10 آلاف مواطن يعيشون فى منازل بلا أسقف وبدون كهرباء.. وشدة الفقر جعلت الأهالى يتمنون الموت هرباً من معاناة الحياة كتب مدحت وهبة بمجرد أن تطأ قدماك قرية عرب بنى صالح إحدى القرى التابعة لمركز أطفيح بمحافظة حلوان تشعر بأنك خارج حدود مصر، فالمنازل متهالكة لا يوجد بها سقف يمنع حرارة الشمس عن رؤوس أصحابها، وشقوق الجدران جعلت الفئران والحشرات مأوى لها، ومياه الشرب الملوثة التى يحصل عليها أبناء القرية من الآبار كادت أن تفتك بهم. الفقر والبؤس رسما طريقهما على وجوه الأهالى وهو ما جعل الغالبية العظمى منهم لا يعرفون أعمارهم وكل ما يدركونه عن حياتهم هو أنهم يعيشون فى بلد اسمها قرية "عرب بنى صالح" متمنين الموت للهروب من معاناة الحياة. الصدفة وحدها هى التى قادتنا إلى زيارة القرية، وذلك أثناء افتتاح الدكتور على المصيلحى وزير التضامن الاجتماعى الأسبوع الماضى لبعض المشروعات التى أقامتها جمعية الأورمان لأبناء القرية بمرافقة محافظ حلوان، فبمجرد أن شاهدنا معالم القرية من الخارج -وهى عبارة عن قطعة أرض وسط صحراء ولا تتمتع بأى خدمات آدمية- دفعنا الفضول للتجول داخل القرية، الأمر الذى جعلنا نسير على الأقدام فى درجة حرارة تقارب ال40 درجة مئوية ما يقرب من 1.5 كيلو متر، كانت هى المسافة الفاصلة بين موكب وزير التضامن ومحافظ حلوان وبين منازل القرية لنتعرف على حياة الآلاف من المواطنين الذين يعيشون بعيدا عن اهتمامات الحكومة وسط قطعة من أرض الصحراء. معظم بيوت القرية عبارة عن أربعة جدران لا تجد من يحمى رؤوس أصحابها من حرارة الشمس سوى بعض الحطب، حتى أصبحت البيوت بمثابة أفران خبز بسبب شدة الحرارة بها، وهو ما أكدته الحاجة عيدة حسان والتى بمجرد أن تنظر إليها تظن أنها تجاوزت التسعين رغم أن عمرها لا يتعدى الخمسين عاما، فكل ما تتمناه هو مساعدتها على ترميم جدران المنزل مع توفير مياه الشرب النظيفة لأبنائها بعيدا عن المياه المالحة التى يحصولون عليها من الآبار. فى الشتاء يلجأ أهالى القرية إلى أجولة البلاستيك "المشمع" لوضعها على أسقف المنازل لعلها تمنع مياه المطر من الوصول إليهم، حسبما تؤكد حميدة سلامة سليمان والتى تقيم فى منزل مكون من حجرتين لا يصلح لعيشة المواشى -على حد قولها -، حيث يقومون بإشعال النيران طوال اليوم خلال فصل الشتاء للتدفئة، لافتا إلى عدم وجود إنارة لدى المنزل يجعل أولادها لا يخرجون بمجرد غروب الشمس. حالة الحزن التى تسيطر على الغالبية العظمى من أهالى القرية بسبب شدة الفقر وعدم وجود أى خدمات آدمية جعلهم يطلبون من محرر "اليوم السابع" عرض شكواهم على محافظ حلوان أثناء مشاركة المحافظ فى تسليم رؤوس المواشى المقدمة من جمعية الأورمان الخيرية لبعض الأسر فى القرية، حيث ظل الأهالى يسيرون خلف المحرر لمدة 15 دقيقة للوصول إلى المحافظ لعرض شكواهم، أملا فى قيام المسئولين بحل مشاكلهم وتقديم يد العون لهم من خلال ترميم المبانى وتوفير الخدمات الصحية ومنها المياه النظيفة مع إقامة بعض المشروعات للحد من مشكلة البطالة التى تطارد الشباب. "تمنيت الموت أكثر من مرة حتى أرتاح من عذاب ومعاناة الدنيا"، هذه الكلمات جسدت معاناة صلاح عبد الكريم أحد الأهالى بالقرية، وذلك بسبب عدم وجود دخل لديه للإنفاق على أسرته التى تتكون من خمسة أفراد رغم مرضه بفيروس الكبد، لافتا إلى أن القرية لا يوجد بها أى مشروع يعمل فيه أبناء القرية، إضافة إلى عدم تمتع المنازل بتوصيل خدمة التيار الكهربائى، الأمر الذى جعل الشباب يتركون القرية للعمل فى المناطق القريبة من المحافظة لجلب الرزق لأسرهم ولرفع المعاناة عنهم. حمدى حسين سالم أمين عام الحزب الوطنى بالقرية أكد أنه بالرغم من أن عدد سكان القرية يتجاوزن 10 آلاف نسمة إلا أن خدمة المواصلات داخل القرية معدومة وأن معظم الأهالى دخولهم ضعيفة مقارنة بأسعار السلع فى هذه الأيام، لافتا إلى أن القرية لا يوجد بها بعض الخدمات الأساسية التى لا يستطيع أن يعيش الإنسان بدونها مثل عدم توصيل وجود الكهرباء فى الكثير من منازل القرية، علاوة على ذهاب كبار السن إلى مكاتب البريد فى القرى المجاورة لصرف المعاشات الخاصة بهم وهو ما يتطلب ضرورة إنشاء مكتب بريد فى القرية رحمة بكبار السن. نافع مصلح عضو مجلس محلى القرية قال إن المشكلة التى نواجهها هى عدم اهتمام المسئولين فى العمل على التعرف على مشاكل المواطنين فى الوقت التى تفتقر فيه القرية إلى أدنى الخدمات الأساسية والتى بدونها لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها.