قال تقرير أعدتة وحدة الأبحاث ببنك الكويت الوطني بأن 2014 شهد بداية جيدة مصحوبة بنظرة ايجابية بشأن الاقتصاد العالمي، وخصوصا بشأن الاقتصادات المتقدمة والصين، أي أضخم اقتصادات العالم. وقد كان المستثمرون على علم بالمخاطر السلبية البسيطة التي قد تعترض نمو تلك الاقتصادات، ولكن لم يكن من المتوقع أن تواجه الأسواق تلك المخاطر بهذه المرحلة المبكرة وبهذه الكمية. فقد عانت أميركا من موجة صقيع قد أثرت سلبياً على كل من التوظيف والبيانات الأخرى، ما أدى الى تساؤل العديد ما إذا كانت الأسباب تتعلق بحالة الطقس فقط أم أنها ترجع لأسباب أخرى. كما تباطأ نشاط الصين مع بداية السنة القمرية الجديدة، فقد نشأت تساؤلات عديدة حول وتيرة النمو بالإضافة الى العجز والنشاط المصرفي غير المنظم. وقد بدأت سياسة الأبينومكس في اليابان في إظهار بعض التصدع، وذلك بعد التراجع الذي شهده الائتمان الياباني. وقد استفردت أوروبا بإظهار نشاط أفضل من التوقعات، لكن لا تزال هناك مخاوف حول ضعف التضخم في الأسعار. أما في ما يخص النظرة العامة بشأن الأسواق والتي قد سبقت التطورات المذكورة أعلاه، فقد كانت تفيد باستمرار انتعاش الأسهم وارتفاع أسعار الفائدة على السندات الأميركية طويلة المدى بالإضافة الى تفوق الدولار على اليورو. ولكن كان لا بد من جميع تلك الأمور أن تتأجل. حيث راوحت اسعار الأسهم مكانها خلال الربع الأول. وقد انخفضت أسعار الفائدة على السندات الأميركية طويلة المدى متراجعة من ما يزيد عن 3٪ لتصل الى 2.75٪، بينما لا يزال اليورو ينافس الدولار بشدة، مسجلاً أعلى ارتفاع له منذ عامين خلال شهر فبراير مقابل العملة الأميركية. لذلك، فقد كان من البديهي أن يتم تأجيل التوقعات الأولية أو إعادة النظر فيها. ولقد سجل الناتج المحلي الإجمالي الفعلي لأميركا نمواً بواقع 1.9 خلال العام 2013، كما تمت مراجعة نمو الربع الأخير مؤخراً لتظهر انخفاضاً وضعفاً في الاستهلاك، الأمر الذي لا يعتبر مفاجئاً نظراً لضعف التوظيف. وبعيداً عن استمرار ضعف الرواتب غير الزراعية منذ شهر ديسمبر نتيجة سوء الطقس، فقد أظهر متوسط الزيادة للثلاثة أشهر الأخيرة أداءاً مخيباً ليسجل زيادة بواقع 129 ألف، و من المفترض أن تتحسن الزيادة خلال شهر مارس بعد التعافي من أزمة الصقيع التي حلّت خلال شهر ديسمبر. وتشير مبيعات التجزئة خلال شهري يناير وفبراير من العام 2014 الى تسجيل نمواً خلال الربع الأول حول ما يقارب 1.5٪، كما تشير الأرقام الأخيرة لتضخم أسعار المستهلك الى بلوغ التضخم السنوي 1.1٪، أي أقل بكثير من النسبة التي وضعها مجلس الاحتياط الفدرالي عند 2٪. وبالتالي فإن البيانات الأميركية تشير الى توجه مجلس الاحتياط الفدرالي للقيام بعمليات التخفيف من شراء السندات بشكل ثابت (عشر مليارات دولار للاجتماع الواحد) وعدم القيام بأي تغييرات في أسعار الفائدة قصيرة المدى قبل العام 2015. وقد قررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح خلال مارس في أول اجتماع لها برئاسة جانيت يلين الآتي: أن يتم قطع عشر مليارات دولار أخرى من عمليات شراء الأصول الشهرية لتصل الى 55 مليار دولار، مع الإفصاح ربما عن بعض الوعود التي تفيد بدعم خفض أسعار الفائدة بحلول العام 2015 (حيث يبلغ سعر الفائدة الرسمي الفيدرالي 25 نقطة أساس). وقد سجل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي نمواً بواقع 0.3 خلال الربع الأخير من العام 2013 أي 1.2 على أساس سنوي حيث يعتبر قريباً من التوقعات العامة بشأن العام 2014 والذي قد أظهر تحسناً مبكراً. ولكن لا تزال البيانات الخاصة بالتضخم في تراجع، حيث انخفض معدل التضخم السنوي الى أقل من 1٪ منذ خمسة أشهر حتى الآن، إلا أن بنك أوروبا المركزي قد أوضح بأنه لا توجد هناك مخاوف بشأن الانكماش وبأن التضخم سوف يستمر بالثبات، و من ثم يبدأ بالتسارع تدريجياً بدءاً من مستوياته الحالية. وقد ساهمت السياسة النقدية الثابتة التابعة لبنك أوروبا المركزي بالإضافة الى ضعف البيانات الأميركية بدعم قوة اليورو مقابل الدولار بالرغم من التقلبات قصيرة المدى. وفيما يخص الأسواق الآسيوية والأسواق الناشئة، فتظل اليابان على المسار الصحيح، ولكن تباطؤ نمو الائتمان مؤخراً قد أدى الى طرح العديد من التساؤلات التي تتعلق باستمرارية اعتدال النمو. حيث أن أحد العوامل المهمة، ألا وهو ارتفاع ضرائب المبيعات خلال شهر أبريل من 5 الى 8، سوف يساهم في خلق موجة من المبيعات في مارس، والتي ستساهم بدورها في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من العام 2014 والتأثير سلبياً في الوقت نفسه على الربع الثاني. حيث أن السنة القمرية الجديدة في الصين، التي عادة ما تشهد تباطؤاً كبيراً في مسار النشاط الاقتصادي، قد تسببت في تشويش التوقعات حول بعض الأمور، ولكن لا يزال معظم المحللين في حالة ترقب بوصول النمو الى ما يقارب 7.5٪، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تفيد بخطر انخفاض النمو الى أقل من ذلك، الأمر الذي أوضحه بعض المسؤولين الحكوميين في بيانات قد صدرت عنهم مؤخراً تفيد بأن بلوغ النمو 7.2٪ أو 7.3٪ يعتبر أمراً مقبولاً. ويعتبر عجز الائتمان من قبل شركة تعمل في مجال الطاقة الشمسية هو القضية الأولى في الصين، والذي بلغ 15 مليون دولار في مدفوعات الفائدة (بعملة رنمينبي المحلية). وقد أوضحت الحكومة مرة أخرى إمكانية حدوث عجز آخر، إلا أن المحللين يتوقعون بأن يكون عجزاً طفيفاً وبأنه سوف يتم معالجة آثاره من قبل السلطات إذا استدعت الحاجة. أما بكين، فهي الآن في صدد التخلص من بعض الفوائض في والقطاع المصرفي غير المنظم ، حيث تكمن الاستراتيجية باستمرار القيام بذلك الأمر مع الحفاظ على ثبات نمو الصين والثقة. وأشار التقرير من المؤكد أن ضعف النمو في الصين لأقل من 7٪ على سبيل المثال سوف يترك أثراً على الأسواق الآسيوية الناشئة. كما أن قضية أوكرانيا وشبه جزيرة القرم التي تبدو قد هدأت حالياُ من الممكن أن تتسبب في انخفاض النمو بشكل أكبر في كل من أوروبا وآسيا وذلك في حال تصاعد العقوبات. كما يبدو أن دول مجلس التعاون لا تزال في موضع آمن نسبياً من التطورات المذكورة سلفاً كما أنه لم تطرأ تغيرات كبيرة في التوقعات حول النمو العالمي ليتبعها تغيرات كبيرة بأسعار النفط. حيث أن أسعار النفط لا تزال جيدة عند أعلى من 100 دولار للبرميل. ومن المتوقع أن تسجل معظم دول مجلس التعاون نمواً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بواقع 4٪-5٪ (و ما يقارب 10٪ في قطر). (الجدير بالذكر أنه قد تقرر رفع تصنيف اسواق الإماراتوقطر المالية الى مرتبة الأسواق الناشئة من قبل مؤشرات «مورجان ستانلي» وذلك بدءاً من شهر مايو 2014.).