من يتابع تجربة انطلاق الأذان الموحد الذي قررته وزارة الأوقاف وأصبح يذاع علي الناس بالفعل سيلاحظ أن هذا «الموحد» يلقي مقاومة عنيدة من خصومه!، وليس هناك من خصوم لهذا الأذان غير الذين توظفوا في مختلف المساجد والزوايا، ولا يثبت حضورهم لأداء وظيفتهم غير الميكروفون الذي لايمنع انطلاقه ضيق مجاله الحيوي وهو عبارة عن أمتار تفصل بين هذه المساجد والزوايا!، والتي مازال القائمون علي تشغيلها يفضلون انطلاقها وقتما يمكنهم ذلك! لو كان انطلاق ميكروفوناتهم يعاكس «الأذان الموحد» الذي تحرص وزارة الاوقاف علي رفعه في موعده، وبأصوات كبار المؤذنين أحياء وراحلين بما أتاح للأصوات الجميلة فقط أن ترفع الأذان، ولكن مقاومة موظفي الأذان الذين اعتادوا ألا يكون لميكروفاناتهم ضابط ولا رابط مازالت ساخنة! فأصواتهم بميكروفوناتهم تقاطع الأذان الموحد الذي يعلو فوق أصواتهم الخابية! فليس في امكان أجهزتهم وسماعاتهم المزعجة الوصول بأصواتهم لتغطية الأذان التي تترقب إذاعة الأذان الموحد لأداء صلواتهم! وفي بعض المناطق التي حظيت بإذاعة الأذان الموحد تبلغ الفوضي أقصاها حتي أن الأذان الموحد يكون قد قارب علي انتهائه في بعض الأحيان، ليبدأ أحد موظفي الزوايا والمساجد المتلاصقة في رفع الأذان من أوله وكأن الذي انتهت إذاعته من ثوان قليلة لم يرفع! ثم يتعمد هؤلاء أداء الصلاة بركعاتها من خلال الميكروفون الذي أصبحوا يخفضون من صوته بعض الشئ كأنهم يخشون التلبس باستخدام الميكروفون في غير مقتضي! فقد رفع الاذان إيذانا ببدء الصلاة، وأصبح من يذهب للمسجد أو الزاوية في غير حاجة إلي ارتفاع صوت الامام إلي خارج الزاويةالتي هي في بعض الأبنية لا تتعدي مساحتها غرفة أو غرفتين وباقي المصلين خارج الزاوية في الشارع! وكان الهدف من الأذان الموحد القضاء علي فوضي الميكروفونات أو حرب الميكروفونات كما يشعر بها الكثيرون وكأن الذين يؤمون الناس في صلواتهم يعلنون الحرب علي بعضهم دونما مراعاة حتي لتجاور زواياهم ومساجدهم أو جيرة بعضهم لبعض، واحترامهم لأداء بعضهم البعض بحكم أنهم أبناء «كار» واحد! خاصة أنه يندر في هذه الأيام أن نجد منهم من يؤدي وظيفته بغير أجر سواء من وزارة الأوقاف أو من أصحاب الزوايا والمساجد الذين أقاموها أسفل عماراتهم أو عشوائياتهم تبركا أو تهربا من دفع بعض العوائد! فإذا كانت فوضي وحرب الميكروفونات تلعب دورا ضاغطا علي أعصاب الناس وآذانهم خاصة المرضي منهم والذين يخلدون إلي نوم قليل بعد عناء يوم من العمل، أو تلاميذ في حاجة إلي هدوء للتحصيل، فإن هذه الفوضي قد عادت هذه الأيام في محيط انطلاق الأذان الموحد! ويصر الذين يقاومون هذا «الموحد» علي مقاطعته والتشويش عليه بكل ما أوتوا من غلظة في أصواتهم وعدم احترام واجب لأذان ارتفع ليعلو صوته ما عداه من الاصوات! ولست أعرف الاسلوب الذي أصبح علينا اتباعه لوقف هذه الفوضي التي عادت عنيدة مجافية لآداب رفع الأذان وما أمرنا الله به من الانصات له! وإذا كانت هذه الفوضي تذهب بالهدف الذي من أجله تقرر الأذان الموحد! فإن الواجب أن يعامل الأمر بالحزم الواجب الذي نراه عندما يخرج خطيب أو إمام مسجد عما هو مرسوم له في أداء واجبه! حتي يصدق الناس أن الازعاج لهم قد آن له أن يتوقف.