· 350 جزيرة في النيل يسيطر عليها تجار المخدرات والمسجلون خطر.. والداخلية تشترط دفع 80 مليون جنيه لتأمين المجري · نائب يؤكد: الأمن يدعم سيطرة العصابات المسلحة علي النيل ويتغاضي عن جرائمهم مقابل استخدامهم كمرشدين · نتيجة «الطرمخة الأمنية».. مقتل ضابط شرطة المسطحات المائية وغرق عبارة رشيد والخصومات الثأرية وتزايد أوكار المخدرات والسلاح في عرض النيل أحمد أبوالخير جاءت كارثة عبارة رشيد، وغرق عشرات المواطنين في قاع النيل وغيابهم إلي الأبد بعد أن فشلت قوات الدفاع المدني في انتشال جثثهم، فضلا عن مقتل محمد شكري ضابط شرطة المسطحات المائية برصاص إحدي عصابات المخدرات أثناء إحدي الحملات الأمنية لتفتح ملف تأمين مجري النيل في مواجهة تجار السلاح والمخدرات والمسجلين خطر، الشواهد كلها تؤكد غياب الرقابة الأمنية من جانب وزارة الداخلية علي المجري والجزر الكثيرة المنتشرة في النهر من أسوان وحتي المصب ما عزز من سيطرة العصابات المسلحة علي الكثير من الجزر خاصة في صعيد مصر. أكثر من 2000 كيلو متر هي طول نهر النيل داخل الأراضي المصرية بدءا من أسوان حتي نقطتي المصب دمياط ورشيد في البحر المتوسط هذه المسافة الطويلة التي يقع بجانبها العمران بالمحافظات لم تنجح الأجهزة الأمنية في السيطرة عليها رغم أن معظم مباني مديريات الأمن وأمن الدولة خاصة بمحافظات الصعيد تطل علي النيل مباشرة لكن ولأسباب غير معروفة تحولت الجزر الموجودة بقلب النيل إلي أوكار لتجار المخدرات والأسلحة وهو ما رصدته الأجهزة الأمنية في تقاريرها.. ففي تقرير حديث أصدرته مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية اعترفت الأجهزة الأمنية أن مجري نهر النيل تحول في بعض أجزائه إلي مناطق تحوي مافيا مخدرات وأسلحة وجاء بالتقرير أن هناك أكثر من 350 جزيرة وسط مجري النيل تستخدم في زراعة المخدرات وعلي رأسها الأفيون خاصة في المنطقة المواجهة لمحافظتي أسيوط والمنيا بوسط الصعيد، وهذه الجزر يسيطر عليها كبار تجار المخدرات والمسجلون خطر ويستخدمون المراكب الصغيرة «القوارب» في الوصول إليها وزراعتها بالمخدرات وتتولي مجموعة من الخطرين حماية هذه الجزر من محاولات بعض العائلات للسيطرة عليها وزراعتها وهو ما ينتج عنه معارك ثأرية طاحنة تستمر لأيام وتستخدم فيها البنادق الآلية والرشاشات الثقيلة وهو ما شهدته إحدي الجزر التي تقع بين قري الحواتكة ونجع عبدالرسول وبني محمديات بأسيوط فقد شهدت هذه الجزيرة معارك بين عائلات القري الثلاث سقط خلالها العديد من القتلي. ولأن عمليات النحر والترسيب والتي يقوم بها النهر خلال جريانه دائما ما تخلف جزرا جديدة وسط المجري لذلك يزداد عدد الجزر سنويا وتنشب دائما عند ظهور جزيرة بين قريتين أو في مواجهة اراضي عائلتين معركة طاحنة بين الأهالي للاستيلاء علي الجزيرة وزراعتها خاصة أن هذه الجزر هي أرض شديدة الخصوبة لاتحتاج للرعاية الزراعية وفسرت الأجهزة الأمنية عجزها عن القبض علي الخارجين علي القانون الذين يسيطرون علي هذه الجزر ويقوم بعضهم بزراعتها بالمخدرات بأن هذه الجزر املاك دولة غير مسجلة باسماء مواطنين لذلك تكتفي إدارة مكافحة المخدرات بإعدام الزراعات المخدرة الموجودة فيما يتمكن حراس هذه الجزر من الهروب باستخدام المراكب الصغيرة لدي أي اقتحام للجزيرة. ذكاء الخارجين علي القانون وتقاعس أجهزة الأمن في مراقبة جزر النيل بشكل مستمر وهي المراقبة التي تحتاج إلي أجهزة ولنشات تقدر بالملايين أدي إلي نمو عصابات النيل وظهور عمالقة جدد للمجري المائي لم يتركوا أية فرصة للأمن في تتبعهم أو القبض عليهم مما نتج عنه مؤخرا المواجهات المسلحة بين الأمن والعصابات ففي الأسبوع الماضي استشهد المقدم محمد شكري ضابط شرطة المسطحات المائية الذي كان يقود حملة ضد المراكب المخالفة فاشتبكت معه إحدي العصابات وأردته قتيلا برصاص بنادقها. وقبلها كانت وزارة الداخلية قامت بعدة حملات ضد عصابات النيل واستطاعت القبض علي 180 هاربا من تنفيذ الأحكام و150 شخصا عثر بحوزتهم علي بنادق آلية ومسدسات وسجلت إحدي الحملات في محاضرها تبادل اطلاق النار بينهم وبين مجموعة من الافراد وهروبهم وهو ما يؤكد مدي خطورة مجري النيل الذي تحول إلي ملاذ للخطرين. من ناحية أخري كان قد تقدم عبد العزيز خلف عضو مجلس الشعب عن دائرة الفتح بأسيوط بطلب إحاطة عاجل إلي مجلس الشعب طالب فيه اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية بتطهير مجري النيل من الخارجين علي القانون وأكد خلف ل«صوت الأمة» أنه تقدم بطلب الاحاطة بعد أن عادت المخدرات في الانتشار مجددا بين الشباب وصغار السن في المدارس وهو ما يعد كارثة كبري تهدد بالقضاء علي مستقبل البلاد وأشار خلف إلي أنه لم يكن الوحيد الذي طالب بذلك بل تقدم 15 نائبا بمجلس الشعب مؤخرا بطلبات إحاطة بنفس المضمون ولم تتم مناقشتها. وأكد نائب أسيوط أن الداخلية نفسها تدعم سيطرة المسجلين خطر علي جزر النيل المزروعة بالمخدرات ويعزز ذلك قيام الضباط بتجنيد الخارجين علي القانون مرشدين لهم والتغاضي عن مخالفاتهم وجرائمهم مقابل الإبلاغ عن بعض الضبطيات. المفاجأة أن وزارة الداخلية هي التي ترفض تأمين المجري المائي للنيل إلا بعد دفع وزارات النقل والري والسياحة والمستثمرين 80 مليون جنيه لشراء 100 لانش لتأمين المجري المائي وهو ما رفضته الوزارات بسبب نقص الموازنات الخاصة بها معتبرة أن هذا الإجراء أمني بحت وأن هذه المعدات تأمينية ولانشات اطفاء يجب أن تتحملها وزارة الداخلية. جاء طلب وزارة الداخلية بضرورة توفير مليون جنيه من جانب اللواء أحمد رمزي في اجتماع لجنة السياحة والثقافة في مجلس الشعب وهي اللجنة التي حضرها ممثلون عن وزارة النقل ووزارة السياحة والري لمناقشة كيفية تأمين مجري نهر النيل وإعادة الرحلات السياحية الطويلة للفنادق العائمة من القاهرة إلي أسوان وبحث الخطط الخاصة بالمجري المائي لنهر النيل وكيفية تأمينه. وكان كريم أبوالخير رئيس جهاز النقل النهري حذر خلال هذا الاجتماع من خطورة عدم تشغيل المجري المائي بشكل جيد بعد انفاق المبالغ الضخمة بواسطة وزارة النقل لتعميق مجري النيل منها أعمال تكريك مجري النيل التي تكلفت 237 مليون جنيه لتجهيز عمق النيل لسير السفن وأن التأخير في تسيير سير السفن سيؤدي إلي تراكم الطمي في عمق النيل مرة أخري مما لايسمح بعبور السفن الخاصة بالبضاعة وبالفنادق العائمة وكشف ابوالخير عن وضع «شمندورات» وعلامات ارشادية بطول مجري النيل لإرشاد السفن وأن هذه الشمندورات تكلفت أكثر من مليوني جنيه وتمت سرقتها جميعا. كما أكد ممثل وزارة الري أمام لجنة السياحة بمجلس الشعب أن الوزارة قامت بتطوير «السهاريج» الخاصة بالقناطر وأن هذه الاستثمارات تكلفت أكثر من ملياري جنيه في عملية تطوير المجري المائي من أجل السماح بمرور سفن نقل البضائع والفنادق العائمة في حين أكد ممثل وزارة السياحة أن وزارة السياحة قامت بصرف أموال ضخمة من أجل تجهيز المواني في محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وأن صندوق تنشيط السياحة قام بصرف أكثر من عشرين مليون جنيه من أجل تجهيز هذه الموانئ. في حين اشترط احمد رمزي مساعد وزير السياحة لشرطة السياحة توفير80 مليون جنيه حتي تتمكن وزارة الداخلية من تأمين سير أعمال النقل والبواخر السياحية في مجري النيل وأن الأمن لن يسمح بمرور البواخر السياحية إلا بعد شراء هذه اللانشات لأن كل 10 كيلو في حاجة إلي لنش أمني مزود بمعدات اطفاء حريق ومعدات أمنية أخري لمواجهة الطوارئ وأن وزارة الداخلية لن تتحمل تكلفة هذه الانشات لانها مسئولية الجهات التي ستستفيد من خدمات التأمين رغم أن الرحلات الطويلة من القاهرة إلي اسوان توقفت عام 1997 بعد حادث الاقصر الارهابي بناء علي تعليمات امنية خوفا من حدوث أعمال ارهابية اثناء مرورها من القاهرة إلي السوان. جاءت شروط وزارة الداخلية لتعطل مشروع النقل النهري وتزيد من تراكم الطمي في أعماق النهر ما يعني إهدار 237 مليون جنيه انفقت في تعميق المجري دون جدوي فضلا عن أن السيطرة الأمنية علي النيل ستظل غائبة فيما ستنشط مافيا المخدرات والسلاح دون رقابة علي الإطلاق.