كانت لي الفرصة أن أعيش في الكثير من عواصم العالم بحكم عمل زوجي مديراً لإحدي شركات الطيران الكبري، عشت في معظم الدول الأوروبية تحضرا وعشت في أكثر دول الخليج تزمتا.. عشت في بلدان لاتتكلم في الدين إطلاقاً وعشت في بلدان ليس لها حديث إلا عن الدين، وحين أقارن بين السلوك والأخلاق والالتزام يحتار أمري وينتابني أحباط شديد ، وأتساءل لماذا نحن شعوب متخلفة متعنتة والجهل شيمتنا نعاند حتي أنفسنا ولا نتقبل الجدل وخاصة في الأمور الدينية.. فلقد أجمع علماء الدين علي أن النقاب للمرأة غير وارد في القرآن الكريم وهو يعوق المرأة العاملة بالذات وهو شيء غامض والغموض دائما مرفوض.. فالحجاب حرية شخصية أما النقاب لا وألف لا، فوالله إني أخاف من المنتقبات هذه الخيمة السوداء المتحركة التي لا أعرف إن كان من بداخلها رجل أم امرأة.. وجه طيب مطمئن يشع بنور الإيمان والرحمة أم أنه وجه ماكر لئيم شيطاني.. ولأنني أتخصص في رسم الوجه والبورتريه أصبح عندي باع طويل في قراءة الناس من وجهها.. فالوجه فعلا مرآة لكل ما تبطن في داخلك من مشاعر والوجه الجميل نعمة من نعم الرحمن فسبحان من نسق حروفه أو معالمه وجعلها تتجانس بهذا الشكل المريح للنظر.. ولقد تعودنا أن نخفي القبح لأن القبح يؤذي الآخرين أما الجمال المباح فهو نعمة من نعم الخالق نسبح الله كلما رأيناه.. فأنا أدعو المرأة للاحتشام لأن للجسد حرمة أما الوجه لا وألف لا.. فالخيمة السوداء خطر أمني علي البشر أجمعين شيء غامض متحرك لا أعرف مضمونه ومن يكون.. كانت ابنتي وهي طفلة صغيرة كلما رأت هذه الخيم السوداء لأننا كنا نعيش في السعودية في تلك الأيام تبكي بعصبية وحرقة وتخاف حين تهم واحدة منهن لتحملها عني أو تلاطفها وتلتصق بصدري وهي مذعورة فالسواد أصلا لون الموت والظلام وهو بحد ذاته يثير الرعب فكيف اذن كان متحركاً ويبطن في داخلي نوعاً من البشر. .. فكم من جريمة ترتكب تحت ستار هذه الخيمة السوداء.. وكم رجل دخل حرم النساء الخاص وهو يتخفي بهذه الخيمة التي لاتظهر إلا عيونه وأرجع وأقول لو كل منا قرأ القرآن الكريم بصبر وحكمة وفهم وعرف ما يحتويه هذاالكتاب العظيم الساحر المذهل وطبق ما فيه بإخلاص ستتغير أمور كثيرة إلي الافضل والأحسن وأنا علي يقين أن الكثير لا يفقهون شيئا عن محتوي هذا الكتاب العظيم ويرددون كلماته كالببغاء لذلك هم مسلمون بغير إسلام. كنت أمر بسيارتي في أحد شوارع امبابة في وقت صلاة الجمعة ورأيت الناس تقبل مهرولة إلي الصلاة حتي سدوا أو أغلقوا الطريق لأنهم يصلون في الشارع لأنهم كثرة فالجامع لا يكفيهم ونظرت علي الجهة الأخري من الشارع فوجدت أكواماً وأطناناً من الزبالة أمام الجامع وبجوارهم وهم يصلون فوالله لو تجمعوا هؤلاء في جمع هذه الزبالة ونظافة المكان لم يأخذ منهم ساعة واحدة لأنهم كثرة.. ولحسبت لهم ألف صلاة لأن العمل عبادة أيضا ولكن للأسف حين انتهوا من صلاتهم منهم من بصق علي الأرض ومنهم من أقبل علي سيارتي ليتفحصني بوقاحة ويلقي بكلمات الغزل الرخيص دون حرمة، وأقسم بالله أنني رأيت سيدة تقذف الزبالة من البلكونة وكادت أن تسقط علي سيارتي وأنا متأكدة أن هذه السيدة حين تخرج ترتدي النقاب أو الحجاب وأسمعوني قبل أن تفقدوني. وضعوني في إناء ثم قالوا لي تأقلم وأنا لست بماء وأنا من طين السماء وإذا ضاق إنائي بنموي يتحطم للشاعر أحمد مطر