سر نجاح التجربة المصرية في محاصرة التطرف أن فلسفة حياة كريمة ودراما الوعى استثمرا في الإنسان المصري "لا يفل الفكر إلا الفكر ولا التطرف إلا التنمية».. من هنا أتى الحل وبدأت خطوات الدولة المصرية في محاصرة التطرف بثنائية حياة كريمة ودراما الوعي. على مدار 8 سنوات مرت، رفعت الدولة المصرية شعار «سنحاربهم بالتنمية». طريق وراء طريق تشقه الأيادي المصرية وكأنه طريق من نور يشق ظلام فقر التنمية والحياة، ومشروع تلو المشروع تدشنه الدولة المصرية، يكتب نهاية ظلام دامس اختبأت تحته أياد التطرف تحرك العقول كما تشاء، طالما يخدمها العوز والفقر.
إن أسوأ ما يمكن أن يحدث لشعب ما، أن يقتحمه أصحاب الأكفار الهدامة ونزعات التطرف والإرهاب من باب الفقر والحاجة، أن يستغل هؤلاء رغبات الطبقات الفقيرة في العيش، يرمون لهم فتات العيش مقابل السيطرة على الأدمغة ومن ثم تحريك المستقبل إلى نشر أجندات الخراب والدمار، وكما أن الاحتلال الاقتصادي أقوى آلاف المرات من الاحتلال العسكري، فإن التحكم في لقمة شعب تضعه تحت تصرف أفكار التطرف والإرهاب ومن ثم الخراب بأيدي أبنائه لا بأيدي غيرهم.
لذلك كان إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة حياة كريمة عام 2019 طاقة النور التي كسرت ظلام الحاجة والفقر. في وقت قياسي تحولت المبادرة إلى مشروع قومي عملاق لتنمية الريف. تدخلت حياة كريمة بشكل فوري للفئات الأكثر احتياجًا على مستوى الجمهورية، وقدمت على مدار شهور حزمة متكاملة من الأنشطة الخدمية والتنموية والتي تشمل جوانب مختلفة اجتماعية، واقتصادية، وتعليمية، وصحية.
قطع المشروع القومي حياة كريمة الطريق أمام التطرف، بما صنعه في توحيد جهود مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، لتحقيق تنمية شاملة مكتملة الأركان، والعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل، وتقديم الرعاية الصحية، وإطلاق حملات توعية ثقافية ورياضية، بجانب برامج للتأهيل النفسي والاجتماعي، ومن ثم يتحقق الهدف الرئيسي للمشروع وهو الارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للأسر في القرى الفقيرة.
وفقا لكل التجارب البشرية، فإن هناك مداخل عديدة لمحاربة التطرف وعلاج الظاهرة الإرهابية، لكن التجربة المصرية غير أنها لها طابعها الخاص لكن أثبتت بالدليل العملي على أرض الواقع أن أقوى مدخل لعلاج ظاهرة التطرف هو التنمية، لذلك انطلقت استراتيجية الدولة المصرية أولا نحو التنمية جنبا إلى جنب مع الجوانب الأمنية، وأولت اهتماما كبيرا لمسببات الإرهاب عبر تحقيق التنمية الشاملة.
لذلك كان أكبر دلالة على حصار فكر التطرف والإرهاب خلال ال8 سنوات الماضية، هي تنوع المشاريع القومية التي أطلقتها الدولة المصرية، مستهدفة تطوير قطاعات متعددة، وهنا كانت أهمية مشروع حياة كريمة الذي وافقت منظمة الأممالمتحدة على إدراجه ضمن سجل منصة "الشراكات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة" التابع لها، ويمكن القول إنه مشروع قومي تنموي غير مسبوق لا يهدف إلى اتخاذ خطوات لاقتلاع ظاهرة التطرف من جذورها قبل، تحسين حياة المواطنين والعيش الكريم.
سر نجاح التجربة المصرية في محاصرة التطرف، هو أن فلسفة مبادرة حياة كريمة وإلى جانبها المشاريع التنمية، قامت على الاستثمار في الإنسان المصري، فهو المستفيد من التنمية، وهو المحرك لها في أن واحد، وبالتالي تنعكس مخرجات هذا المشروع على مكافحة الظاهرة الإرهابية، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لذلك من أكبر دلالات نجاح سياسة الدولة المصرية في مكافحة التطرف، أن مبادرة حياة كريمة ساهمت بشكل كبير في تجفيف منابع التجنيد على خلفية التهميش الاقتصادي، إذ أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا مباشرًا في انخراط الأفراد في التنظيمات الإرهابية، حيث تستغل الأخيرة الاحتياجات المادية والمالية للأفراد، ومن ثم يكمن الهدف الرئيس للمشروع في تحقيق التنمية الاقتصادية للمجتمعات المستهدفة لتوفير فرص عمل للمواطنين، وبالتالي الحيلولة دون تجنيدهم.
مع انطلاق أعمال المشروع القومي حياة كريمة في القرى، تحول الأمر وكأنه حلقة اتصال بين الدولة والمجتمع، وقرب الدولة المصرية من المواطن بعدما سد ثغرات تستطيع أن تنفذ منها التنظيمات الإرهابية إلى المجتمع المصري، عن طريق استغلال تراجع الخدمات في المناطق الأشد فقرا، ويستغلون ذلك بنشر خطاب يجهز لحالة شحن واحتقان المجتمع، أو عبر تقديم نفسها كبديل للدولة بتوفير تلك الخدمات، لذلك أدركت الدولة استراتيجية التنظيمات الإرهابية القائمة على فلسفة "استغلال الأزمات"، واتخذت خطوات لوقاية وتحصين الفئات المستهدفة من الأفكار المتطرفة، من خلال الاهتمام بالتعليم عبر بناء ورفع كفاءة المدارس وتجهيزها وتوفير الكوادر التعليمية ومحو الأمية، ثم إطلاق حملات توعية ثقافية ورياضية، بجانب برامج لتأهيل نفسى واجتماعي، والمساهمة في رفع مستوى الوعى والإدراك لدى الأفراد وتحول دون تطرفهم الفكري.
وحد مشروع حياة كريمة جميع الجهود بالاشتراك مع العديد من الوزارات والهيئات المعنية بالتنفيذ في المراكز والقرى بجانب عدد من الجمعيات الأهلية وشباب البرنامج الرئاسي ومئات الشباب المتطوعين؛ وذلك بهدف إحداث التحسن النوعي في معيشة المواطنين المستهدفين ومجتمعاتهم على حد سواء، وتعزيز وتوسيع مفهوم المشاركة الشاملة بين مكونات المجتمع ككل، وتوفير إحساس قوى بالانتماء والولاء للوطن الأمر الذي ساهم في دحض الأطروحات الفكرية للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف خلق حالة من الانفصال الشعوري عن المجتمع.
بالتأكيد فإن مبادرة حياة كريمة ساهمت بشكل كبير في مواجهة كل محاولات أهل الشر في المجتمع، بل وعملت على زيادة وعي المواطنين في قرى ونجوع مصر مما شاهدوه على أرض الواقع من تنمية واهتمام بهم وظروفهم المعيشية.
دراما الوعي.. لا يفل الفكر إلا الفكر
إن من أهم أدوات نجاح التجربة المصرية، بشهادة العالم، في مكافحة فكر التطرف، هي عدم اقتصارها على الجانب الأمني الذي بالطبع حقق نجاحا على أرض الواقع في تجفيف منابع الإرهاب، والجانب الاجتماعي وإنقاذ الطبقات الأكثر فقرا بالإنجازات المبهرة لمبادرة حياة كريمة، بل إنها اعتمدت بشكل فعلي على القوى الناعمة عبر الدراما التلفزيونية في السنوات الأخير والتي قادتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
مسيرة دراما الوعي في 8 سنوات مرت لم تكن مجرد استعراض لجهود الدولة في محاربة الفكرة المتطرف، أكثر من خلخلة هذا الفكر من جذوره، وخلق بديل آخر للمواطن يحترم عقله ووعيه، ومن خلال أعمال فنية يخلدها التاريخ مثل مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة كشفت الدراما أهدافه الإرهاب الدنيئة، ومخططاتهم لتدمير الدولة واستحلال دماء مواطنيها، وأوصلت رسالة الجمهورية الجديدة إلى العقول بشكل فعلي، بل إنها سحقت قناع "المظلومية" الذي بدا خلال مخاطبة تلك الجماعات لدول الغرب، في محاولة لاستنفار الجماعات الحقوقية، التي طالما غضت البصر عن انتهاكات التطرف للضغط على الدولة لأهداف خاصة. يتجسد دور دراما الوعي في صورته الكاملة تحديدا في الجزء الثالث من الاختيار 3، بتلك الرسالة التي أكدت الأهمية الكبرى لتأثير الدراما على الناس في إعادة بناء الوعي، حيث يؤثر الفن الدرامي في قاعدة عريضة.
بالطبع كان تأثير الاختيار 3 إيجابيا على المجتمع، فإن ما حققه المسلسل والأثر الذي تركه داخل عقول المصريين قبل قصم ظهر الإخوان، كانت دلالته قوية وبمثابة وثائقي لكل الجرائم التي ارتكبها الإخوان وخططوا لها، ما زاد الأمر وجعا على الجماعة وعناصرها الهاربين، أنهم لم يتمكنوا هذه المرة من إنكار جرائمهم أو ادعائهم لأن الفيديوهات التي تم دمجها ضمن أحداث العمل الدرامي، كانت بمثابة سلاحهم الذى أشهروه هم بأنفسهم صوبهم، فكل التسجيلات بالصوت والصورة جعلت حقيقتهم تظهر أمام الجميع وتؤكد جرائمهم التي لن ينساها التاريخ، وهذا يدل على أهمية القوى الناعمة ودورها في وعي المجتمع، خاصة إذا كانت الأحداث تتعلق بفترات عصيبة مرت بها البلاد، وتحمل ردود أفعال الجماعة الإخوانية على الاختيار 3 جملة من الدلالات أبرزها، نجاح العمل الدرامي في كشفهم أمام العالم قبل الشعب المصري وحطمت أسطورة فكر التطرف، وتثبيت الحقائق في الأذهان على مدار التاريخ، فهي شاهد عيان على الأحداث للأجيال القادمة، وحائط صد ضد شائعات يدعيها أعضاء الجماعة الإرهابية.
تتحرك الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بخطوات ثابتة نحو تحقيق أحد الأضلع الرئيسية في «بناء الإنسان المصري»، فتضع كل إمكانياتها وتسخر الطاقات في سبيل تقديم كل ما يبني وعي المصريين، انطلاقا من قاعدة رئيسية تحطم مخططات الشر على صخرة الوطنية.
صناعة الوعي
على مدار سنوات، اقتحمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ملفات معقدة في المجتمع المصري، وفتحت الأبواب المغلقة على قضايا كانت عبارة عن قنابل موقوتة، بداية من نسف ومعالجة الأفكار المتطرفة وقطع دابر مخططات الإرهاب، وصولا إلى تقديم نماذج لأعمال وطنية جادة احتلت مكانها لدى المصريين وصنعت الفرق لصالح الدولة بإمكانيات لم تصل إلى واحد من العشرة من ملايين الدولارات التي تنفقها قوى معادية على أذرعها الإعلامية التي تضمر الشر لمصر.
لم تكن كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح عدد من مشروعات التطوير فى هيئة قناة السويس من فراغ، عندما أشار إلى الجهد الكبير الذي تقدمه الشركة المتحدة وما صنعته من تغيير في المشهد الإعلامي.
قال الرئيس السيسي "لن ننسى الفترة الصعبة التى شهدتها الدولة المصرية وتم تناولها فى دراما رمضان. الدراما اللى اتقدمت واللى لازم تقدم أكثر من كدة.. فكرتنا بأيام صعبة.. ومرت بفضل الله ثم بتضحيات شعب مصر.. كل أسرة قدمت شهيد.. فى أى قطاع من قطاعات الدولة.. الجيش والشرطة والقضاء والمساجد والكنائس".
حملت تصريحات الرئيس السيسي عدة دلالات أبرزها نجاح الدراما المصرية والأعمال الفنية التى تقوم بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في تشكيل الوعي، وهذا من أهم مقومات بناء الإنسان المصري والأساس الذي ترمي إليه الدولة المصرية في عملية البناء والمستقبل.
أما الدلالة الثانية والتي لا تقل عن الأولى فقد أصبح للمشهد المصري درع يحمي العقول بالتصدي للأفكار الظلامية والمتطرفة ومساعي التشويه والتشكيك التي يبثها أهل الشر دائما ضد الدولة المصرية.
ولا يمكن فصل ذلك عما أحدثته الأعمال الفنية التي أنتجتها الشركة المتحدة من خلال إصدارتها المختلفة في إعادة تشكيل الوعي والتعريف بحقيقة المخاطر التي يواجهها الشارع المصري، وما تعرض له على مدار الفترة الماضية، وكشف الصورة كاملة بكافة الكواليس حتى يكون الشعب على دراية بما يدور ويحاك من مؤامرات ضد بلده.
بالتأكيد أن الأعمال الفنية المختلفة على مدار الفترة السابقة من القوى الناعمة ساهمت فى تصحيح المفاهيم، وترسيخ البطولات والتضحيات لدى النشء، وخاصة دراما رمضان الماضي التي قادت معارك الوعي والتنوير للمشاهد، كما أنها جسدت مرحلة هامة من تاريخ مصر وبطولات ابنائنا من رجال الشرطة فى مواجهة خفافيش الظلام والإرهابيين.
آمنت الشركة المتحدة بأهمية الحفاظ والارتقاء والتطوير المستمر للقوى الناعمة المصرية، ولذلك إلى جانب دراما رمضان، قدمت إعلاما هادفا له رسالة مؤثرة، سواء من خلال القنوات أو من خلال الأعمال الدرامية التي تقتحم قضايا المجتمع؛ حيث لعبت دور التثقيف في مواجهة الشائعات والأكاذيب التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الشر، مثلما حدث في نماذج درامية كثيرة آخرها مسلسل "ورا كل باب" الذي يقتحم قضية أكاذيب السوشيال ميديا وكارثة خداع المجتمع وتشويه العقول بآفة "التريند".
