كنت في خارج البلاد حين جرت مباراة كرم القدم بين منتخب مصر والفريق الجزائري الأولي علي أرض مصر والثانية في أرض الشقيقة السودان وقبل المباراة الأولي أبهرني بل أبهر العالم كله حالة التعبئة والوحدة والاجماع التي عاشتها مصر.. شئ فاق كل تصور بل أذهل العالم وأصبح حديث الإعلام الأول والأهم.. كل هذا يجب أن يلفت نظر علماء الاجتماع وخبراء السياسة وكل من يغار علي مصر ويحب مصر لأن هذه الحالة وهذا الهياج غير الطبيعي لم نعيشها أبداً من قبل ولا حتي في حروبنا السابقة مع إسرائيل وإذا كنا مهيئين وقادرين علي تعبئة هذا الوطن وبهذا الشكل المذهل فلنعبئه لتحقيق أهداف عظيمة وأهمها القضاء علي الفساد والمخدرات والتلوث وحالة اللامبالاة التي دخلت حياتنا وحالة الاجندات الخاصة التي لم يعد فيها مكان للوطن ومصلحة الوطن وسمعة الوطن.. ولينظر أصحاب الشأن كيف توحد الشعب لكل حواسه وكل فئاته والسياسيين بكل أطيافهم وأحزابهم خلف أحد عشر شاباً يجرون في الملعب وراء الكورة.. كيف نسوا همومهم ومشاكلهم.. كيف نبذوا خلافاتهم وغيروا أولوياتهم.. حتي المشاكل الخاصة.. ضغط كل منا علي جرحه في سبيل هدف أسمي وتجاوز همه الأصلي أوهمه الخاص في سبيل هم عام وسما بهدفه في سبيل هدف عام يخص البلد. كل هذا يجب أن ندرسه «ونستفيد في دراسته بهمة وجدية.. فهو ظاهرة لم نعشها من قبل أبداً ومنذ زمن طويل ونحن في حاجة إلي هذه التعبئة الايجابية الآن أكثر من أي وقت مضي.. فشعب مصر أثبت أنه قادر علي أن يتوحد ويتضامن في الوقت المناسب أو لزم الأمر لذلك وأن بذرة الاصالة مازالت موجودة في أعماق كل مواطن مصري حين ينادي الوطن يستجيب ويهب الجميع دون تفكير متحمسين متألقين.. وإن كان هذا ممكناً فلماذا لا نعبئ وندعم هذا الشعب الطيب المستجيب لاهداف أعظم وأجل لننهض بهذه الأمة.. ولتأخذ مصر الدور الذي تستحقه والذي لعبته يوما كأولي حضارات الكون وملأت الدنيا علما وفنا ورقياً.. ومدت يد العون لكل بلاد العرب بصبر وحكمة النبلاء حتي الجزائر ولمصر منزلة خاصة جداً في قلوب كل العرب بصرف النظر عن كل ما قيل وقال من السفهاء وقليلي الفهم والادراك.. وستظل مصر سيدة المنطقة لا تنفصل عن الأمة العربية إن كنا جديرين بأن نجعلها حقا أم الدنيا ويا بناة الأهرام أفيقوا وخذوا المبادرة فأنتم أهلها.. ولابد أن نستفيد من هذا الدرس العظيم وإن حدث سنقود العالم.. ونحن قادرون ولن تبقي أوراق الحل ال99% منها في أيد أفريقيا كما كان يقول الرئيس السابق أنور السادات فالثورة الصناعية في اليابان ومصر حدثت في نفس التوقيت ولنري أين وصل اليابانيون وأين نحن منهم مع أننا أذكي شعوب العالم ولكننا نحتاج لصحوة.. نحتاج لتعبئة بنفس الروح التي سبقت المباراة المشوقة هذه، فهي مجرد مبارة أما نحن مصر أمة.. فهبوا جميعا لهدم الفساد والمرض والجهل والفقر والتخلف لنسود العالم. مقولة خصص أحد كبار الأغنياء في أوروبا نصف إيراده لعلاج الفقراء من كل جنس ودين في العالم جميعهم، فقال له ذات يوم أحد رجال الدين أليس من الأولي أن تخصص هذا المال لطائفتك وبلدك؟! فرد عليه قائلا: ياسيدي إن جميع المرض عندي سواء فليس هناك طاعون مسيحي أوسل مسلم أو سرطان أفريقي.