· التصرفات الهمجية كانت دافعاً قوياً لوجود احتمالات بطرد السفير الجزائري من القاهرة تصوير: أحمد جمعة لم تعد الكلمات الهادئة ملائمة للأجواء المشحونة بالتوتر الشعبي والغضب الرسمي. فالأحداث التي جرت مشاهدها في الخرطوم، تجاوزت جميع الحدود، ولم يعد مناسبا معها، سوي الحديث عن الأنباء المتسربة، حول الاحتمالات القوية، لتوجهات الدولة، ونواياها، نحو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر، وطرد سفيرها من القاهرة. وربما يكون ذلك في حالة تحققه أقل بكثير من حقوق المصريين ودولتهم، باعتبار أن ذلك نوعا من أنواع ردالفعل، للثأر من دهس كرامة مصر وهيبتها. بالاعتداء علي مواطنيها في جريمة مكتملة الأركان. فالوقائع جرت بدعم رسمي وتحت غطاء إعلامي محرض من النظام الحاكم، وهذا لم يكن مجرد اتهام عشوائي لهذا النظام، جاء في لحظة إنفعال أو غضب، إنما هي حقائق، فالجريدة التي شنت حربا ضروسا، مفبركة الصور، واعتبار مصر دولة إرهابية، اسمها «الشروق»، وهي لسان حال أحد الاجنحة المتصارعة علي الحكم والسلطة في الجزائر، وهو الجيش. الذي أرسل قوات خاصة وفرقا كاملة من الشرطة النظامية مهمتهم الوحيدة، هي تنفيذ المؤامرة بكل ترتيباتها، الاعتداء علي المصريين ومطاردتهم في الشوارع في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ المسابقات الرياضية، وكأن المباراة هي معركة حربية. حشدت لها جميع الإمكانيات الجماهيرية والإعلامية. المحرضة علي العنف. التصرفات التي خرجت عن سياق المألوف، لم تتقف عند حدود ماسردناه من وقائع، ولكنها امتدت إلي أبعد من ذلك.، وهو التهديد والوعيد لأي مصري في الخارج، وهذا وحده كاف لإلقاء الضوء علي أجواء المؤامرة التي حيكت.. فالأمر برمته ليس منافسة رياضية أو غيره، ولكن علينا أن نفتش، ونرصد، عن طريق القراءة المتأنية: الأحداث وتهليل اسرائيل لها، وبعض القنوات الفضائية، وجدتها فرصة ثمينة للهجوم علي مصر. لكن كل ذلك لم يمنع مصر رغم التعامل بحكمة وهدوء من جانبها في جميع الأحداث من تصعيد إجراءاتها الدبلوماسية، كأحد الحلول الطارئة والعاجلة، ربما لامتصاص غضب الشعب الثائر علي تلك الفوضي وهذه المهاترات لكن وهو الأهم أن التصعيد يهدف أولا لحماية الرعايا المصريين سواء في الجزائر أو الخرطوم. فقد أجري الرئيس مبارك عدة اتصالات هاتفية بالرئيس السوداني عمر البشير بغرض توفير السلطات السودانية للحماية، والتأمين، للبعثة الرياضية والجماهير المصرية، التي سافرت لمؤازرة وتشجيع منتخبها الوطني... بعد أن جري حصارهم والاعتداء عليهم، بل وانتظارهم في الأماكن المحيطة بالمطار. رغم الحديث عن التواجد الأمني الكثيف. ولكن كل تلك الإجراءات لم تمنع الاعتداءات المتكررة. وهو الأمر الذي دفع الحكومة المصرية، لارسال فرقة أمنية علي قدر عال من التدريب والكفاءة، لتأمين الجماهير واللاعبين بعد أن صارت شوارع الخرطوم - ساحة لعمليات إرهابية، تهدف لاغتيال المصريين وتصفيتهم جسديا. كل تلك التصرفات الهمجية كانت دافعا قويا لوجود احتمالات أخري بخلاف طرد السفير ليس كنوع من التهدئة، ولكنها إجراءات تجري دراستها. في مقدمتها، تعليق العلاقات بين البلدين لأجل غير مسمي، علي أن يتم العمل بهذا الإجراء، في حالة موافقة رئيس الدولة علي ذلك. بعد إعادة المصريين المحتجزين في الجزائر، والذين يعاملون أسوأ معاملة، وعلي جانب آخر من الإجراءات التي تم تصعيدها كما طلب أحمد أبو الغيط وزير الخارجية، عقد اجتماع طاريء لمجلس جامعة الدول العربية لمناقشة الأحداث التي جرت، وتوجيه إدانة من الجامعة - لحكومة نظام الجزائر وشعب الجزائر، ومن المتوقع أن يوجه عمرو موسي الدعوة للدول الأعضاء في الجامعة بناء علي طلب مصر، قبل تفاقم الأزمات، ووصولها لطريق مسدود بين البلدين. الغريب أن الأحداث جميعها قوبلت من الفضائيات العربية بنوع من الحفاوة، وراحت تحرض علي مصر وشعبها، باعتبارهم أعداء وهو الأمر الذي لا يمكن الصمت عليه، أو الرد بالردود التي عفا عليها الزمن، فلم يعد هناك جدوي من الحديث عن الأخوة والمصير والدم الواحد والأشقاء، فجميعها أصبحت بفعل فاعل مجرد كلمات عبثية بلا معني. ولا تقوي علي مواجهة ما جري من اعتداءات جري التحضير لها من مؤامرة محبوكة لم يغب عنها الإعلام الاسرائيلي الذي تعمل آلته الجبارة لإهانة مصر والهجوم عليها وعلي شعبها.. نحن الآن أمام واقع لا تنفع معه البيانات أو الإعتذارات، ولا نطالب فيه بالرد بالمثل، لكن نريد موقفا رسميا يحفظ لمصر كرامتها ومكانتها التي يتم العبث بها، وإهدارها جهارا نهارا، سواء هنا أو في أي بلد آخر.