أقف دائماً مع حق السينمائي في التعبير وأرفض تلك الممنوعات التي تصنع حائلاً بين الفنان والعديد من القضايا بحجة أنها تصدم المجتمع ولا يجوز أن تخرج للبيت المصري المحافظ.. نعم أري أن حرية المبدع جزء أصيل من حرية المجتمع وكلما تناقصت حقوق المبدعين تراجعت قيمة الحرية في حياتنا لكننا هذه المرة لسنا بصدد فن ندافع عن حرية مبدعيه.. إننا لا نجد سوي مخرج يلهث وراء العري ومشاهد الجنس معتقداً أن هذا هو الطريق لتحقيق الملايين · تؤدي علا دورها كرجل يشعر بنهم جنسي تجاه المرأة ونراها مع الرجال امرأة من الطرازالأول بكفاءة طاغية في الحالتين علي المقابل فإن الالتزام بالصلاة والمذاكرة هو طريق النجاة.. إنه يقع في إطار الأفلام التي تشكل نسبة لا بأس بها من الحياة الفنية أقصد التي تتناول الشباب وقضاياهم لكنه أكثرهم لهاثاً وراء الجنس المجاني.. أهم هذه الأفلام "احنا التلامذة" الذي قدمه "عاطف سالم" عام 1959 قبل خمسين عاماً ولو تأملت أسماء المشاركين في كتابة دراما "احنا التلامذة" ستعثر علي مبدعين بحجم الكاتب الكبير "نجيب محفوظ" والمخرج الكبير "توفيق صالح" الذي كتب المعالجة الدرامية رغم أن أحداث الفيلم استندت إلي جريمة هزت المجتمع وكانت بها مشاهد اغتصاب ومشاهد قتل إلا أنك في النهاية تعالج قضية اجتماعية وبلغ تأثير هذا الفيلم أنه قد أصبح مرجعاً لأفلام الشباب طوال تاريخ السينما.. أما الذي قدمه "هاني جرجس فوزي" في أول تجربة إخراجية له مع أربعة من الكتاب الشباب الجدد يبدو المقارنة بينه وبين "احنا التلامذة" كالفارق بين الثري والثريا. . أولاً هو يعتقد أنه بصدد فيلم خفيف عندما سألوه لماذا أرجأت كل هذه السنوات مشروعك السينمائي قال أن لديه عشرات من الموضوعات الجادة ولكنه قرر أن البداية ينبغي أن تنطلق مع موضوع خفيف.. من قال أن تقديم حياة ومشكلات الطلبة في الجامعة وأيضاً في مدارس الثانوية العامة هي موضوعات خفيفة مثل "قزقزة اللب"؟! ثم من قال أن الموضوع الخفيف يعني إن الرؤية الإخراجية ينبغي أن تكون متواضعة والفن عموماً والسينما علي وجه الخصوص لا تعرف خفيفاً وثقيلاً وكان أدق تعريف لما حدث هو ما قالته "علا غانم" في حوارها مع "معتز الدمرداش" في برنامج "90 دقيقة" قالت إنه ربما صورها في أماكن من جسدها لم يكن متفقاً عليها ولا أدري هل هذا التناقض أيضا هو رأي أيضاً الأخريات اللائي صورهن "هاني" مثل "ريم هلال" و "دوللي شاهين" و "ماريا".. لا يمكن للمخرج أن يتلصص علي بطلاته ولكن بالاتفاق معهن يتم تنفيذ كل شيء لا أتصور أن مدير التصوير "هشام وديد سري" كان يصور برنامج الكاميرا الخفية بطلاته في أوضاع حرجة بل كل شيء كان معد سلفاً ولا شك.. إننا كثيراً ما يصدمنا تعبير "السينما النظيفة" إلا أن هذا لا يعني أن المخرج الذي يقدم الجنس والعري المجاني هو المطلوب وهو الذي يستحق أن نعتبره المخرج المبدع.. بالطبع هذا التناقض بين النظافة والقبح غير صحيح هناك فيلم "قبيح" وفيلم "أبيح".. أنا أري هذا الفيلم قبيحاً أكثر مما أراه أبيحاً.. القبح هو الصفة التي من الممكن أن تطلقها علي العمل الفني فهو قبيح فنياً ويسند الأدوار إلي ممثليه لمجرد أنهم يوافقون علي العري وغير صحيح أن هذا الأمر متعلق بممثلات لبنانيات والدليل أن "علا غانم" وهي مصرية أباً عن جد مثلاً سمحت بالعري أكثر من "دوللي شاهين" ومن الوجه الجديد اللبنانية "ماريا" التي أدت دور البنت الخجولة حتي الجزائرية "سارة بسام" كانت هي عنوان للعفة.. أدت "علا" دورها وكأنها رجل يشعر بنهم جنسي تجاه المرأة التي تعثر عليها وفي نفس الوقت نراها مع الرجال امرأة من الطراز الأول كفاءتها في هذا الشأن طاغية في الحالتين. . كانت النظرة التي تتابع بها "علا" النساء مباشرة وفجة بل وصل الأمر إلي أن يسألها أصدقاؤها هل أنت تؤدين مع النساء دور الرجل أم المرأة.. في أفلام "البورنو" الجنسية تجد حتي علي مستوي الصورة محاولة للتعبير أما في هذا الفيلم فلا مجال لأي محاولة.. هناك ممثلون فقط كل منهم ومنهن يحاول علي قدر المستطاع لكنك بالتأكيد لن تشعر بأن هناك مخرجاً يوجه.. "ادوارد" ربما كان هو الأكثر تميزاً بين زملائه.. "أحمد فهمي" شاهدته من قبل في فيلم "خليج نعمة" أول ظهور سينمائي له وكان وجهاً مبشراً ولكن بالطبع يحتاج إلي مخرج ولا يمكن لفنان في بداية المشوار أن تطلب منه أن يدقق في الاختيار فهذا بالتأكيد هو المتاح أمامه لا شيء أكثر من تلك الأدوار والفنان يتعلم من الرديء مثلما يتعلم من الجيد.. باقي الممثلين مثل "نبيل عيسي" شاهدته من قبل في عدد من الأفلام التي تستعين بالوجوه الجديدة ولا يزال يبحث عن مفتاح للأداء.. أما "باسم سمرة" فأنا لم أقتنع بأنه طالب في الجامعة شاهدته قبل بضعة أشهر في فيلم "قبلات مسروقة" الذي لعب فيه دور طالب قد أكدوا في السيناريو أنه أمضي سنوات عديدة قبل الالتحاق بالجامعة حتي يتوافق عمرياً مع المرحلة التي يؤديها.. أما هذه المرة فلم نره سوي وهو يمسك بالكتاب وكشكول المحاضرات ويبحث عن سجادة الصلاة.. ما الذي أراد أن يقوله الفيلم.. أن الصلاة والعودة لله هي الحل.. أم أنه يطالب الأهل بالرقابة علي أبنائهم أم لعله يحارب الفقر الذي يحول دون الشباب والزواج.. ولا واحدة من تلك الأسباب من الممكن أن تجدها في هذا الفيلم إنه في الحقيقة لا يقول سوي أن هناك مخرجاً قرر أن يستغل أقصي ما هو متاح من السماح الرقابي والرقابة لدينا برغم كل المآخذ عليها فإنها لا تخشي بعد الله عز وجل سوي غضب الرئيس "حسني مبارك" أو غضب وزير الداخلية "حبيب العادلي" وهكذا تخاف من الفيلم السياسي فتحيله إلي رئاسة الجمهورية أو الفيلم الذي يتناول عسكري شرطة تحيله مباشرة إلي "حبيب العادلي" غير ذلك فإن الأمر يتوقف علي مزاج الرقيب إذا كان رائق المزاج يوافق بدون قيد ولا شرط علي مشاهد الجنس وإذا كان عليل المزاج فتنشط لديه الغدة الرقابية وتزداد الممنوعات.. يبدو أن الرقيب كان هذه المرة مع فيلم "بدون رقابة" في حالة مزاجية رائقة جداً أقصد جداً جداً جداً!!