الخطوة التي اتخذتها جماعة الاخوان المسلمين بدخول أو المشاركة في حوار السلطة مع القوي الوطنية الموصوفة حتي من وجهة نظر الإخوان أنفسهم بأنها لا وجود لها في الشارع أثارت استياء المتظاهرين وكذلك أحدثت حالة من الاعتراض والانتقاد داخل أوساط الجماعة ذاتها، خاصة فيما يعرف ب«التيار الاصلاحي» بالجماعة. فمن جانبه قال خالد داود القيادي بالجماعة إن هذا الحوار كسب منه اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية أكثر مما كسبت منه القوي السياسية أطراف الحوار، كما أن من طلبهم عمر سليمان للحوار لا يمثلون الشعب. وأضاف: كان علي الاخوان ألا يلتقوا بعمر سليمان في ظل وجود هذه الأحزاب وكان من الممكن أن يكون هذا الكلام مقبولا إذا التقوا في ظل وجود أحزاب مثل الكرامة أو الجبهة أو الغد جناح نور. وتابع: إذا كانت هناك وجهة نظر مطلوب تحقيقها في هذا الحوار فإنه ينبغي أن تسبقه عدة مبادئ يتم الاتفاق عليها لكنهم دخلوا في ظل عدم وجود مبادئ للحوار وفي ظل أحزاب لا وجود لها في السياسة وأنا شخصيا لم أسمع بالاسماء التي دعيت إلي الحوار وخرجت نتائج الحوار نتائج سيئة جدا فحققت خسائر ولم تحقق مكاسب لأنها كانت عبارة عن قرارات الحكومة التي أعلن عنها عمر سليمان في أكثر من مرة وأكثر من شكل ولم يتخذ بشأنها أي إجراء حقيقي علي أرض الواقع، كما أن الحوار تم وكان الشعب المصري لايزال يضرب في المنصورة بأشرس الوسائل ولم تنته الحكومة عما مارسته من حرب وقتال وتعذيب خلال المظاهرات التي بدأت يوم 25 يناير الماضي إلي يومنا هذا فكيف يكون هناك حوار مع هؤلاء الناس الذين لايحملون أي رصيد من الثقة؟ والحكومة الحالية هي استنساخ من الحكومة السابقة. وأبدي داود حزنا من إجراء مثل هذا الحوار وقال: أحيي عبدالرحمن يوسف عضو الجمعية الوطنية للتغيير -الذي حضر بشخصه لا صفته، والذي خرج وتبرأ من هذا الحوار وكنت أتمني ألا يشارك الاخوان في هذا الحوار وهم أكبر فصيل معارض في الساحة السياسية حتي ولو كانت هناك وجهة نظر من الحوار. وأوضح: عمر سليمان إلي الآن لا يملك قرارا وكل قرار يتخذه لا يتخذه إلا بعد موافقة من فاقد الشرعية حسني مبارك- بوصف داود وهذا الحوار يأخذ من رصيد الاخوان ولا يضيف إليهم. وشدد علي أن أحدا لا يستطيع أن يقفز علي ثورة الشباب ولا أن يحتويها أو يمتطيها. ولفت إلي أن وثائق ويكليكس التي كشفت عن تقارير من صناعة اللواء عمر سليمان تحذر الادارة الامريكية من تصاعد دور الاخوان في مصر وامكان وصولهم للحكم مؤكدا أن الادارة الامريكية لم تصدق النظام في هذا الامر. ونفي داود أن يضيف مثل هذا الحوار للاخوان أي شرعية وتساءل: هل أصدر عمر سليمان قراراً بالاعتراف بالاخوان قانونا؟! وقال: الكلام ده إحنا ما ناكلش منه. واتفق مختار نوح أحد كوادر التيار الاصلاحي بالجماعة مع الرأي السابق ووصف الحوار من قبل النظام بأنه محاولة لتهدئة الامور في هذه المرحلة واضعا عدة عناصر لإدارة الأزمة، أهم عنصر فيها هو اطالة الوقت في صالح النظام لإحكام القبضة علي المؤسسات وإعادة تشكيل الشرطة وتهدئة الجماهير ببعض الانجازات مثل محاكمة أشخاص بعينها أو التحقيق معها أو بداية تعديل الدستور. وثاني هذه العناصر من وجهة نظر نوح هو تقسيم الحركة الشعبية إلي قسمين عبارة عن عناصر منظمة وعناصر شعبية يتمثل الاول في الاحزاب والاخوان والثاني هو أصحاب الحق الحقيقي في تمثيل أنفسهم. وأضاف: قبلت العناصر المنظمة الحوار بسقف عال لن يلبي مما سيلحق ضرراً آخر بين العناصر المنظمة فبعضها سيقبل بالسقف الاقل وبعضها سيتمسك بالسقف العالي، أما العناصر الشعبية أصحاب الثورة الحقيقية فسيتم استغلال عنصر الوقت معهم من خلال فتح المدارس والمحاكم والاعمال الصغيرة وبالتالي سيكون هناك ضعف إقبال علي ميدان التحرير. ويتابع: العنصر الثالث هو السماح بحرية الرأي في ميدان التحرير مع حصاره حتي تصفي المشكلة نفسها، والمشكلة أن الاخوان والاحزاب لم يتحاوروا علي جدول واحد ومازالوا يعملون وفق اجندات خاصة وبالتالي فإن المنظر العام لم يكن جيدا حتي في طريقة القبول بالحوار أو الرفض ومن الخطأ أن يتم قبول الحوار فرادي وبأجندات مختلفة مما يجعله حوارا في صالح النظام فقط لأن كل فريق يقيم الاحداث وفق أجندته وهذا حقه.. لكن كان ينبغي أولا أن يعلنوا أنهم لا علاقة لهم بالثورة وأن الثورة قامت بدونهم ولا نستطيع أن نحرمهم من أن يستفيدوا من الظرف التاريخي بشرط الفصل بين استفادتهم وبين الثورة. ويشير إلي أن كلا من الأحزاب والاخوان الذين دخلوا الحوار دخلوا بلا تخطيط مسبق وبلا أدوات للتفاوض خاصة -يقول القيادي الاخواني - انهم أمام أزكي رجل في التفاوض والذي ظل يمارسه خلال 30 عاما، فعمر سليمان رجل زكي وعميق التجربة والخبرة والذين يتفاوضون معه ليسوا بنفس المستوي، كما لن تختلف المسألة في المستقبل في عقيدة النظام تجاه الاخوان لأنه من أنصار الدولة المدنية وضد إصباغ الحكومة بالصبغة الدينية. وعلل سبب عدول الغرب عن موقفه بضرورة العمل الفوري بظهور الاخوان، مما جعل القرار الغربي أكثر مرونة في قبول الاخوان من أجل الاحتواء وليس القبول فبعد أن كان نظام مبارك يعتمد علي المواجهة مع الاخوان أصبحت المرحلة القادمة ولعام علي الاقل تحتاج إلي اعتماد طريقة الاحتواء. وقال: كان علي الاخوان دراسة الموقف قبل دخول الحوار أكثر من هذا وأن تستعين بمتخصصين أكثر من ذلك إذ ليس مهما بمقتضي علم التفاوض أن يوافقك الطرف الآخر علي مطالبك أو مطالب الثورة لكن المهم أن تكون لديك القدرة علي الوصول معه إلي نقطة الموافقة وهذه القدرة تحتاج لدراسة وآليات مسبقة وهو ما لم يقم به الاخوان ولا الأحزاب للأسف الشديد.