هذه هى الآليات الأربع التى يستخدمها أى نظام حاكم (ديمقراطيا كان أو غير ديمقراطى) مع منافسيه أو معارضيه أو مناهضيه، لا يحده فى ذلك إلا القانون إن كانت الدولة دولة قانون. وسنرى فصولا من هذه الآليات تستخدم على نطاق واسع فى المرحلة القادمة سواء بتنسيق من رأس مفكرة أو بالتفاعل العفوى للعشوائية المصرية المعهودة: شعبا وحكومة ومعارضة. أما عن الإغواء فهى آلية الحصول على بعض المكاسب مقابل بعض التنازلات. وأعتقد أن حزب التجمع فى ظل قيادته الحالية هو الحزب الأكثر استجابة للإغواء بحكم معرفته بأنه لا يأوى إلى ركن شديد أيديولوجيا أو شعبيا، ومع ذلك فهو فى وضع أفضل نسبيا من الحزب الناصرى رغما عن أن القاعدة الناصرية يفترض أن تكون أقوى. أما آلية الردع فهى التلويح بالعقوبة والخسائر المحتملة على النحو الذى يجعل المعارض يرى أن خسائره ستكون هائلة مقارنة بأى مكاسب محتملة. وهى رسالة النظام التى بدأت تظهر من أن البرلمان الموازى أو أن الدكتور البرادعى ورفاقه سيواجهون عقوبات شديدة وفقا للمادة 86 مكرر من قانون العقوبات والتى ذكرتنى حين قرأتها بمسرحية «الزعيم» حين قال البطل: «الله يخرب بيت أى واحد بيحب الزعيم وهو جواه بيحبه وفيه واحد واقف جانبه بيكرهه». فهى مثلا تقضى بأن يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار، على خلاف أحكام القانون جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى. ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من تولى زعامة أو قيادة ما فيها أو أمدها بمعونات مادية أو مالية وكل من انضم إليها أو روج لها بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى. أما الاحتواء، فهو السماح للقوى المنافسة أو المعارضة أو المناهضة بالتواجد لكن دون أن تتمدد خارج إطارها المحدد أى منع ما يسمى بتأثير المحاكاة (فلا بد لأى إضراب أو اعتصام أن يكون محدودا وألا يتم تسييسه). ولكن إن بدأت هذه القوى تتمدد خارج الإطار المسموح به فلابد من التدخل بالقمع الإدارى (مثل وقف محطات تليفزيونية) أو الأمنى (اعتقالات الإخوان) أو القضائى (رفع قضية سب وقذف). ربنا ينجى مصر من الطوفان. جريدة الشروق