مضت أيام وليالي الشهر الكريم.. انقضي شهر الخير والبركات.. وكان هذا الشهر الفضيل شاهدا علي مر التاريخ لانتصارات اسلامية وعربية والتي كان لمصر منها نصيب وافر.. انتصارات المسلمين في رمضان بدأت في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة وتحديدا يوم السابع عشر من رمضان والذي وافق ايضا يوم السابع عشر من مارس لعام 624 ميلادية، حيث قرر الرسول الكريم اعتراض قافلة تجارية كان يقودها أبو سفيان وكانت عائدة من الشام إلي مكة وعندما علم ابوسفيان أرسل رسولا إلي مكة يحمل رسالة استغاثة.. استعدت مكة وجهزت جيشا لمحاربة النبي واصحابه وفي تلك الاثناء وصل رسول من قبل ابوسفيان يبشر أهل مكة بأن القافلة نجحت في الهروب وهي في طريقها إلي مكة! كان من الممكن ان تنتهي القصة عند هذا الحد ولا يخرج جيش المشركين لمحاربة النبي .. ولكن ابوجهل قبح الله وجهه رفض ذلك واصر في غرور علي استكمال الاستعدادات لقتال النبي واصحابه وثار في غضب وقال «والله لانرجع حتي نرد بدرا وعندما علم النبي» بذلك توجه إلي ربه بالدعاء قائلا «اللهم هذه قريش اتت بخيلائها تكذب رسولك.. اللهم فنصرك الذي وعدتني.. اللهم أن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض» سقط رداؤه صلي الله عليه وسلم عن منكبيه فقال له أبوبكر «يارسول الله إن الله منجز ما وعدك» ودارت المعركة وحمي وطيسها وأمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم قال تعالي «بلي ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين» وهكذا انتهت المعركة بهزيمة ساحقة للمشركين ونصر مبين للمؤمنين حيث قتل من المشركين سبعون واسر منهم سبعون آخرون بعد غزوة بدر بأكثر من ستة قرون ونصف القرن وفي الخامس والعشرين من رمضان من عام 658 هجرية والذي وافق الثالث من سبتمبر 1260م وقعت معركة من أهم معارك التاريخ الاسلامي وهي معركة عين جالوت.. هذه المعركة التي حمل فيها الجيش المصري لواء الاسلام وخاض غمارها دفاعا عنه، حقق الجيش المصري بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس نصرا ساحقا علي جيش المغول بقيادة كتبغا.. وكانت المرة الأولي التي يهزم فيها المغول منذ عهد جنكيز خان.. وقد ادت هذه المعركة إلي انحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وايقاف المد المغولي المكتسح الذي اسقط الخلافة العباسية سنة 656 هجرية / 1258م ،كان الجيش المغولي بقيادة هولاكو قد توجه نحو الشام بأعداد كبيرة بلغت 120 ألف جندي وتوالي سقوط المدن والولايات تحت قبضة جيش المغول، ارتكبوا في كل مكان خطوا حطوا فيه مجاذر تقشعر لها الابدان وقتلوا في بغداد وحدها ما يقر ب من المليون انسان.. وبعد أن دانت لهم كل المواقع التي دخلوها اتجهت انظارهم صوب مصر وساروا في خيلاء وبكبرياء وارسل رسلهم برسائل التهديد والوعيد تقول بعض سطورها «اتعظوا بغيركم واسلموا الينا امركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ويعود عليكم الخطأ.. وقد سمعتم اننا فتحنا البلاد وطهرنا الارض من الفساد وقتلنا معظم العباد.. فعليكم بالهرب وعلينا الطلب.. لأي أرض تأويكم وأي طريق تنجيكم.. وأي بلاد تحميكم.. فما لكم من سيوفنا خلاص.. ولا من مهابتنا مناص.. فخيولنا سوابق وسهامنا خوارق.. وسيوفنا صواعق.. وقلوبنا كالجبال.. وعددنا كالرمال.. فالحصون لدينا لاتمنع.. والعساكر لقتالنا لاتنفع.. ودعاؤكم علينا لايسمع.. الخ وكان الرد الشافي والوافي من قطز أن أمر بقتل الرسل الأربعة الذين جاءوا بالرسالة.. حتي يفهم المغول أن لكل مقام مقالا.. وأن جند مصر مستعدون للقتال.. وأن مصر لن تسقط ابدا.. لأنه لو قدر الاله مماتها فلن يرفع الشرق الرأس بعدها.. وبعد هذه المعركة بسبعة قرون وفي العاشر من رمضان السادس من اكتوبر عام 1973 ميلادية جري تحرير ارضها من غاصب محتل لا يختلف حاله كثيرا عن حال المغول الذين كانوا يعيثون في الارض فسادا ويقتلون ويحرقون الاطفال والنساء والشيوخ وربما كانت الرسالة التي ارسلها شاب مصري اسمه أحمد الشحات إلي المغول الجدد وفي شهر رمضان تحمل الكثير من المعاني وتحدد إلي حد كبير ملامح مستقبل العلاقات بينهم وبيننا!! نجاح الصاوي