تعد جيب اليوم هي أحد أبرز الماركات العالمية العالمية العاملة في السوق المحلي التي يدفعنا الحديث عن تاريخ جيب في مصر إلي التعرض بأيجاز عن قصة ظهور السيارة للمرة الأولي حيث ظهرت الفكرة في أواخر الثلاينيات من القرن الماضي عندما أراد الجيش الأمريكي الحصول علي سيارة عسكرية صغيرة تتميز بالسرعة و خفة الوزن و القدرة علي العمل علي مختلف أنواع الأراضي أي بإختصار سيارة تعمل كخيول سلاح الفرسان. و بطبيعة الحال تطلب ذلك ضرورة تجهيز تلك السيارات بنظام للدفع الرباعي الذي أثبت فعاليته بالمركبات العسكرية المستخدمة خلال الحرب العالمية الأولي. و قاد بحث الجيش عن الحجم الصغير إلي الحديث مع شركة بانتام الأمريكية في ولاية بنسلفانيا و كانت حينها تنتج نسخة أمريكية من موديل أوستن سفن الصغير. و بالفعل بدأ الجيش التجارب علي تلك السيارة التي لم يتجاوز طول قاعدة عجلاتها 1.9 متر و لم يتعد وزنها 544 كيلوجراما و كانت مزودة بمحرك سعة 800 سي سي بقوة 22 حصانا. و توصل الجيش إلي نتيجة مفادها أنه علي الرغم من تطابق السيارة مع معايير الوزن و الحجم غير أنها تفتقر إلي القوة و الأداء المطلوب. بعدها قامت لجنة تابعة للجيش بوضع مواصفات السيارة المطلوبة عام 1940 و تلخصت في أن تكون السيارة الجديدة خفيفة بوزن لا يتعد 590 كيلوجراما ثم تراجعت عن ذلك و زادت الوزن إلي 980 كيلوجراما و ألا يتجاوز طول قاعدة العجلات 2.3 متر و أن يكون بمقدورها حمل 272 كيلوجراما و الأهم أن تعمل بنظام الدفع الرباعي. أرسلت العطاءات إلي حوالي 135 شركة أمريكية تشمل كافة شركات صناعة السيارات تدعوهم لتطوير نموذج تجريبي خلال 49 يوما فقط. بطبيعة الحال ، نظرت معظم الشركات إلي المهلة الزمنية القصيرة و صرفت النظر عن الفكرة برمتها. بعض الشركات و منها شركة تشيكر قامت بتطوير نموذج تجريبي و لنها لم تتقدم رسميا و أعلنت شركة أمريكان بانتام عزمها الوفاء بتلك المهلة الزمنية و كان لذلك ما يبرره حيث كانت علي حافة الإفلاس. أما شركتي ويليس-أوفرلاند و فورد فقد بدأتا تطوير نماذج تجريبية و لكن أعلنتا عدم إمكانية الإلتزام بالمهلة الزمنية. تمكنت بانتام من الإنتهاء من النموذج التجريبي الذي أطلقت عليه إسم "سيارة بانتام للإستطلاع" بمساعدة بعض الشركات الأخري و تم تسليم النموذج قبل نصف ساعة من إنقضاء المهلة المحددة. و علي الفور بدأ الجيش الأمريكي إختباراته علي السيارة لمدة شهر ثم كلف الشركة بإنتاج 1500 نسخة رغم ظهور بعض المشكلات في النسخة التجريبية. كانت الحرب العالمية الثانية تشتعل في اوروبا و تحسب الجيش الأمريكي لإحتمالات مشاركته في الحرب فوجد أن مصنع بانتام لا يستطيع الوفاء بإحتياجات الجيش من السيارة الصغيرة المطلوبة و لم يكن أمام الجيش مفرا من البحث عن شركة كبيرة يمكنها إنتاج مئات الآلاف من السيارة العسكرية الصغيرة. خلال تلك الفترة قامت الشركة بإنتاج السيارات التي تعاقدت عليها ثم أنتجت 3000 سيارة أخري ذهبت معظمها إلي الجيش السوفييتي. و خلال فترة الحرب تولت بانتام تصنيع الكثير من مقطورات السيارات الجيب. قامت ويليس-أوفرلاند بتسليم نموذجها التجريبي في 11 نوفمير من عام 1940 و أطلقت عليه إسم "كواد" أي "رباعي الدفع" و قدمت فورد نسختها أيضا و تم إختبار السيارتين و أختير نموذج ويليس-أوفرلاند كمركبة الجيش الأمريكي الخفيفة لقوة محركها التي بلغت 61 حصانا بزيادة 15 حصانا عن قوة محرك سيارة فورد. و تلقت الشركة عرضا ضخما لإنتاج سيارات جيب لحساب الجيش و حتي إنتهاء الحرب أنتج من الموديل 600 ألف نسخة منها 360 ألفا قامت ويليس-أوفرلاند بتصنيعها و قامت قورد بإنتاج الكمية المتبقية بموجب ترخيص. حققت السيارة شهرة أسطورية خلال الحرب حيث إستخدمت للنقل و كسيارات قيادة ميدانية و لحمل قطع المدفعية و كعربات إسعاف و غيرها من الإستخدامات التي جعلت من الإسم أسطورة قد لا تتكرر خاصة و أنه في الفترة التي أعقبت الحرب ظهرت فوائدها المتعددة في الإستخدامات المدنية بالحقول و الصحاري و مواقع البناء لتتجدد الأسطورة التي لا تزال قائمة حتي يومنا هذا. بالطبع يتسائل الكثيرون عن سبب التسمية و التفسير الأقرب للواقع أنه نطق حرفي "GP" و هما إختصار لجملة " General Purpose" أي سيارة الأغراض العامة و التي أطلقت علي جيب من قبل الجيش الأمريكي. في مصر عرف المصريون سيارات جيب خلال أربعينيات القرن الماضي من خلال معسكرات الجيش الإنجليزي في مصر وهي المعسكرات التي حصلت علي الكثير من نسخ تلك السيارة خلال فترة الحرب العالمية الثانية وصار مشهد السيارات الجيب وهي تجوب شوارع القاهرة ومنطقة القناة مألوفا لدي الجميع. مع نهاية الحرب العلمية الثانية عام 1945، سعي الجيش الإنجليزي للتخلص من مخلفاته ومنها سيارات الجيب القديمة ليفسح الطريق للمركبات الجديدة التي سيحصل عليها ولهذا بيعت سيارات جيب للمرة الأولي - ضمن مركبات عسكرية أخري- للمصريين بأسعار معقولة. وساعد علي إقبال المصريين علي تلك السيارة مشاهدتهم لها في الكثير من الأفلام الغربية بين عامي 1945 و 1950 وسرعان ما صارت جيب الموضة السائدة خلال تلك الفترة. شريف علي