لم تكتف البنوك في حربها المشتعلة منذ وجودها علي الانشطة التجارية المتعددة بل امتدت أذرعها لتطول قطاعات خدمات التجزئة الحديثة بعض الشيء علي السوق المصرية مثل تمويل السيارات والتي بدأت البنوك تخصيص مبالغ ضخمة لتمويل هذا القطاع حتي أن البنوك الاسلامية دخلت هي الأخري لحلبة الصراع علي تمويل السيارات كان أخرها البنك الوطني للتنمية فيما تستعد بنوك أخري لاطلاق هذا البرنامج كالمصرف المتحد. تسابق البنوك في الوصول إلي أكبر عدد ممكن من هواة السيارات الجديدة والذين أصبحوا يمثلون الغالبية العظمي في سوق التجزئة المصرفية حيث تحاول البنوك اشباع رغبتهم في تملك سيارة مناسبة كل حسب امكانياته وأصبحت الحرب شرسة لدرجة تكسير العظام خاصة بعد دخول البنوك الاسلامية حلبة السباق وتمثل قروض السيارات الآن الجانب الاكبر من المخصصات الائتمانية لكل بنك، حيث إن هناك شركات أصبحت تعتمد اعتمادا كليا علي قروض السيارات وهناك بنوك أخري حذرت مراكزها الرئيسية من التوسع في تقديم مثل تلك القروض.. يأتي هذا في الوقت الذي لم تراع فيه البنوك الابعاد الأخري من المشاكل التي قد تسببها الزيادات الكبيرة في اعداد السيارات في السوق المصرية التي قد تتحول معها القاهرة والاسكندرية إلي جراج كبير بعد تكدس الشوارع بالسيارات وأصبحت السرعة القصوي في بعض الشوارع لاتتعدي 10 كيلو مترات في الساعة، وأبدي مصرفيون قلقهم من جراء التوسع للبنوك في اطلاق برامج لتمويل السيارات خاصة مع اتجاه البنوك الاكثر تمويلا للسيارات مثل «سيتي بنك» لوقف تمويل هذا القطاع خاصة بعدما تردد عن تحقيق خسائر كبيرة أثر تمويل هذا القطاع في حين نفي مسئولو البنك أن يكون ذلك بسبب أحداث السوق وإنما راجع الي سباقات داخلية رأت أن تمويل السيارات استحوذ علي الجزء الاكبر من محفظة البنك علي حساب قطاعات أخري. وأشار الخبراء إلي ضرورة أن تتوخي البنوك الحذر من تمويل هذا القطاع وضرورة دراسة العملاء ائتمانيا بطريقة تضمن للبنوك استعادة اموالها التي هي في الاساس اموال عملاء ملتزمة معهم بفوائد محددة مسبقا. وأضاف الخبراء أن هذا التوسع غيرالمحسوب سيؤدي الي عواقب وخيمة حيث ينذر بتكرار مشكلة مماثلة للرهن العقاري التي كانت نتيجة لتوسع البنوك في اقراض الباحثين عن التمويل العقاري وتساهلها معهم في الشروط دون دراسة العميل ائتمانيا بطريقة جيدة. لميس نجم نائب رئيس بنك سيتي بنك قالت: إن التوسع في التمويل السيارات أمر واقعي في ظل الطلب عليها من قبل العملاء. وأضافت أن البنك لم يوقف تمويل السيارات لاسباب تتعلق بخطورة تمويل السيارات ولكن ذلك نتيجة اعتزام البنك توجيه المحفظة التي كان يتم تخصيصها لهذا القطاع الي قطاعات أخري أهمها القروض متوسطة وطويلة الاجل. ونفي أن تكون هناك ثغرات قد واجهت بنك سيتي بنك إثر توسعه في تمويل هذا القطاع ولكن ذلك نتيجة لقرارات البنك الأم والذي لديه أهداف وخطط يستهدف تحقيقها هذا العام، وأكدت أن البنك كان يتميز بتقديم قروض السيارات لأعوام كثيرة واستطاع أن يحقق أكبر نسبة من العملاء. ونافس بقوة في تقديم هذا المنتج وهو ما يعني أن البنك لم يكن يواجه أي أزمات تجاه تمويل هذا القطاع. من جانبه قال محمود عبدالعزيز رئيس البنك الأهلي السابق إن السيولة الكبيرة لدي البنوك تدفعها للدخول في مجالات جديدة للاستثمار ومنها قروض السيارات خاصة وأن السيارات سلعة مطلوبة ومهمة لدي المصريين، مشيرا إلي أن الوقت الراهن يشهد اقبالا كبيرا من العملاء علي الحصول علي قروض السيارات حيث أصبحت سلعة ضرورية لدي كل المصريين. أضاف أن البنوك تستغل هذا الاقبال الكبير برفع سعر العائد علي هذه القروض وتحقق من ورائها أرباحا كبيرة لذلك بدأت البنوك اقتحام هذا القطاع بقوة خلال الفترة الاخيرة وسوف تشهد الساحة المصرفية مزيداً من التنافس لتقديم هذه السلعة، وأكد أن التوسع فيها يحوطة الكثير من المشاكل والغموض ويؤدي إلي عواقب وخيمة، خاصة أن الطرق في مصر غير مؤهلة تماما للتوسع في منح تلك القروض، كما أن التوسع في تمويله قد يؤدي إلي صعوبة الحصول علي الأموال مرة أخري في ظل تذبذب أسعاره الخارجية وعدم صناعتها في مصر. كما أنها ستؤدي إلي نوع من الطلب الوهمي الذي يعكس تدني الدخل وعدم استطاعة العملاء السداد في المواعيد المحددة لهم من قبل البنوك. من جانبه أشار د.هشام إبراهيم الخبير المصرفي إلي أن هناك مخاوف كبيرة من توسع البنوك في اقامة برامج خاصة بتمويل السيارات خاصة أن الطلب يزداد يوما تلو الآخر علي الحصول علي تمويل لشراء سيارات في ظل ظهور طبقة جديدة داخل المجتمع المصري تبحث عن وسائل رفاهية وكماليات جديدة مثل امتلاك سيارة. وأضاف إن بنك سيتي بنك لم يوقف تمويل السيارات بناء علي أصوات خارجية في سوق السيارات بشكل عام، وإنما جاء نتيجة توجيهات الأم بسبب توسع البنك في هذا النوع من التمويل علي حساب قطاعات أخري. وأشار الي أن هذا التوسع جاء نتيجة توجيهات من الحكومة حيث تريد الحكومة اعادة هيكلة قطاع النقل خاصة أن ذلك ظهر حاليا في مشروع التاكسي بالاضافة الي الدراسة الخاصة بالميكروباص وأيضا تغيير الموديلات القديمة للسيارات الملاكي وما ينتج عنه من تغيير للسيارات المتهالكة بأخري حديثة. وأضاف إلي أن تمويل هذا القطاع قائم في الاساس علي توافر طلب قوي من العملاء الراغبين في امتلاك سيارات جديدة وعلي البنوك التأكد من جدارة العملاء ائتمانيا ومدي قدرتهم علي سداد القروض الخاصة بهذا البرنامج وعدم الانسياق وراء حجم الاقبال الشديد ومنح التمويل دون دراسة جيدة للعملاء. كما استبعد الخبير المصرفي أن يكون لجوء البنوك الي تمويل قطاع السيارات رغبة منها في اقالة شركات السيارات من عثرتها نتيجة الازمة المالية والتي لم تستطع علي اثرها سداد القروض التي سبق واقترضتها هذه الشركات من البنوك، حيث تلعب البنوك هنا دوراً خفيا في إحدي العملاء بالاموال التي يستطيعون بها تنشيط سوق السيارات وشراء المنتج المتراكم لدي هذه الشركات، فالبنوك لايمكن أن تعالج خطأ بأخر خاصة أن التوسع غير المحسوب في تمويل السيارات سيؤدي إلي مشاكل تشبه الرهن العقاري الذي حدث في أمريكا وأوروبا. وفي السياق نفسه أكد محمد مدبولي رئيس مجلس ادارة سوسيته جنرال السابق إن تمويل السيارات يعد لنا أفضل البرامج ربحية للبنوك خاصة أنه يتم بأسعار فائدة مرتفعة ولكن التوسع الحادث من قبل البنوك في اطلاق برامجه إذا لم يقابلها دراسة ائتمانية مستفيضة فإنها ستكون مصدرا لتعثر الكثير من العملاء في ظل الرغبة الشديدة للعملاء في امتلاك سارة بعد أن أصبح أمراً سهلاً بسبب البرامج.