راح.. راح.. راح على رأى عبدالحليم حافظ.. راح مشى.. ذهب إلى غير رجعة هذا العام الكبيس 2012 أحداث سياسية صاخبة. لجنة تأسيسية وطعن عليها.. ونأخذ فى هذا الموضوع شهورًا وأسابيع وأيامًا واللجنة ماشية.. والكلام والاحتجاج دائر.. وناس تنسحب وناس تيجى وأسماء تظهر.. ونتكلم ويتكلموا عنها ثم تختفى ولا أحد يسمع عنها بعد ذلك شيئًا. ومواد الدستور. يتم تسريب بعض بنود الدستور.. تقوم الدنيا ولا تقعد وخاصة فى مواضيع الدين والحريات والمرأة وزواج القاصرات وحرية الإبداع والتعبير.. والفن.. وموضوعات فى غاية الحساسية.. والناس تأمل فى تناولها بمزيد من الحرية وليس التقييد والتعقيد. ثم الاستفتاءات المتعددة وآخرها الاستفتاء على مواد الدستور وما شاب هذا الموضوع من حكايات صحفية وتليفزيونية وإذاعية.. وناس تتشاجر مع بعضها البعض والكل قد احمرت عيناه فى مواجهة الآخر وقد تربَّعوا جميعا على شاشات التليفزيون هذا يقول إن النتيجة ستكون «لا» بالتأكيد.. يناطحه الآخر ويقول إنها «نعم» ولا شك.. وما بين لا ونعم تتنافر العبارات الهوجاء والكلمات القارصة.. هكذا تحول إعلامنا الذى كان رائداً.. هكذا فى 2012 أصبح صراعاً شديدًا ضد الموضوعية والممارسة المهنية.. وعلى التنافس المظهرى دون الاهتمام بالمعلومة الهادفة.. كما تم نسف الحيادية من الأداء الإعلامى وأصبح لكل إعلامى أسلوبه ورأيه وقد لا أتجاوز إذا قلت إن الميول والاتجاهات أصبحت تظهر للعيان فى سياق الحديث الذى أصبح السباب والاشتباك فيه شيئا عادياً.. زمان وفى فيلم «الخيط الرفيع» قالت فاتن حمامة لمحمود يس فى خناقة بينهما «يابن الكلب» ياه.. ما هذا التجاوز؟ زمان وليس زمان قوى.. ولكنها قوانين أخلاقية كانت تحكم المجتمع ولا يصح الخروج عنها.. وزمان.. كمان.. كانت هناك زميلة إعلامية شاءت وفكرت أن تضع اسمها قبل اسم البرنامج.. فقالت محطة كذا تقدم.. فلانة.. فى.. مكان اسم البرنامج.. بعدها أغنية فى نفس السياق.. السيدة رئيسة قطاع الإذاعة يرحمها الله وهى من الأسماء والشخصيات العظيمة التى قام على أكتافها هى وزوجها صرح الإعلام والإذاعة على وجه التحديد قالت.. ما هذا..؟ هل تعتقد هذه الفتاة إنها طه حسين مثلاً؟ وحتى طه حسين لا يمكن أن يقال اسمه بهذه الطريقة.. وطلبت تغيير مقدمة البرنامج لأنها غير لائقة وقد يقول قائل ما هذه الملاحظة؟ إنها ليست بذات أهمية.. ولكن دعونا نقول: كان هناك ميثاق للشرف الإعلامى.. وكانت هناك أخلاقيات ممارسة المهنة.. وكانت البرامج حينما توضع وتجاز على خريطة الإذاعة لها مضمون ووقت وهدف.. ولا يمكن الخروج على خطة فعندما يعجبنى برنامج فلان أو فلانة.. آخذ من هذا سؤالاً ومن هذا أو تلك سؤالاً آخر.. البرنامج محدد بهدف وبلون المحطة التى بث منها عربى يكون من صوت العرب.. خفيف يكون من الشباب والرياضة أو الشرق الأوسط.. إلى آخره.. إعلامنا الآن.. كله شبه كله إعداداً وتقديما وضيوفًا.. ولله يازمرى. «عايزه أعيش» هل تذكرون هذه العبارة ترددها طفلة صغيرة فى السادسة من عمرها فى إعلان عن مركز القلب للعلامة الدكتور/ مجدى يعقوب؟ «عايزة أعيش» ماذا فعلنا جميعا لها..؟ لقد خطفتنا هذه الطفلة الصغيرة وهى ترسم دائرة بأصابعها الصغيرة وتضعها على عينيها وتحاول أن ترى الدنيا من خلال هذه الدائرة الضيقة على عينيها.. ولماذا لا يوضع رقم التليفون بشكل واضح على الشاشة أثناء الإعلان وغيره لتشجيع الناس على المشاركة.. نعم تستحق هذه الطفلة وغيرها من الحالات المماثلة أن يعيشوا بدلاً من أصحاب الجلود السميكة التى لا يشعر بها أحد بأحد.. أملى أن يأتى لها عام 2013 ببعض حقوقها فى الحياة لتعيش وتعيش وتعيش.. كذلك مع شتاء هذا العام القارس.. نعم القارس.. ينادى الزميل عمرو أديب بمشروع المليون بطانية.. رائع.. أين انتم يا أصحاب خناقات الهواء من هذه الدعوة..؟ هيا.. ساهموا فالبرد لن ينتظر أحدًا.. وأيضا ضعوا أرقام تليفونات البطانيات على الشاشة جزاكم الله خيرًا عنهم وعنا. ياه.. ما هذا الجفاف الذى أصاب حياتنا؟ ما هذا الجفاف؟ وعدم القدرة من قوة الطعنات التى أصابتنا نصالها أن تجعلنا نضن على أنفسنا بالإحساس بأى نعومة أو رقة فى الحياة؟ ومع هذا تأتى الينا عبر المسلسلات التركية.. التى طالما تناولها قلمى هذا وفى ذات المساحة.. تأتى مثلا مسلسلات «على مر الزمان» وحريم السلطان بنسمة أمل وحنان وعاطفة أولا على مر الزمان تجد فيه كل مقومات وملامح أفلام «حسن الإمام» الأب الذى ترك الزوجة الوفية والأبناء الأربعة الحماة الطيبة.. والزوجة الجديدة اللعوب التى أخذت الرجل من زوجته.. والأولاد هذا يحب تلك.. وتلك تحب هذا.. وزوجة صابرة محبة ولكنها جميلة.. وبعض الحواشى الإمامية نسبة لحسن الإمام.. ماشى.. لكن البنت الصغرى.. ايلين تحب سهيل.. سهيل هذا أخوه المعاق يحب الفتاة.. فيضحى سهيل.. بنفسه ويهبها مالا وعقارا فتوافق.. على الزواج بأخيه المريض ماشى؟ ماشى.. مشاهد الحب بالكلمات القليلة والنظرات المشتاقة بينهما هى أجمل شىء فى 2012 الجافة القاسية.. وكذلك «حريم السلطان» مسلسل كله حب فى حب.. ويا من فقدتم الحب أو طردتموه من حياتكم لا بأس من سماع كلمة أو كلمتين مع بعض الوجوه الجميلة والمشاعر الدافئة. وبالمناسبة.. قالت الفتاة للحبيب «فى المأثور الشعبى خبيتك يا حبيبى فى عيونى وكحلت عليك رمشي».. وحمرت عليك خدى.. ورسمت عليك حاجبى.. وضغط على اسمك بشفايفى.. لما سألونى عليك.. يا حبيبى.. يا 2013 عايزين شوية حب هل تقدرين؟ نشر بالعدد 631 بتاريخ 14/1/2013