· النظام السوري يتعامل مع المعارضة بمنطق الأسد أفضل من النبي صلي الله عليه وسلم الرسام الدنماركي «أدرجار كوكفولد» الذي نشر رسوما كاريكاتورية مسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم لم يتعرض لما تعرض له الفنان السوري «علي فرزات» الذي تعرض للخطف والضرب عي قارعة الطريق بأحد شوارع العاصمة السورية دمشق، عقابا له علي الرسوم المسيئة «لبشار الأسد»! فالرسوم الساخرة والناقدة للحكام الطغاة العرب تعد أشد جرما من الرسوم المسيئة للنبي صلي الله عليه وسلم باعتبار هؤلاء الحكام ينتمون لسلالة مقدسة من المخلوقات أرقي منزلة من البشر وأدني مرتبة من الملائكة وربما محاذية لها! تفاصيل الحادثة تقول إن مسلحين مجهولين استوقفوه أثناء عودته من مكتبه ليلة الجمعة قبل الماضية، ووصغوه داخل سيارة واقتادوه إلي منطقة نائية، وأوسعوه ضربا بالهراوات وركلا بالشلاليت حتي تحطمت عظام وجهه ونالت أصابع يديه المبدعتين القسط الوافر من التحطيم وذلك قبل أن يلقوا به علي طريق المطار، ليعثر عليه أحد المواطنين مدرجا في دمائه وينقله إلي مستشفي شيء قريب مما حدث مع عبدالحليم قنديل من قبل شبيحة نظام مبارك! الحادثة وإن لم تكن غريبة علي الانظمة الطاغية في عالمنا العربي أثارت استياء وقرفا واسعا علي مستوي العالم لأن الضحية يعد واحدا من أفضل عشرة رسامين للكاريكاتير علي مستوي العالم وفقا لتصنيف صحيفة «لوموند» الفرنسية التي تختص برسوماته مع عدد آخر من الصحف العالمية مثل الجارديان البريطانية وبرافدا الروسية في صبيحة يوم الحادثة نشر «فرزات» كاريكاتيرا يظهر فيه «الزعيم» معمر القذافي يقود سيارة جيب بأقصي سرعة هاربا من الثوار الليبيين بينما يقف بانتظاره بشار الاسد وقد ارتدي بزة عسكرية ووضع حقيبة سفر إلي جواره: ويشير له بأصبع الإبهام بطريقة «الأوتوستوب» خذني معك! فهكذا دائما رسوم «علي فرزات» بلا تعليق لكنها تكسر حاجز اللغة ولا تحتاج لترجمة وهكذا صارت عالمية لاعتمادها علي الاختزال المكثف والخطوط البسيطة والمفارقات المنطقية الصارخة ومخاطبة العقل والضمير الانساني الجمعي. بعد ثلاثة أيام يرد فرزات علي الحادثة بكاريكاتير يظهر فيه مسجي علي سريره و«الشاش» يلف ايديه واصابعه جميعا فلا يظهر منها سوي أصبعه الوسطي ممدودا علي آخره! إن ما جري مع فرزات هو واحدة من لحظات الصدام المروع بين السلطة والمثقف حين يصل القمع الي منتهاه ويصل الطاغية إلي طريق مسدود، فلا يجد مفرا من رؤية صورة الحقيقية في مرآة المبدع! فالحكام الطغاة مجرد لصوص وقطاع طرق وبلطجية وخونة وجواسيس، ما جري مع فرزات جري بصورة أو بأخري مع كثير من المبدعين في عهود غابرة في الدول التي رزحت تحت ظلم الطغاة! في تشيلي وفور تولي الطاغية «بينوشية» حكم البلاد في انقلاب عسكري عام 73 أرسل جنوده الي شقة الشاعر «بابلو نيرودا» وكانت المهمة هي البحث عن أسلحة وتحطيم أصابع الشاعر الحائز علي جائزة نوبل للأدب عام 71! بعدها بأيام مات الشاعر مسموما بعدما أنهي كتابة مذكراته واختار لها عنوان: