سؤال واحد علي كل لسان، مللت من كثرة الإجابة عليه، في مصر، وفي خارج مصر، الكل يتساءل، من (أو ماذا) القادم ...؟ ليس عيبا أن يسأل الناس عن ذلك، وليس مستغربا أن يتطلعوا للإجابة خصوصا بعد كل هذا الجمود (في قول آخر الاستقرار) الذي ننعم به طوال هذه العقود الثلاثة! إجابتي كانت دائما: "ضابط آخر ... إلا إذا ..." و دائما رد الفعل: "إلا إذا ماذا ...؟ " و أنا أرد: " إلا إذا تحرك الناس..."! حينها أسمع تعليقات من نوعية " الناس لن يتحركوا ... الناس ألفوا الذل ... كلٌّ يقول أنا ومن بعدي الطوفان ...الخ "! حينها لا أجد أمامي إلا السكوت، برغم أنني أؤمن بأن هذا الكلام عن خنوع الشعب المصري كلام فارغ من أوله لآخره ...! الغريب أن السائل - في أغلب الأحيان - يتولي دور المُنَظِّرِ المجيب عن السؤال الذي كان يسأله منذ قليل، وفي أغلب الجلسات نصل بنفس التسلسل لنفس النتيجة، وهي أن مصر تحتاج إلي رسول معصوم، أو ملك مطهر ...! المشكلة ... أن هذه الاجابة لا تعجبني ... بتاتاً ...! لسببين: الأول: أنني أؤمن بأنه لا نبي بعد محمد صلي الله عليه وسلم، وأن الله لن يبعث لنا ملكا رسولا . الثاني: أنني أؤمن إيمانا جازما أن الله لو بعث لنا رسولا وجلس هذا الرسول ثلاثين عاما بسلطات مطلقة دون أن يحاسبه أحد، وكان من صلاحياته أن يقلب كل ما في حياتنا رأسا علي عقب، وأن يستولي علي جميع خيرات البلد لصالحه هو وأبنائه ... لو جاءنا رسول و أعطيناه كل هذه الصلاحيات ... لتحول إلي شيطان مريد ...! سؤال الساعة: "من سيأتي؟" ... ولكن السؤال الذي يجب أن نسأله: "كيف نأتي بمن (أو ما) نريد ...؟" هكذا أفهم المسألة ...! حين أصل لهذه النقطة في الحوار (أو المعركة) أري من أمامي ينظر إلي نظرة تجعلني أثق في أنني عبقري (أو حمار) لأنه لا يستطيع أن يتخيل أن شخصا ما يطالب الناس بأن يكون لهم دور فيما أو فيمن هو قادم ...! حينها يقول لي من يجادلني (وقد حدث ذلك عشرات المرات): "حنعمل إيه ...؟" ساعتها ... يتجلي للمرة الثانية سؤال سليم: "ماذا نفعل؟" و إجابته (طبعا): "إحنا غلابة...!" ولكن حين نصل لهذا المدي في الحوار أجد نفسي مضطرا لأن أخبر من أمامي أن السؤال الحقيقي ليس "ماذا نفعل؟" ... بل: "هل نريد أن نفعل؟" تسألني:"ماذا نفعل؟" ... و أنا أسألك: "لو أخبرتك ماذا تفعل، هل ستفعل؟" لا أستطيع أن أنكر أن الإجابات في كثير من الأحيان لا ذنب لها، بل دائما ما تكون المشكلة في السؤال . السؤالان الأول و الثاني ... كلاهما إجابته صحيحة ...! ولكننا نحصل علي الإجابة الصحيحة علي السؤال الخطأ ...! نحن مطالبون بحل مشكلتين (أو مصيبتين)، الأولي: مشكلة الأسئلة الخاطئة التي تسألها الجماعة المصرية وإذا افترضنا أننا نجحنا في حل هذه المشكلة، ستبقي مشكلة أخري ... من سيقنع هذا الشعب الذكي العظيم بالإجابة الصحيحة ...! عبدالرحمن يوسف :[email protected] موقع إلكتروني: