· لم نستأذن الخارجية المصرية لأن ذلك من العبث ونجهز قافلة إلي غزة قريبا والصهاينة أدخلوا علينا الكلاب البوليسية ثم بدأت المذبحة · عندما وصلنا ميناء أ شدود الإسرائيلي وجدنا آكلي لحوم البشر يصفقو ن للجنود ويحيونهم علي ذبح الأبرياء · أجلسونا علي ظهر السفينة مقيدي الأيدي من العاشرة صباحا حتي الثالثة عصرًا وحرمونا من المياه تحت الشمس الحارقة تصوير: سامح فودة رحلة العذاب والصنا.. قد لا تغيب ملامحها عن ذاكرة من عايشها.. النائب حازم فاروق عضو مجلس الشعب الاخواني يروي تفاصيل الهمجية الاسرائيلية ولحظات انتظار الموت علي سفينة تحمل لعبة أو قطعة حلوي لطفل أو منزل يحمي أهل غزة المحاصرين وسط صمت العروبة المخزي من برد الشتاء وحرارة الشمس الحارقة.. «صوت الأمة» استمعت إلي شهادته منذ السفر مع النائب محسن البلتاجي وحتي العودة وسألته في بداية حوار. ماذا حدث بعد اقترابكم من السواحل الفلسطينية المحتلة؟ - كنا نبعد عن السواحل الفلسطينية بحوالي 90ميلا بحريا داخل المياه الدولية وبعد أن انتهينا من صلاة الفجر مباشرة فوجئنا بأصوات الرصاص تنطلق ودفعات من قنابل الصوت وقنابل الدخان الغازية تنهال علينا لدرجة أننا لم نستطع ارتداء سترات النجاة أو الكمامات الواقية من الغازات فصعدنا مباشرة، حيث وجدت أربع بوارج حربية محيطة بالسفينة وأكثر من 20زورقا بحريا سريعا كل واحد يحمل 8أفراد جميعهم ملثمون ويرتدون نظارات تخفي هويتهم ثم فوجئنا بأربع طائرات تحلق فوقنا وتقوم بعمل إنزال جوي للجنود داخل السفينة، هنا لاحظنا الموضوع انقلب لمعركة حربية غير متكافئة وشاهدنا الشهداء والجرحي يتساقطون، بدأنا في إدخال الناس إلي السفينة وأكملت أنا وأصدقائي الاطباء ارتداء ملابسنا علي سطحها وملئنا جيوبنا بمواد الإغاثة وظننا انها جروح سطحية ولكننا فوجئنا بأن أول الضحايا يسقط.. ولانستطيع انقاذه .. كان الشهيد تركيا وظل ينزف من بطنه وصدره بعد أن أصابت الرصاصات الغادرة انحاء متفرقة من جسده وكان ملاحظا أنه رصاص ثاقب وليس مطاطيا كما يدعي البعض فطلبت غرز جراحية لكنني لم أجد وفوجئت أنه استشهد فتركته ودخلت علي غيره كانت ساقه مكسورة بطريقة غريبة وآخر يده مكسورة بطريقة أغرب بمعني أنهم كانوا يريدون القتل وليس مجرد التعجيز.. فوجئت أنهم يسلمون الروح لخالقها. كيف تم التعامل معكم عقب السيطرة علي السفينة؟ - أدخلوا علينا الكلاب البوليسية إلي الصالات وأول ما فعلوه أن توجهوا إلي الكاميرات المعلقة في الجوانب وكسروها بشكل همجي.. كان الشهيد يرفع اصبعه وينطق الشهادة ثم يموت وآخر يضع جريحا علي قدمه حتي يستشهد. كيف تعاملوا مع الجرحي بعد دخولهم؟ - استدعي احدهم ثلاثة رجال اشداء ليضعوا الجرحي ولكنه تراجع ونظر إلي إحدي الاوروبيات وهي كبيرة في السن ونظر إلي أخري صغيرة وقال بالإنجليزية «تعالي انتي ايتها الشقراء» وطلب منهم أن يحملوا الجرحي الأمر كان يحتاج إلي عشرة رجال وعندما فشلوا جاء رجل وساعدهم والمقصود أنهم كانوا يستخدمون هذه الطريقة حتي «يفسخوا المرضي».. بعد ذلك اخرجونا واحدا تلو الآخر وكبلوا ايدينا من الخلف وآخرون من الأمام.. فخرجنا وهم يدفعوننا بالقوة ثم اجلسونا فوق ظهر السفينة من العاشرة صباحا حتي الثالثة عصرا حتي أن البعض تعرض للإغماء بسبب الشمس الحارقة وهناك من جاء له أزمة ربو واستخدم بخاخة زميله وكنا نجد انفسنا نجلس علي الأدوية وحلوي الأطفال التي كانت مجهزة لأهل غزة وتركونا بدون مياه.. كان الجنود يفتحون ثلاجات السفينة ويسرقون المياه والعصائر ويشربونها وبعد ذلك طلبنا منهم أن يفكوا وثاقنا لأننا تعبنا جدا وقالت لهم النائبة حنين الزعبي أننا برلمانيون مصريون فوافقوا وفكوا وثاقنا بعد الحاح شديد وتركوا الباقين.. بعد الثالثة عصرا أوقفونا طابورا علي دورة المياه حتي أنهم كانوا يفكون وثاق من يدخل وإذا تأخر يبدأ الجندي بالخبط بسلاحه علي الباب، وصلنا إلي ميناء اسدود في الثامنة مساء وهذا دليل علي أن المسافة كانت كبيرة للغاية من منطقة أسر المركب وحتي الوصول. وكيف تمت عودتكم إلي مصر؟ - عندما وصلنا إلي ميناء أسدود وجدنا قافلة من آكلي لحوم البشر تقف علي الجانبين وعمال الميناء يصفقون ويصفرون ويلوحون بالإعلام الصهيونية لتحية الجنود العائدين من الجبهة! في تمام العاشرة جاء شخص بزي عسكري وقال لنا أنتم مهاجرون غير شرعيين وسوف يتم اعتقالكم واستجوابكم سألني أحد الضباط انت فلان؟ قلت نعم قال أين صديقك- يقصد البلتاجي؟ وقلت لهم لقد تم اختطافي من المياه الدولية واصطحبني جندي ومعه فتاة مجندة ترتدي زيا خليعا للغاية من مكان لآخر وفي كل مرة كنت ارفض التوقيع علي أي أوراق وفي المرحلة الأخيرة أخذني شخص والتقيت مع البلتاجي واخذنا إلي سيارة مدنية وانطلقت بنا وهناك التقينا بالقنصل المصري واتصل بنا الدكتور فتحي سرور ومسئولون آخرون واقنعونا بضرورة المغادرة بالملابس التي كنا نرتديها.. كانت ملابس مخضبة بدماء الشهداء وبالفعل وصلنا إلي معبر طابا البري من الناحية الإسرائيلية ومنه إلي مصر.