كان الرئيس الراحل عبدالناصر لايجاهر بضيقه بمعارضيه ولم يكن يعرف طيلة حكمه لغة التهديد والوعيد لكى كان يفعل بالخصوم السياسيين خاصة الذين يمثلون خطراً على حكمه الافاعيل من الاعتقال الطويل إلى القوانين المغلظة فى وجه المعارضين وحتى الوصول إلى اعدامهم كما فعل ببعض اقطاب الاخوان المسلمين عندما نازعوه أو تصوروا ذلك فى سلطته المطلقة فلما رحل عبدالناصر عن الدنيا لوح الرئيس الراحل أنور السادات بهدم المعتقلات وانتهاء عهد التصنت على الناس!ولكن ذلك لم يخرج عن كونه «تمثيلية» برر بها ما أسماه بثورة التصحيح فى 15 مايو 1971 عندما اودع كل الطاقم الذى كان يشارك عبدالناصر فى إدارة الحكم، فقد انشأ السادات معتقلات جديدة وابقى على قاعدة التصنت على الخصوم والانصار على السواء وكان قد لوح فى البداية إلى رغبته فى قيام حياة ديمقراطية ذات تعددية بما سمح معه بقيام منابر للتيارات السياسية عدا التيار الإسلامى ولكن هذا لم يمنعه من التعاون مع التيار الإسلامى فى مواجهة اليساريين والناصريين الذين جاهروا بمناصبته المعارضة وعندما حارب السادات اسرائيل فى أكتوبر 1973 كانت مصر كلها مع السادات بكافة أطيافها السياسية فقد كان طلب أن تحارب مصر هو المطلب الذى ظل يلح على السادات ويزعجه من كثرة الالحاح والسخرية من وعوده بالحرب حتى تحققت وتحقق النصر فلما احبت حكومة السادات أن ترفع أسعار السلع الاساسية عمت البلاد فى يناير 1977 مظاهرات واضطرابات مثلت للسادات تهديدا صريحا جعله يتراجع أمام الشعب!. وكان السادات قد وصف الاضطرابات بأنها «انتفاضة حرامية»! فى قضايا انشغلت بها مختلف النيابات والمحاكم حتى إذا جاء شهر نوفمبر 1977 قام السادات بزيارة القدس مما قوى شوكة المعارضة له فى مصر والعالم العربى وقد واجه السادات حملات المعارضة ضده ملوحا ومهددا بأن «الديمقراطية» لها انياب! وقد أعمل السادات تهديده عمليا بالاعتقالات التى بلغت ذروتها فى 5 سبتمبر 1981! حتى دفع السادات حياته ثمنا «لانياب الديمقراطية» التى انشبها فى خصومه فلما تولى حسنى مبارك الرئاسة بعد السادات كان قد وعى الدرس فجعل من استبداده سلاحا كاتما للصوت دون أن يلجأ إلى التهديد العلنى للخصوم! بل انشب أظافر حكمه بمعرفة أجهزة أمن الدولة السرية فيمن رآهم خطرا على حكمه الديكتاتورى! تاركا للمعارضة أن تعبر عن نفسها فى صحف حزبية وخاصة ومستقلة ولكنه كان يرى أن استمرار نظامه يرتكز على مطاردة التيار الديني- وخاصة الاخوان المسلمين- مما جعلهم رهائن السجون والمعتقلات بقضايا تصدر فيها احكام بالإدانات الرادعة أو يظل البعض من هؤلاء فى حالة اعتقال دائم حتى لو أصدرت المحاكم احكاما ببراءتهم والافراج عنهم! وبعد سقوط نظام مبارك بثورة يناير ظلت البلاد فى ظل حكم المجلس العسكرى حتى تم انتخاب الرئيس محمد مرسي- المنتمى إلى الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين «حزب الحرية والعدالة» رئيساً للجمهورية ولكل المصريين كما أعلن، فكان أن فاجأ المصريين بأنه لن يسكت على المتطاولين! وجاء ما يقول تهديدا واضحا خشنا «لايغرنكم حلم الحليم، واننا بالقانون وحده يمكننا أن نردع»! فكان ما قال هو التهديد الرئاسى الثانى فى حياة المصريين تم نشره بالعدد رقم 606 بتاريخ 23/7/2012