعتمدون مرة أخرى قبل أكثر من أسبوع وعليها توقيع رئيس المجلس العسكرى، وبجواره توقيع زكريا عزمى، بالاسم فقط دون الوظيفة. والأمر مثير للدهشة والقلق حتى على مستوى عدد من السفراء الذين سينفذون هذه الحركة فى أول مايو المقبل، إلا إذا كانت الدول التى سيتوجه إليها السفراء الجدد لن تقبلهم إلا إذا وافق عليهم زكريا عزمى. ومعنى سحب أوراق اعتماد السفراء لحذف توقيع مبارك منها ووضع توقيع الحاكم العسكرى أنه لا توجد شرعية لقرارات اتخذها مبارك.. ومن ثم أتساءل: ماذا عن حركة السفراء، التى مررها أحمد أبوالغيط وحسام زكى وحصلا على توقيع مبارك عليها خلسة قبل أيام قلائل من خلعه من السلطة؟ أظن أن المنطق يقتضى أن تعتبر هذه الحركة كأن لم تكن، لاسيما مع ما اكتنفها من ملابسات غريبة وغامضة أثارت شكوك الدبلوماسيين وأشعلت غضبهم.. وأتصور أن على وزير الخارجية الجديد الدكتور نبيل العربى أن يعيد النظر فى هذه الحركة ويراجع بدقة أهلية بعض الأسماء الواردة فيها لتمثيل مصر فى الخارج. لكن ما يهمنا الآن أكثر هو وجود توقيع زكريا عزمى على الأوراق.. وأخشى أن تكون هذه رسالة مؤداها: لقد سقط النظام وبقيت ذيوله وظلاله، وأظن أن زكريا عزمى تحديدا كان الأكثر جدارة بلقب «ظل مبارك» ومن ثم لا تلوموا الذين يعبرون عن خشيتهم من التفاف وانقضاض رموز النظام القديم على ثورة 25 يناير، والصورة الآن تقول إن لدينا حكومة جديدة تضم 7 من وزراء نظام مبارك، ولدينا زكريا عزمى لا يزال يمارس وظيفته، ولدينا بلوفر أحمد شفيق، وتسريبات عن تجهيزه وترشيحه لانتخابات الرئاسة. جريدة الشروق