ننشر تفاصيل 18 ساعة من التحقيقات مع الشيخ صلاح الدين التيجاني    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    عاجل - "الدولار ب 48.42 جنيه".. أسعار العملات بالنك المركزي المصري    فصائل عراقية تعلن استهداف موقعا إسرائيليا في الجولان المحتل بواسطة الطيران المسير    بايدن يوجه بتعديل وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط    موعد مباراة مانشستر سيتي ونيوكاسل والقنوات الناقلة في الدوري الإنجليزي    اختبار شهر أكتوبر رابعة ابتدائي 2025.. المواعيد والمقرارات الدراسية    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي بعد صراع مع السرطان    عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    11 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية.. وحزب الله ينفي وجود أسلحة في المباني المستهدفة    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    وقف حرب غزة وانسحاب الاحتلال من فيلادلفيا.. مصر توجه سلسلة مطالب لمجلس الأمن    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    «الأصيلة المحترمة».. مجدي الهواري يوجه رسالة رومانسية لزوجته دنيا عبدالمعبود    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تراجع سعر الطماطم والخيار والخضار في الأسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    ميلان يتغلب على ليتشي بثلاثية بالدوري الإيطالي    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    نبيل الحلفاوي يوجة رسالة للزمالك بعد فوزه بلقب السوبر الإفريقي    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزام يروي أسرار اعتقال إسرائيل ل 8 مصريين في عرض البحر بين السعودية والسودان
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 02 - 2010

· عضوا كنيست: زرنا مصر وتحدثنا مع «سرور» و«ماهر» و«الباز» و«الفقي» وكان كلامهم الشخصي معنا مختلفا عن تصريحاتهم في العلن!
· تفاصيل 6 صفقات سرية بين مصر وإسرائيل للإفراج عن الجاسوس عزام عزام
كشفت "صوت الأمة" في الحلقة السابقة عن استعانة الإسرائيليين بالطقوس السحرية ومعجزات "نبي" لدي الدروز يدعي "النبي سبلان" بعد رفض مبارك الافراج عن عزام، الذي رفض الكشف عن الطقوس بدقة لأنها "سر مقدس" ويقول إنها تتضمن ذبح كبش ورقصة "السحجة" وشرب القهوة السادة و"النقوط". واشرنا الي معجزات "النبي سبلان" التي يقول الدروز انها تتضمن زيادة لبن الرضاعة بعد غسل الثدي بماء يمر بجوار قبره، وحكاية "لص البليلة" الذي فشل في الهروب بعد سرقة البليلة من موقع قريب من مقام النبي سبلان! واشرنا الي ان عزام واشقاءه خدموا في الجيش الإسرائيلي وكان سامي يتفاخر بان شقيقه جاسوس للموساد. وذكرنا ان الإسرائيليين كانوا يدركون ان مفتاح زنزانة عزام موجود في جيب بنطلون الرئيس مبارك، ولكن كانت المشكلة هي تدهور العلاقات بين مصر وإسرائيل. ورأينا كيف ان مسئولين مصريين ابلغوا إسرائيل انه اذا نفذ نتنياهو اتفاق الخليل سوف ترد مصر بالافراج عن عزام، وكيف اعتبر الإسرائيليون تصريحات مبارك عن استقلال القضاء وعدم التدخل في قضية عزام تعبيرا عن الخوف من المنظمات الاسلامية.وشاهدنا كيف ان نتنياهو وضع ملف عزام ضمن مطالب إسرائيل في مفاوضات "واي بلانتيشين".. ولكن تم توقيع الاتفاق دون عزام! وكيف طلب باراك من توني بلير وجاك شيراك الضغط علي مبارك، وان الرئيس الإسرائيلي عيزرا فايتسمان قال ان مبارك كذب عليه واخذ يسب ويلعن بكلمات عربية!.. وسخر شقيق عزام منه متسائلا: "هل هذا هو اقرب صديق لك؟!". وذكرنا ان اقارب عزام ابلغوا السفارة الإسرائيلية بالقاهرة عن تعرضهم لمحاولة اغتيال في السجن بواسطة سيارة تابعة للداخلية المصرية.. وكان القرار وقف الزيارات!
لم تتوان إسرائيل في صياغة الصفقات وبحث تفاصيل كل السيناريوهات الممكنة للضغط علي مصر من اجل الافراج عن الجاسوس عزام عزام من السجون المصرية قبل ان يكمل العقوبة الصادرة ضده وهي السجن مع الاشغال الشاقة المؤبدة لمدة 15 سنة. ولعل من اغرب ما قيل في هذا الصدد ان إسرائيل وصلتها معلومات بان الرئيس مبارك سيفرج عن عزام في عيد النبي "يترو" وهو الاسم الذي تطلقه التوراة علي النبي شعيب عليه السلام، والذي يعد اهم اعياد الدروز. وبحسب الإسرائيليين كان من المفترض ان يفرج مبارك عن عزام في هذا العيد الدرزي كلفتة طيبة تجاه الدروز، الذين لا يعرف الكثيرون ان اصول ديانتهم، التي يحافظ علي سريتها كهنة وشيوخ الديانة، ترجع الي مصر، وان الاهرامات تحتل مكانة كبيرة في العقيدة الدرزية، وان مبارك كان يفضل الافراج عن عزام كبادرة طيبة منه تجاه الدروز، بدلا من احتساب الافراج عن عزام بادرة طيبة تجاه إسرائيل! وربما كان الامر يتعلق بالشكل او القالب الذي كان من المفترض ترويجه في وسائل الاعلام الحكومية لتبرير الافراج عن الجاسوس الإسرائيلي قبل قضاء مدته! ويقول ان ذلك ربما كان هو سبب عدم موافقة مبارك علي اطلاق سراحه في اطار ايه صفقة سياسية مع إسرائيل.
وكان من بين ما تردد في اطار هذه الصفقات ايضا، هو ما نشرته عدة صحف باكستانية، عندما ربطت الافراج عن عزام بالافراج عن عدد من اسري تنظيم القاعدة وحركة طالبان المسجونين في السجون الباكستانية!
وفي عام 2002 تراجعت قضية الافراج عن عزام الي مؤخرة اولويات الحكومة الإسرائيلية، بسبب نجاح الفصائل الفلسطينية في تنفيذ عمليات فدائية موجعة ضد الإسرائيليين وفي العمق الإسرائيلي، ولم يجد جيش الاحتلال الإسرائيلي ردا سوي تنفيذ غارات عسكرية وحشية في اطار ما اطلقت عليه إسرائيل عملية "السور الواقي"، واعادة احتلال المدن الفلسطينية التي كانت واقعة تحت السلطة الوطنية الفلسطينية، وقصفت المدرعات الإسرائيلية مقر الحكومة الفلسطينية في رام الله وفرضت حصارا مشددا علي مقر اقامة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. ولم يلتفت الكثيرون الي صرخات الفلسطينيين ومعاناتهم نظرا لانشغال العالم بمتابعة كأس العالم لكرة القدم في اليابان.
في ذلك الوقت حاول عدد من المسئولين الإسرائيليين الذين زاروا مصر اثارة قضية عزام مع نظرائهم المصريين، لكن الرد المصري في كل مرة كان واحدا: "عاوزينا نعمل ايه؟ القضاء قال كلمته وخلاص". وظل الإسرائيليون في حالة يأس من امكانية الافراج عن عزام من السجون المصرية، حتي جاءت الفرصة لهم فجأة بعد عدة شهور من استيلاء إسرائيل علي السفينة الفلسطينية "كارين ايه"، في عملية اطلق عليها الإسرائيليون اسم "صندوق الراحة". وينقل عزام في كتابه "هل كنت عميلا للموساد؟" نص الرواية الإسرائيلية عن واقعة السفينة "كارين ايه"، والتي تقول ان إسرائيل حصلت علي معلومات استخباراتية تفيد بأن هذه السفينة اشترتها السلطة الفلسطينية باسم عدد من الشركات الوهمية، وفي بداية ديسمبر 2001 وصلت هذه السفينة الي ميناء قيش في ايران، وبعد تحميلها بكميات كبيرة من الاسلحة بدأت في الابحار باتجاه قطاع غزة، عن طريق قناة السويس، وتوقفت للتزود بالوقود في ميناء الحديدة باليمن، وكانت ترفع علم مملكة تونجا، التي تقع في جنوب غرب المحيط الهادي، علي بعد 2250 كم من نيوزيلندا، وتتكون من 169 جزيرة، تعاني اغلبها من البراكين النشطة، وعدد سكانها 102 الف نسمة، واستقلت عن بريطانيا عام 1970!
وفي 3 يناير 2002 قبل الفجر، وبينما كانت السفينة تبحر في البحر الاحمر بين المملكة العربية السعودية والسودان، هاجمتها طائرات القوات الجوية الإسرائيلية، التي انزلت مقاتلي السرية 13 بالقوات البحرية الإسرائيلية علي سطح السفينة "كارين ايه"، وانضمت اليها بسرعة قوات كوماندوز إسرائيلية وصلت الي السفينة علي متن قوارب مطاطية، انطلاقا من سفينة حربية تابعة لسلاح القوات البحرية الإسرائيلية، كانت تنتظر في موقع غير بعيد من السفينة. وسيطرت القوات الإسرائيلية علي السفينة بسرعة، باغتت طاقم السفينة الذي لم يبد اي مقاومة، وتم اسر 15 شخصا كانوا علي متنها، منهم 4 ضباط تابعين للشرطة الفلسطينية، و3 مواطنين لبنانيين، بينهم قيادي تابع لقوات حزب الله اللبناني، و8 بحارة مصريين.
الغريب انه تم اقتياد السفينة في عرض البحر الاحمر، كما ذكرنا من المنطقة التي اشرنا اليها والواقعة بين السعودية والسودان، وحتي ميناء ايلات الإسرائيلي، دون ان تلحظ اي قوات بحرية عربية، ودون ان تتعرض لها، وبتفتيش السفينة عثر الإسرائيليون فيها علي 50 طنا من الاسلحة، يقول الإسرائيليون انها كانت مخصصة للفلسطينيين في قطاع غزة. وكان من بين تلك الاسلحة قذائف كاتيوشا، وراجمات، وصواريخ من طراز "لاو" المضادة للدبابات، وبنادق من طراز دراجنوف روسية الصنع التي يصل مداها الي 2000 متر، وكلاشينكوف من طراز AK -47 ، وصواريخ ساجر الروسية المضادة للدروع، وقذائف "آر بي جي"، والغام ومعدات قتالية متقدمة اخري.
وانكرت ايران والسلطة الفلسطينية علاقتها بالسفينة "كارين ايه"، في حين قالت إسرائيل ان التحقيق مع طاقم السفينة اظهر بلا شك ان السلطة الفلسطينية هي التي مولت شراء هذه الاسلحة مباشرة من الجيش الايراني، وقامت شخصية ايرانية بانهاء هذه الصفقة.
ويقول عزام انه بعد سنة تقريبا من استيلاء إسرائيل علي هذه السفينة، تبين لاجهزة الامن الإسرائيلية ان البحارة المصريين تم استئجارهم للعمل علي متن السفينة دون ان يعلموا حقيقة حمولتها. ولذلك لم تقدم إسرائيل هؤلاء البحارة للمحاكمة، وهم: "محمد فرج، محمد الجاويش حسان، خطاب ابو سعد، حسين علي نعمة الله، حسن عبده غريب، احمد حسن الجاويش، محمد غريب، ومصطفي درويش. وتم نقل الثمانية الي العنبر الثالث بسجن معسياهو، في مدينة الرملة بوسط إسرائيل، الي جوار زنازين العمال الاجانب المحبوسين لدخولهم إسرائيل بطريقة غير شرعية، تمهيدا لطردهم، واهتم بقضية البحارة المصريين أيوب قرة، عضو الكنيست عن الليكود، وهو من دروز إسرائيل، وكان يشغل رئيس لجنة الكنيست لشئون العمال الاجانب. ويروي عزام ان أيوب قرة اكتشف من المحادثات التي اجراها مع العديد من المسئولين الإسرائيليين، ان هناك اتجاها إسرائيليا رسميا لعدم محاكمة البحارة المصريين. وفي هذا الاطار تم التفكير في الافراج عنهم في 21 فبراير 2002، كبادرة إسرائيلية طيبة تجاه الرئيس محمد حسني مبارك، قبل يوم واحد من عيد الاضحي، وتحمس أيوب قرة للفكرة كثيرا، لا سيما انه اهتم كثيرا بقضية الافراج عن الجاسوس عزام عزام، وكان رئيس الرابطة البرلمانية للافراج عن عزام من السجن المصري. ورأي أيوب في ذلك فرصة ذهبية سانحة لخلق اجواء طيبة بين مصر وإسرائيل، من اجل تحسين العلاقات المتوترة بين الجانبين. وكان أيوب يأمل في ان يؤدي الافراج عن البحارة المصريين الي دفع مبارك للافراج عن عزام، من باب رد المجاملة لإسرائيل!
وتلقي أيوب ردودا ايجابية عندما بدأ في مناقشة هذه الفكرة مع المسئولين الإسرائيليين، خاصة مع مسئولي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. ومن اجل تنفيذ الفكرة اجري أيوب قرة سلسلة طويلة من المقابلات مع مسئولي السفارة المصرية في إسرائيل، وعلي رأسهم القائم باعمال السفير المصري هناك الدكتور ايهاب الشريف. ويقول عزام في كتابه "هل كنت عميلا للموساد" انه تلقي ردودا ايجابية من المسئولين المصريين، ولكن لم يبد اي منهم استعدادا للاعلان عن ان مصر سوف تفرج عن عزام مقابل الافراج عن البحارة المصريين، وقال ان مسئولا مصريا قال له: "انها فكرة طيبة، وهناك احتمال كبير بأن يفرج الرئيس عن عزام، ولكننا سنعرف ذلك فقط عند تنفيذه علي ارض الواقع". ومع ذلك قرر أيوب تنفيذ الفكرة فور الحصول علي الموافقات النهائية من اجهزة الامن الإسرائيلية، وتم تكليف هيرتزل حاجي، المسئول عن العمال الاجانب في وزارة الداخلية الإسرائيلية (يسميها الإسرائيليون وزارة الامن الداخلي)، بشراء 8 تذاكر سفر باسم البحارة المصريين. وكانت الخطة تقضي بسفرهم علي متن طائرة من تل ابيب الي القاهرة في الساعة 8 مساء، في اليوم الاول من عيد الاضحي، الذي وافق 21 فبراير 2002، وكان من المفترض ان يرافقهم عضو الكنيست الإسرائيلي أيوب قرة، كي يجري مؤتمرا صحفيا لوسائل الاعلام المصرية، يشرح فيه تفاصيل البادرة الطيبة التي قدمتها إسرائيل لمصر، واحيطت السفارة الإسرائيلية بالقاهرة علما بالخطة، وتم تكليفها باطلاق حملة اعلامية في وسائل الاعلام الإسرائيلية حول هذا الموضوع لخلق رأي عام ايجابي بين المصريين، وينبغي التساؤل هنا عن الطريقة التي كان علي السفارة الاسرايلية بالقاهرة ان تنتهجها في حملتها الاعلامية بمصر، في ظل مقاطعة وسائل الاعلام المصرية للسفارة، تحت شعار "لا للتطبيع"؟ وهل يعني ذلك التكليف ان الخارجية الإسرائيلية تعلم مسبقا قدرة السفارة الإسرائيلية بالقاهرة علي تنفيذ هذه الحملة الاعلامية في مصر بوسائل خاصة؟! واعتقد انه لابد من الربط بين هذه التساؤلات وتصريحات الدكتورة عواطف عبدالرحمن، أستاذة الصحافة في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، خلال مشاركتها في جلسات اليوم الثاني من اللقاء الفكري، الذي عقده منتدي حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية يوم 6 فبراير 2010، حين قالت بجزم ان وسائل الإعلام الحكومية مخترقة من جانب المنظمات الأمريكية والصهيونية!
المهم ان أيوب قرة حصل علي وعد بترتيب لقاء شخصي وسري له مع الرئيس مبارك، ومع ذلك لم تخرج الخطة الي حيز التنفيذ في نهاية الامر! فقبل عدة ساعات من نقل البحارة المصريين الثمانية من سجن معسياهو الي مطار بن جوريون، صدرت تعليمات إسرائيلية رفيعة المستوي بوقف تنفيذ العملية! اما اسباب ذلك فلم تكن واضحة، وواجه المسئولون الإسرائيليون الذين كانوا مشاركين ومشرفين علي تنفيذ الخطة صعوبة في شرح اسباب وقف تنفيذ الخطة، حتي بعد سنوات من الافراج عن عزام، ظل الامر سرا لم يجرؤ احد علي كشفه، وتميل اسرة عزام الي القاء مسئولية وقف التنفيذ علي عاتق اجهزة الامن الإسرائيلية، وخاصة وزير الداخلية الإسرائيلي "عوزي لانداو"، لكن الوزير نفي وقال انه لم يكن علي علم بهذه الخطة اصلا!
ونفي مسئولون بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي اريل شارون آنذاك ان يكون لهم اي دور في صدور قرار بوقف تنفيذ خطة الافراج عن البحارة المصريين في اخر لحظة، لكنهم عادوا وقالوا ان الخطة "لم تكن قد نضجت بعد"، وكانت مجرد خاطر اكثر من كونها خطة اتفق الجانبان علي تفاصيلها، كما يحدث مثلا في صفقات تبادل الاسري، واكدوا انه لم يكن هناك اي تعهد مصري بالافراج عن عزام مقابل الافراج عن البحارة المصريين، وينقل عزام عن هؤلاء المسئولين الذين لم يحدد هويتهم، واكتفي بالاشارة الي انهم كانوا يعملون في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية اريل شارون، قولهم ان من بين الاسباب التي حالت دون تنفيذ خطة الافراج عن البحارة المصريين هو خشية إسرائيل الظهور بمظهر المتوسل المتذلل للرئيس حسني مبارك، بينما لا يعير هو اي انتباه لمثل هذه البادرات الطيبة!
ويقول عزام ان أيوب قرة كان اكثر النواب الإسرائيليين وقوفا الي جانب اسرته والبحث عن اية فرصة للافراج عن عزام، ولم ييأس من ذلك ابدا، حتي لاحت الفرصة في منتصف عام 2003، فقد قام عدد من مسئولي التنظيم، الذي يعتبر الذراع العسكري لحركة فتح الفلسطينية، بالاتصال بأيوب قرة، وعرضوا عليه فكرة لتبادل الاسري، يتم بمقتضاها الافراج عن قائد التنظيم مروان البرغوثي، من السجن الإسرائيلي، مقابل الافراج عن عزام عزام من السجن المصري.
وكانت إسرائيل قد اعتقلت مروان البرغوثي في 15 ابريل 2002، خلال الاجتياح والهجوم الإسرائيلي علي الضفة الغربية فيما عرف باسم "حملة السور الواقي". وابلغ أيوب المسئولين الإسرائيليين المعنيين بهذا الملف بتفاصيل العرض الفلسطيني، وعلي رأسهم رئيس الوزراء اريل شارون، وقال أيوب ان الفلسطينيين ابلغوه بأنهم تحدثوا عن هذه الصفقة مع اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، وانه اعرب عن موافقته وتحمسه للتوسط بين الجانبين!
ولكن قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين لم يتحمسوا للصفقة، فقال البعض ان الافراج عن البرغوثي هو ثمن فادح جدا مقابل الافراج عن عزام، ولن يتقبله الرأي العام الإسرائيلي.
وسعي أيوب قرة الي فرض الصفقة علي الحكومة، اذ طلب طرح الامر للمناقشة في جلسة بالبرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، وكان واثقا انه سيحظي بتأييد اغلب نواب الكنيست. ولكن سقطت الفكرة قبل ان تتحرك قيد انملة، فقد تعرض النائب الدرزي لضغوط شديدة كي يصرف نظره عن فكرة مناقشة موضوع عزام في الكنيست، وتلقي تحذيرات من مسئولي مكتب شارون من ان مناقشة موضوع عزام علنا يمكنها فقط ان تؤدي الي زيادة الوضع سوءا!.
وينقل عزام عن أيوب قرة قوله انه علم من مسئولين إسرائيليين ان إسرائيل كانت مستعدة لتنفيذ الصفقة، ولكن ثارت مخاوف، ثبت صحتها بمرور الوقت، من ان قادة السلطة الفلسطينية ليس لديهم الثقل المناسب للضغط والتأثير علي الرئيس حسني مبارك لتنفيذ الصفقة، واضاف أيوب ان المسئولين الإسرائيليين قالوا له: "لقد حددنا جميع تفاصيل الافراج عن مروان البرغوثي وابلغناها لمصر، ولكن فشلت كل محاولاتنا للحصول علي وعد واضح بالافراج عن عزام من اي احد من المقربين من الرئيس مبارك".
واتهم مسئولو منظمة فتح المسئولين الإسرائيليين بالتلاعب بهم، وعدم جديتهم في ابرام صفقة "البرغوثي - عزام"، في المقابل قال مسئولون إسرائيليون، كانوا مشاركين في تفاصيل هذه الصفقة ومطلعين علي تطوراتها عن قرب، في المقابل ان إسرائيل لم تحصل في اية مرحلة من مراحل الصفقة علي موافقة مصرية رسمية علي تنفيذ الشق المطلوب منها لابرام الصفقة، وهو الافراج عن عزام". وقال مسئول إسرائيلي كان يعمل بمكتب شارون في تلك الفترة ان مسئولي حركة فتح تلاعبوا بعضو الكنيست أيوب قرة طوال اسابيع، وتبين ان الحديث كان يدور عن تعهدات واهية لا اساس لها علي ارض الواقع، ومصر ببساطة لم تكن مستعدة للاستماع الي الفكرة اساسا"!.
ولم يؤد رفض الرئيس مبارك لكل الاقتراحات والعروض الإسرائيلية في قضية عزام اي تغيير من مسئولي مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي اريل شارون، الذي تم اختياره لفترة ثانية من خلال الانتخابات التي جرت 28 يناير 2003 فقد كانت العلاقات بين مصر وإسرائيل مجمدة تماما، ولم تخف مصر ورئيسها شعورها بخيبة الامل من سياسة شارون، وبلغ التوتر ذروته، عندما قامت مصر، ومن بعدها الاردن، بسحب سفيرها لدي إسرائيل، احتجاجا علي احتلال إسرائيل مدن الضفة الغربية خلال عملية "السور الواقي"، ومحاصرة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في مقر اقامته بالمقاطعة في رام الله.
ورغم انشغال إسرائيل في تلك الفترة بموجة العمليات الفدائية والاستشهادية التي نفذها الفلسطينيون في العمق الإسرائيلي ردا علي عدوان إسرائيل واحتلالها للاراضي الفلسطينية، لاح في الافق مجددا بريق امل فيما يتعلق بملف عزام، في نهاية عام 2003، خلال زيارة اجراها عضوا الكنيست اوفير بينس (مواليد 1961 من حزب العمل)، و "جيلا جماليال (مواليد 1974 من حزب الليكود)، ضمن وفد برلماني إسرائيلي الي مصر. فقد زار الاثنان عزام عزام في سجنه بليمان طرة، وعلما منه انه دخل في اضراب عن الطعام، وطرح الاثنان هذا الموضوع علي كل المسئولين المصريين الذين قابلوهما، وكان من بينهم الدكتور احمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، واحمد ماهر، وزير الخارجية المصري آنذاك، والدكتور مصطفي الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، والدكتور اسامة الباز المستشار السابق للرئيس مبارك.
ويقول عزام ان كل المسئولين المصريين كانوا علي علم بالموضوع ويدركون مدي حساسيته، وكانوا يتحدثون خلال الاحاديث الشخصية عن ضرورة الافراج عن عزام، ولكن عندما ينتقلون الي الجلسات الرسمية، كانوا يتهربون من الموضوع او يقولون عكس كلامهم السابق!
والمح المسئولون المصريون لعضوي الكنيست الإسرائيلين، دون ان يقولوا ذلك صراحة، الي ان الكرة في ملعب الرئيس مبارك، وقالوا للإسرائيليين مجددا انه لا توجد ايه مشكلة في الافراج عن عزام، ولكن قصر الرئاسة له تفكير آخر، هم شخصيا لا يعرفونه! وعاد اوفير بينس وجيلا جماليال بشعور مختلط واياد خاوية، فقد شعرا ان ثمة اتجاه ايجابي ازاء الافراج عن عزام، ولكن الامر يتطلب من يحرك ويلين موقف مبارك.
وعاد شارون مجددا ليقول لاسرة عزام ان الامر يتطلب كثيرا من الصبر، واضاف: "صدقوني، اننا نبذل كل جهد ممكن، اصبروا، فكل ما علينا هو انتظار الفرصة".
ولاحت احدي الفرص في طريق شارون اثناء المفاوضات التي اجرتها شركة الكهرباء الإسرائيلية مع شركة "اي ام جي" لابرام صفقة شراء الغاز الطبيعي من مصر لإسرائيل. فقد كان الشركاء في شركة "اي ام جي" هي الحكومة المصرية، وشركة "ميرحاف" الإسرائيلية وشركة مصرية خاصة، ولم يخف المسئولون المصريون سعيهم لابرام الصفقة، التي كانت ستدر علي الخزانة المصرية ملايين الدولارات كل عام، ورغم بلورة الاتفاق والموافقة علي كل تفاصيله تقريبا، كانت إسرائيل تتهرب من التوقيع النهائي! وطلب اريل شارون ربط التوقيع علي التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر وإسرائيل بتقديم مصر لبادرة تثبت حسن النوايا المصرية تجاه إسرائيل عبر الافراج عن عزام، لكن جهود شارون لم تثمر عن شيء، فرغم كل الجهود والضغوط التي مارستها إسرائيل، بشكل مباشر علي قصر الرئاسة المصرية، او بشكل غير مباشر عن طريق الدبلوماسيين ورجال الاعمال المصريين، لم تجد مصر اية صعوبة في ان تتجاهل كل ذلك.
ويقول عزام في مذكراته، رغم ان التوقيع علي اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل كان يمثل مصلحة اقتصادية ذات اولوية عليا لمصر، لانها ستدر مبلغا كبيرا من المال علي الخزانة المصرية شبه الخاوية، اصر الرئيس المصري علي عدم الاستجابة للطلب الإسرائيلي بالافراج عن عزام.
وواصل مبارك رفضه الافراج عن عزام حتي عندما تم ادراج ملفه ضمن مفاوضات اتفاقية الكويز الاقتصادية، التي تقضي بانشاء منطقة للتجارة الحرة بين مصر وإسرائيل، والتي تسمح للمشاركين فيها من الجانبين بتصدير منتجاته الي الاسواق الامريكية بنظام التجارة الحرة وبدون فرض جمارك عليها، وهي الاتفاقية التي كانت كفيلة بأن تدر علي الاقتصاد المصري بضع ملايين من الدولارات كل عام.
وكان رئيس اتحاد الصناعيين الإسرائيليين عوديد تيرا احد المتحمسين لفكرة دمج ملف عزام ضمن المفاوضات المصرية الإسرائيلية علي اتفاقية الكويز، وانطلق لتنفيذها بسرعة، فقد رأي في هذه الاتفاقية اهمية كبيرة بسبب الدعم الكبير الذي تحظي به من وزارة التجارة الامريكية، التي رأت في الاتفاقية عاملا مهما لاضفاء اجواء سياسية ايجابية في الشرق الاوسط، وجزء من بناء الثقة بين الاطراف.
وفي اطار المفاوضات حول هذا الموضوع سافر الي إسرائيل وفد مكون من 11 من رجال الاعمال اصحاب المصانع المصريين، برئاسة جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية، ونزلوا جميعا ضيوفا علي اتحاد الصناعيين الإسرائيليين، وهي الزيارة التي حظيت بانتقادات واسعة من المعارضة في مصر، لكنها شكلت نقطة تحول في العلاقات المصرية الإسرائيلية التي كان الجمود مهيمنا عليها بشكل تام تقريبا منذ شهور طويلة.
وكان عوديد تيرا مقربا من رئيس الوزراء الإسرائيلي اريل شارون، وزار مصر عدة مرات في محاولة لدفع اتفاقية الكويز. وتحدث في هذا الاطار ايضا مع الرئيس مبارك وكبار رجال الاعمال ورموز الاقتصاد في مصر في مسألة الافراج عن عزام. ولكن تيرا لم يضع ذلك شرطا لتوقيع الكويز، ولكنه اخبر الجميع، بمن فيهم مبارك، بان الافراج عن عزام سيشكل نقطة تحول في العلاقات المصرية الإسرائيلية، بما يسرع اقامة الكويز بشكل طبيعي. وهي نفس الرؤية التي عرضها تيرا خلال مقابلاته مع المسئولين الامريكيين والاوروبيين المتحمسين للكويز.
وبعد لقائه مع الرئيس مبارك، وبناء علي نصائح من مستشاري الرئيس، ارسل تيرا خطابا رسميا بصفته رئيس اتحاد الصناعيين الإسرائيليين، يطلب فيه من الرئيس المصري اعادة التفكير لاصدار عفو رئاسي عن عزام واطلاق سراحه من السجن.
وقام تيرا خلال زيارته لمصر بزيارة عزام في سجنه بليمان طرة، وقال له انه يحاول الافراج عنه في اطار مباردة تتبناها الحكومة الإسرائيلية، وفي نهاية اللقاء سلمه عزام خطابا كتبه الي شارون ولكن الرئيس مبارك لم يكن مستعدا للاستماع الي اي عروض إسرائيلية في هذا الشأن حتي ذلك الوقت، حتي بدا انه كان مستعدا للتنازل عن اتفاقية الكويز اذا تمسكت إسرائيل بالافراج عن عزام للتوقيع عليها.
محمد البحيري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.