مازال نهر التعذيب الممنهج يسير فى وديان الاخوان، وكأنه ميراث لخلف عن سلف، فنفس الطريقة ونفس الآلية التى كان يتعامل بها النظام السابق مع المتظاهرين من اعتقال وتعذيب وهتك للاعراض، هى نفس الآليات التى يتعامل بها النظام الحالى مع معارضيهم، كان الجميع يعتقد ان الاخوان المسلمين الذين كثيراً ما ذاقوا كل ألوان التعذيب، سيكون عندهم رأفة بمعارضيهم، إلا أنهم كما يقول علم النفس، يمارسون عدواناً مرتداً على الخصوم أشد قسوة من جلاديهم، وأكثر ضراوة، الأمر الذى حدا بالخارجية الأمريكية - الحليف الأكبر للنظام الحالى - فى تصريحاتها الاخيرة للتنديد بتصرفات مرسى، وفى هذا السياق تفتح «صوت الأمة» ملف التعذيب فى عهد مرسى بدءاً من الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير حتى الآن، حيث وصل عدد الذين تم تعذيبهم خلال هذه الفترة الى 1200 حالة، منهم 400 طفل فى سابقة لم تحدث فى تاريخ مصر، منهم ايضاً 450 فى القاهرة، و350 فى اسكندرية، والباقى موزع على المحافظات . يقول «احمد عاطف» أحد ضحايا القبض العشوائى فى أحداث «ذكرى محمد محمود»، وأحد مؤسسى «حملة وطن بلا تعذيب»: «أنا نزلت فى ذكرى محمد محمود بعد مرور عام على المجرزة اللى سقط فيها 55 شهيد، نزلت عشان القصاص، نزلت لأجل حق الشهداء بعد سنة عدت ومفيش اى حاجة حصلت، مفيش اى محاكمات لقتلة الشهداء .. ده كمان معتقلى محمد محمود هما اللى كانوا بيتحاكموا، نزلت عشان مر خمسة شهور من حكم الرئيس مرسى بعد ماوعدنا بأن دم الشهداء فى رقبته لم يفعل أي شىء، نزلت عشان كان المطلب الرئيسى تطهير الداخلية، نزلت عشان الداخلية متغيرتش وكل شوية، بيروح ضحية فى كل مكان فى مصر لبطشها وجبروتها.. أنا نزلت مع اخويا الصغير فى يوم الاتنين 19 نوفمبر 2012 واتمسكنا الساعة 1 ونص بالليل فى كماشة فى شارع الشيخ ريحان خلف مجمع التحرير، كنا حوالى 16 واحد اتعملت علينا حفلة ضرب وسحل.. كان فيه بنت واخدوها العساكر، كانوا هيعتدوا عليها لولا أنها صرخت وعملت أن مغمى عليها فسابوها هى واخوها وخرجت بمعجزة بعد ماخدوا كمية من الشتايم، والاهانات، أنا كان عندى جرح قديم فى راسى، وحاطط قطن، أول ما العساكر شافو الجرح واحد مسكنى وقالهم استلموه ده.. كله كان بيدخل وبيحاول يضرب فى مكان الاصابة بالعصيان.. كنت فى وسط حوالى 4 أو 5 عساكر ماسكنى من اجمالى 20 أو 30 عسكرى، حواليا وفيه كل شوية عساكر تخش تضرب وتاخد نصيبها.. كان معاهم ناس بلبس مدنى شكلهم مسجلين خطر بيضربوا بالعصيان مع العساكر، حاولت أحمى راسى والجرح فخدت ضربات كتير على صوابعى ودراعى، بمعجزة رميت القطن عشان العساكر الجديدة اللى جايين يسجلوا فى الحفلة عشان مياخدوش بالهم من الجرح، الضرب كان بالعصيان وضهر البنادق والبيادات بالبوكسات والشلاليت بأى حاجة وفى كل مكان. ضربونى مرتين بالعصيان على المنطقة الحساسة من الامام.. وفيه حد من ورا كان معاه عصاية وزقها عشان تلامس المؤخرة كنوع من الاذلال النفسى.. مكنتش قادر أشوف اخويا أو حد من اللى معايا حصلهم ايه.. مقدرتش أميز الشتيمة من وسط الضرب، وقعت ع الأرض من كتر الضرب، سحلونى ع الأرض وكنت بغطى رأسى بدراعى وضامم رجلى، كان الضرب فى كل مكان، لحد عملت أنى أغمى عليا، سحبونى لحد عربية الترحيلات بعد مجلس الشورى، عربية الترحيلات كانت متغرقة كلها بول فى المكان اللى بنقعد عليه كنا 15 واحد – منهم شقيقى- ودخل معانا واحد شكله مخبر تحت اسم احمد ثابت –عشان ياخد معلومات مننا جوه او يشهد علينا - واخد بوكس فى عينه قالنا انا مقبوض عليا معاكو – رغم انه مكنش فى الكماشة - وهو الوحيد اللى طلعوه بموبايله وفلوسه وكان العساكر فى الحبس بيندهو عليه باسمه، كان معانا شاب مضروب جامد جدا لما دخلنا عربية الترحيلات انهار على الأرض، جينا نشوفه لقيناه مفيهوش نبض افتكرناه مات وقرينا الفاتحة عليه وكانت حاجة صعبة جدا، بعدها واحد مننا شافه فقالنا ده لسه عايش بس عنده هبوط فى الدورة الدموية، لما وصلنا الحبس دخلنا الزنزانة والشاب ده متنقلش معانا ومعرفناش عنه اى حاجة، محدش كان يعرف اسمه ومعرفتش اميز شكله من ضلمة عربية الترحيلات، وقلت ده فى تحقيقات النيابة، النتيجة لكل الضرب ده مكنتش عارف احرك عضمة فى جسمى، جرح الرأس اصيب من الضرب، شفتى اتهرست وكانت بتنزف بشدة، تورم أعلى الحاجب، تورمين بالرأس، كدمات وتورمات مختلفة فى الضهر والساقين، وألم رهيب بالبطن من البوكسات اللى خدتها، القميص مقطوع فيه زراير، القميص والفانلة الداخلية كان عليها دم من جرح الراس والشفة. ويضيف أحمد: «كان فيه اصابات اكبر منى بكتير، اخويا اتفتحت راسه بجرح قطعى كبير نزف لمدة ساعة وكان وارم بشدة، اضطروا نقله للمستشفى والا سوف يلبسون مصيبة، عمل 14 غرزة فى رأسه وكان فيها خراج شاله وكان بيكح دم، مناخيره حصل فيها كسر، وكانت بتنزف بشدة وواخد بوكس فى عينه، فيه معتقل آخر كان مريضا بالسكر اصيب بكسر فى الحوض الأمامى والخلفى وكسر فى فقرتين فى الظهر وكسر فى الأنف ورفضوا يعالجوه ولا حتى يصرفوا له الانسولين عشان مرض السكر، وكان داخل على غيبوبة السكر لولا ستر ربنا فى اليومين اللى قعدهم.. ولحد الان بيتعالج ومقدم على عملية كبيرة ربنا يشفيه لانه معرض للشلل لا قدر الله، وفيه واحد اتكسرت سنانه، فيه ناس كتير هدومها اتقطعت من الضرب، وفيه شباب كان بنطلونهم نفسه مقطوع، فيه أطفال مضروبين فى وشهم بطريقة بشعة، طبعا والعساكر ساحبنى كانو بيمدوا ايديهم فى جيبى وبياخدوا اى حاجة لنفسهم، وكل المعتقلين اتعرضوا للسرقة العساكر كانوا كأنهم بيقسموا الغنيمة على نفسهم، انتقلنا لمعسكر الأمن المركزى بالجبل الأحمر مباشرة، طبعا ده مكان احتجاز غير قانونى.. دخلنا زنزانة 8 متر فى 4 متر فى السجن العسكرى الملحق بالمعسكر، وصل عددنا فى اول ليلة 19 شابا بعد اعتقال آخرين، كلهم كان معمول عليهم نفس حفلة الضرب والسحل، جاء الضابط قال لهم أول ليلة كنا 19 واحد تانى يوم كان فيه 91 شابا فى الزنزانة، 91 من أطهر وانضف الشباب فى مصر كله نايم فوق بعض على البلاط فى السقعة وبيتألم ومكسر فى كل جسمه، هددونا فى الأول أننا لو ملتزمناش هيطلعوا علينا كتائب الأمن المركزى، طبعا المحضر اتعمل لنا فى المعسكر على 3 أو 4 الفجر وكان أى كلام.. اتسألنا سؤالين واتكتب أى كلام فى المحضر ولا مضينا على حاجة ولا شفنا المحضر.. منعرفش حتى اللى عمل لنا المحضر صفته ايه ولا تبع ايه، اتحقق معانا مرة تانية فى المعسكر تحت الضغط والتهديد اللفظى، كانو بيحاولو يجبرونا إننا نطلع أى أسماء أى معلومات اى حركات أى أشخاص، تركيزهم على الالتراس والمشاغبين والملثمين، عايزين يعرفوا مين بعت الدعوات ع الفيس، عايز اسماء حسابات على الفيس، اى معلومات، وعملوا طبعا لينا كلنا ملف فى امن الدولة بكل تفاصيل اهلنا اماكن عمل كل حاجة، فيه واحد اسمه احمد جمال عيد اتمسك معانا وقالهم انه ائتلاف شباب الثورة - على اساس انه هيتعامل باحترام - استجوبته الأمن الوطنى 3 مرات وقالوله هتيجى معانا الإدارة شوية أنت قديم فى الميدان بقالك سنتين وهنعرف منك معلومات عن كل واحد انت تعرفه، ولما خد اخلاء سبيل من النيابة مطلعش واترحل من معسكر الامن المركزى يوم الخميس بواسطة افراد امن الدولة «أمني وطنى»، عرفنا بعدها أنه اترحل لسجن طره لاستجوابه والضغط عليه وبعدها خرج ، طبعا احنا جوه المعسكر معزولين عن العالم الخارجى، مفيش اى علاج ولا زيارات، الدكتور دخل شافنا فى الاول وفى الاخر مخدتش الا اتنين تلاتة يعالجهم وساب الباقى، ولما فيه مجموعة خدت اخلاء سبيل – انا منهم - بعدما اتعرضت على النيابة يوم الثلاثاء 20 نوفمبر رجعنا المعسكر بس قالولنا هناك اننا خدنا 4 أيام، فجأة يوم الأربعاء 21 نوفمبر ليلا قالوا لنا يالا عشان هتخرجو دلوقتى، كانو استلمو منى وأنا داخل المعسكر البطاقة وكارنيه نقابة المهندسين والمفاتيح والحزام والكوفيه كانت عندهم ومخدتش حاجة وانا خارج، رمونا أنا وال 12 اللى خدوا اخلاء سبيل الأربعة الساعة 11 بليل بره المعسكر على أطراف مدينة نصر، ويضيف أحمد: «من كل المعتقلين ال 91 فى الزنزانة كان تقريبا ربعهم أطفال قصر أعمار 13 و 14 سنة متهمين بالتخريب، محبوسين فى معسكر امن مركزى ومضروبين وفيهم كدمات نشر بتاريخ 8/4/2013 العدد 643