تروى الأساطير الريفية القديمة، عن «النداهة»، تلك التى تنتمى لفصيلة «الجان»، بحسب الروايات، وكانت تظهر فى الحقول أثناء السواد الكاحل من الليل، وتنادى على فريستها، بصوتها الساحر، الذى يفقده الوعى، ويدخله عالم الجنون، ليترجح مصيره بين ثلاث سيناريوهات، فيما بعد، أن يجدونه ميتا فى أحد الحقول صباح اليوم التالى، أو «مسه الجنون »، بينما السيناريو الأخير أن تكون تلك «الجنية» وقعت فى غرامه،واصطحبته إلى عالمها السفلى. وتعتبر أسطورة «النداهة» فى عيون الأجيال الحديثة، مجرد «خرافة» من نسيج عقول احتلها «الجهل» فى الماضى، ولكن الواقع يؤكد أن بداخل كل شخص «نداهة»، تولد لهفة بداخله، لتغير مسار حياته فى أوقات عصيبة.
وأعتقد أن «نداهة الإعلام»، باتت تخطط لاغتيال محمد بركات، كرويا، وإقصائه عن المستطيل الأخضر، ولكن مخطئ من يعتقد أن «بركات» مثل «المهووس»، الذى وقع مغشيا عليه فى حب «الجنيه»، بل إنه أدرك بذكائه المعهود أن مصلحته مع «النداهة».
فهو «الماكر» الذى تنبه إلى أن مدة صلاحيته الكروية أوشكت على الانتهاء، فلماذا يغلق أبواب «مجد جديد»، سيغدق عليه «ملايين» الجنيهات وسيوفر له نجومية أطول عمرا، وسيبقى اسمه محفورا فى الوجدان؟ فهل «الزئبقى» الذى باعت «الساحرة المستديرة» نفسها له، وتركته يتمايل ويتراقص بها، كيفما يشاء، عاجزا عن رسم مستقبل أفضل لنفسه؟ لكن يتصدر «التردد»، المشهد داخل «بركات»، فهو «حائر» بين الامتناع عن معاشرة الكرة رسميا، وإعلان قرار الاعتزال، وبين التفرغ لمسيرته الإعلامية والفنية، وكان يحلم بأن يحقق له الأهلى «المعادلة الصعبة»، بتمديد عقده، مع منحه حرية الظهور الإعلامى!!
إطلالته الأولى فى عالم كرة القدم، كانت فى نادى «السكة الحديد»، لكن سرعان ما تسلل صيته إلى أندية القمة، بعد أن تجلت مهارته فى عدة مباريات، وكالعادة بدأ مسؤولو الأهلى، فى فرض شباكهم حوله، لكنهم تراجعوا عن اصطياده، فى أعقاب تعرضه لإصابة خطيرة، فانضم للإسماعيلى موسم 2008.
وقالت المصرى اليوم " فى معقل «الدراويش»، تفنن فى رسم لوحات كروية على المستطيل الأخضر، بنفس مهارة «ليوناردو دافينشى» فى رسم ملامح «الموناليزا»، وقاد «برازيل الشرق» لتحقيق بطولة الكأس عام 2000، والدورى عام 2002. ومع توهجه الزائد، اشتمت أندية الخليج، رائحة تلك «الموهبة الفذة»، وبدأت تعرض «صررا من الدنانير» لإغراء الإسماعيلى للاستغناء عن خدماته، فكان من نصيب الأهلى السعودى، فى موسم 2002 2003، مقابل «600» ألف دولار، فى صفقة كانت الأعلى فى تاريخ «الدراويش» وقتها.
وقدم فى السعودية، وجبة كروية شهية، لمدة موسم واحد، وحصل على بطولة الأندية العربية مع ناديه السعودى، لكنه لم يطق البقاء أكثر من موسم، فطبيعته «الساخرة»، تتناقض مع طبائع أهل السعودية، فقرر الرحيل، وأعلنت إدارة النادى السعودى، وقتها، أن «بركات» قرر توديع النادى!! وفى صفقة بلغت قيمتها «800» ألف دولار، انتقل «بركات» إلى نادى «العربى» القطرى، فى موسم 2003، وكان يلعب للنادى القطرى وقتها، المهاجم الأرجنتينى باتستوتا، لاسيما أن أموال البترول، قد بدأت تطفح على أندية الخليج، فى هذا الوقت، وشكل «الزئبقى» مع «باتستوتا » وقتها ثنائيا جيدا، لكنه لم يدم طويلا، بسبب تعرضه لإصابة قوية، أودت به خارج حدود النادى القطرى، بعد رحلة قصيرة، لم يقدم فيها ما يملكه من إمكانيات.
وفى موسم 2004 2005، بدأ رحلته مع الأهلى، بناء على رغبة البرتغالى مانويل جوزية، المدير الفنى، الذى راهن عليه، رغم الأصوات التى تعالت اعتراضا على ضمه بسبب الإصابة، لكن قوة «جوزية» هزمت المعارضين.
ولم يخذل «الزئبقى» مدربه، وحقق مع القلعة الحمراء فى أول موسم له، دورى أبطال أفريقيا، وتوج «ملكا» لهذه البطولة، حيث حصل على لقب هداف البطولة، برصيد «6» أهداف، كما حصل على لقب أفضل لاعب محلى فى أفريقيا. واستمر «القدر» فى ممارسة «لعبة السعادة» مع «الزئبقى»، فحصل فى نفس الموسم، على لقب أفضل لاعب أفريقى، من هيئة الإذاعة البريطانية ال« بى بى سى»، ليكون أول لاعب مصرى، يحصل على تلك الجائزة.