· تلعب الحكومة دوراً كبيراً في انتشار الفساد وذلك بالتنكيل بمن يحاول كشفه · سعد عبود دفع ثمن استجوابه لوزير الداخلية وكشف مخالفات في رحلات الحج · الفصل وتلفيق التهم والتهديد بالقتل أو التشويه لمن يجرؤ علي كشف الفساد القضاء: إحالة مكي والبسطويسي للتأديب بتهمة التصريحات السياسية ونهي الزيني لكشفها تزوير الانتخابات · الصحة: نقل موظفة كشفت فضيحة أكياس الدم الملوثة والإطاحة برؤوف حامد لفضحه الأبحاث المضروبة الداخلية: مقاضاة عميد كشف منهجية التعذيب وتزوير الدولة الاستثمار: تجريم يحيي حسين لفضحه صفقة «عمر أفندي» بتهمة إفشاء الأسرار مصر احتلت مركزاً متقدماً بين الدول الأكثر فساداً في تقرير منظمة الشفافية الدولية والفساد أصاب القضاء والأمن والصحة والاستثمار والبرلمان والسياسة كالإخطبوط.. أصبح الفساد يتوغل في جسد الجهاز الإداري بأروقة الحكومة ومؤسساتها ومن عام إلي آخر تتفاقم الظاهرة بدليل أن مصر احتلت المركز 115 في 2008 بين الدول الأكثر فسادا في العالم مقابل المركز 105 في 2007 والمركز 72 في 2006، كما احتلت مركزا متقدما بين الدول الأكثر فسادا في تقرير منظمة الشفافية الدولية الذي أشار إلي أن تكلفة هذا الفساد تصل إلي 50 مليار جنيه سنويا، والأجهزة الرقابية تضبط 73 ألف قضية فساد في الأجهزة الحكومية سنويا والنتيجة 48% من المصريين تحت خط الفقر و8 ملايين عاطل وفقا لتقرير التنمية البشرية. وتلعب الحكومة دورا مشجعا في انتشار الظاهرة بالتنكيل بمن يحاول كشف الفساد ابتداء من الاحالة للشئون القانونية ومرورا بالتحقيق والمحاكمة وانتهاء بالفصل وأحيانا تلفيق الاتهامات والتهديد بالقتل أو التشويه. ولم تقتصر آثار الفساد علي قطاعات بعينها فقد أصاب القضاء والأمن والصحة والاستثمار والتعليم والبرلمان والسياسة والأدباء والشعراء وغيرهم و تعرض «صوت الأمة» لنماذج منهم.. ففي وزارة الداخلية يبرز اسم محمود قطري العميد السابق كأحد ضحايا الفساد والذي تعرض لسيل من القضايا منها القضية رقم 512 جنح دمنهور بتهمة سب وإهانة هيئة الشرطة وذلك عندما كشف دور الشرطة في تزوير الانتخابات، والقضية رقم 21350 جنح أبوالمطامير المتهم فيها مع 11 من زملائه بالاهمال وتمت مجازاته ومن معه إداريا وبعد 14 سنة بحثت الوزارة في الدفاتر القديمة لمجرد أن قطري أعلن موقفه من التعذيب داخل الأقسام في كتابين الأول بعنوان «اعترافات ضابط شرطة في مملكة الذئاب» والثاني بعنوان «تزوير الانتخابات». وفي قطاع الصحة نجد د. رؤوف حامد الذي أطيح به من رئاسة الشعبة العامة للفارماكولوجي التابعة للهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية بعد كشفه للتزوير داخلها وتصديه للسرقات العلمية ورفضه تمرير أبحاث دوائية متناقضة النتائج واستغلال باحثين صغار السن ومطالبته بسحب اللقب العلمي من باحثة بعد اكتشافه ترقيتها استنادا إلي أبحاث الغير، وكانت النتيجة اتهامه في جنحتي سب وقذف. وهناك سهير الشرقاوي التي فجرت قضية أكياس الدم الملوثة وكانت مكافأتها النقل من قسم المحاسبة بوزارة الصحة إلي مستشفي الصحة النفسية بالعباسية إضافة إلي نقل سوسن مرسي مديرة الشئون القانونية بالوزارة لإدارة الفتوي بعد إعدادها مذكرة رسمية رفعتها لرؤسائها بتضرر المستشفيات من منتجات «هايدلينا» وعدم مطابقتها للمواصفات الصحية، وفي مجال العدالة أحيل المستشاران هشام البسطويسي ومحمود مكي إلي التأديب بعد تعقيبهما ل «صوت الأمة» علي القائمة السوداء للقضاة، مما اعتبره أحد القضاة سبا وقذفا في حقه. وتعرضت المستشارة نهي الزيني التي كشفت تزوير الانتخابات في دائرة دمنهور عليها آنذاك كل من مصطفي الفقي وجمال حشمت وإنتهت لصالح الأول للإتهام بإنتمائها الي الإخوان فيما طالبها آخرون بالتنحي عن مباشرة أعمال الانتخابات. وفي مجال الاستثمار يبرز اسم المهندس يحيي حسين عبدالهادي الذي فضح صفقة بيع «عمر أفندي» عندما كان عضوا بلجنة التقييم ورئيسا لمجلس إدارة شركة الأزياء الحديثة «بنزايون» وفجر قضية نهب المال العام بوزارة الاستثمار وتقدم ببلاغه للنائب العام ضد محمود محيي الدين وهادي فهمي الذي كان يرأس الشركة القابضة آنذاك، حيث اتهمهما بالضغط علي لجنة التقييم لتمرير صفقة بيع عمر أفندي بأقل من نصف قيمتها لصالح «أنوال» السعودية، ودفع لذلك الضريبة من مستقبله ومستقبل أولاده باتهامه بإفشاء أسرار العمل والإضرار بالاستثمار والاستقرار الاقتصادي، وذلك في بلاغ مضاد لإسكاته. ومن الاستثمار إلي التعليم حدث عن الفساد ولا حرج حيث تم التنكيل بمحمد سيد بكري عضو منتخب بنقابة المعلمين لأنه دائم المطالبة بحقوق المعلمين في إدارة عين شمس التعليمية وحقوق النقابة التي تمثل 5% من وزارة التعليم فصدر قرار بنقله من محل عمله وعندما تظلم أحيل للتحقيق لإدانته والفتك به دون رحمة. وأدانت شبكة معلمي مصر في بيانها نقل 3 معلمين وهم عصام مسعد وماهر عبدالواحد وسحر فرغلي من مدرسة الصلب الثانوية بنات إلي خارج الإدارة بعد رفضهم تصرفات وإهانات النقيب الفرعي لنقابة المهن التعليمية بل وتلقوا تهديدات من أمن الدولة وارسال لجنة من المديرية لإخلائهم إداريا. ودفعت نوال حسين الثمن غاليا من سمعتها وتعرضت لتهديدات بتشويه سمعتها ونقلها لأنها اكتشفت واقعة دخول طفل في مدرسة فاطمة الزهراء التابعة لإدارة الوراق التعليمية الامتحانات دون أوراق قد تكاتف ضدها المدير لأن الطفل كان ابن إحدي المدرسات في المدرسة وعندما تمسكت بموقفها تعرضت للجزاء بخصم 15 يوما من راتبها إضافة إلي خصم 5 أيام أخري بناء علي مذكرة ضدها رفعت إلي مدير المدرسة وفاجأها المحقق قائلا «عشان تبقي تتعلمي وابقي اشتكي». وفي وزارة التعليم العالي اكتشف الدكتور زين الخويسكي وقائع فساد واهمال بجامعة الإسكندرية بشأن ترقية عضو متوفي بدلا منه وتشكيل اللجان العلمية دون قواعد في كلية التربية وعندما لم يستجب الوزير لشكواه هدد بالانتحار. ومن التعليم العالي إلي مجلس الشعب دفع البدري فرغلي نائب بورسعيد ثمن معارضته لاتفاقية الكويز التي تدعو إلي التطبيع مع إسرائيل ورفضه الخصخصة وتمرير العمل بقوانين مشبوهة وكانت النتيجة هزيمته بالتزوير في انتخابات 2005 ليؤسس فيما بعد اتحاد أصحاب المعاشات للمطالبة بحقوقهم التي اغتصبتها الدولة، كما دفع النائب الوطني الطاهر حزين عن الحزب الوطني ثمن رفضه التصويت لصالح قانون الطوارئ واستجوابه لوزير النقل محمد منصور بشأن فساد وزارته، وتم اجباره علي تقديم استقالته من المجلس بدعوي مخالفته القواعد الحزبية وتقديمه استجواب لوزير من حزب الأغلبية مما دفعه إلي العودة إلي حزب الوفد. في حين دفع سعد عبود مقابل استجوابه لوزير الداخلية وكشف مخالفات وإهدار مال عام في رحلات الحج ولأنه لم يرضخ للضغوط تم تجميده دورة برلمانية كاملة. الضريبة دفعها معارضون شرفاء في مقدمتهم المفكر والسياسي عبدالوهاب المسيري الذي دفع حياته ثمنا لنضاله ضد الفساد وتأثيره الكبير في دعم حركة «كفاية»المعارضة للتوريث وتعرض للضرب هو وزوجته من قبل عسكر الداخلية قبل رفض علاجه علي نفقة الدولة، وكان الحرمان من الحرية ثمن معارضة ومواقف مجدي حسين البطولية عندما صدر ضده حكم بالسجن 3 سنوات بتهمة محاولته العبور لغزة تضامنا مع شعبها. ودفع أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطي الثمن بعد معارضته تعديل المادة 76 من الدستور رغم أنه كان أحد أعضاء أمانة سياسات جمال مبارك التي وصفها بأنها «مكلمة» ولا تنتج شيئا.. وكان عقابه حرمانه من منصب رئاسة تحرير الأهرام التي كان مرشحا له. وطال العقاب الشعراء والأدباء عندما تعرض شاعر العامية أمين الديب للاعتقال بتهمة تأليف أشعار تنادي بالإصلاح والحرية ونزاهة الانتخابات وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية ومكافحة الاستبداد والفساد والتزوير والتنديد بقانون الطوارئ ولم يشفع له سنه الذي تجاوز ال 70 في الرأفة به. ولم ينج فاروق جويدة من النيران الصديقة فتعرض للتحقيق بسبب مقالاته في الأهرام عن مافيا الأراضي وسماسرة الصحراوي وتعرض أثناء التحقيق لأزمة صحية دخل علي أثرها المستشفي.