يزعم تنظيم داعش الإرهابى أن القرآن الكريم هو دستوره الذى يطبقه ويأخذ منه الشرع والأحكام، لكن الممارسات الإجرامية والتى يرفضها الإسلام والأديان جميعها والأخلاق، تؤكد أن أبو بكر البغدادى لا يعرف حرفاً فى القرآن الكريم الذى نزل على سيدنا محمد، وأن البغدادى وتنظيمه الإرهابى لهما «قرآن» خاص، أما هذا القرآن فهو بضعة كتب تقطر دماً وتكفيراً يستند إليها داعش وينفذ ما ورد فيها بالحرف الواحد، ولعل أهم هذه الكتب هو كتاب «إدارة التوحش» وهو منسوب لأحدهم باسم حركى «أبو بكر ناجى» ويبدو أنه مصرى وذلك من خلال مفرداته وجمله. هذا الكتاب تم وضعه قبل سنوات، وجاء داعش ليحوله إلى حقيقة. - الكتاب يعرف ادارة التوحش بأنها المرحلة القادمة التى ستمر بها الأمة، كنتيجة طبيعية لحالة «الفوضى» التى تدب، عادةً، فى أوصال دولة ما، أو منطقة بعينها، إذا ما زالت عنها قبضة السلطات الحاكمة، وهى حالة تتسم بالتوحش، يعانى فيها السكان فى كل مناحى حياتهم، وعلى تنظيم «القاعدة»، (الذى حل محله تنظيم «داعش»)، أن يملأ الفراغ الناشئ عن غياب السلطات المحلية، تمهيداً لإنشاء «الدولة الإسلامية»، وهو ما يُطلق عليه: «إدارة التوحش»!. وسيكون على هذه الإدارة الإسلامية للتوحش المرتقب، أن تنهض بمجموعة من المهام الأساسية، فى مقدمتها: نشر الأمن الداخل، توفير الطعام والعلاج. تأمين «منطقة التوحش» من غارات الأعداء، إقامة القضاء الشرعى بين الناس، رفع المستوى الإيمانى، ورفع الكفاءة القتالية لشباب منطقة التوحش، بث العلم الشرعى والدنيوى، بث العيون واستكمال إنشاء جهاز الاستخبارات، تأليف قلوب أهل الدنيا بشئ من المال، ردع المنافقين بالحجة، وإجبارهم على كبت وكتم نفاقهم. والترقى حتى تتحقق إمكانية التوسع، والقدرة على الإغارة على الأعداء لردعهم، وغنم أموالهم، وإبقائهم فى توجس دائم وحاجة للموادعة. إقامة التحالفات مع من يجوز التحالف معه. أما النصيحة الذهبية التى يقدمها الكتاب فهى ألا تأخذهم فى القتل والترويع لومة لائم!، لأنه، كما يذكر الكتاب، «أفحش درجات التوحش، أخف من الاستمرار تحت نظام الكفر»، ولا يؤمن دعاة «إدارة التوحش» بما يؤمن به الكثيرون من عناصر الفرق المتطرفة خارجهم، الذين يسعون - خلال مراحل «الاستضعاف» - إلى التحايل على «الآخرين»، أو حتى خداعهم، مستخدمين سبل الالتفاف والتمويه، فيما يُعرف ب«التقيِّة»، بل يدعون إلى «المجاهرة» وإعلان النيّة، والعمل على «تسويق» (مشروع)»الخلافة الإسلامية»، واستخدام وسائل الإعلام لإظهار»عدالة القضية»، عن طريق السطوة والترهيب، ولإبراز بطش وهيمنة القائمين على «المشروع»، والمسيطرين على الحكم!. ويضع الكتاب شروطاً للمناطق التى يستهدف تطبيق نظام ادارة التوحش فيها هى وجود عُمق جغرافى وتضاريس تسمح بإقامة مناطق بها تُدار بنظام إدارة التوحش. وضعف النظام الحاكم، وضعف تواجد قواته على أطراف الدولة.ووجود مد إسلامى فى هذه المناطق. وطبيعة سكان هذه المناطق، وقابليتهم لتوجهات الجماعة. وانتشار السلاح بها. وتواجد هذه المناطق فى جهات مُتباعدة مما يؤثر سلبياً على أى قوات دولية معادية تسعى لمحاصرتها. ويقسم الكتاب التطبيق النهائى ل«إدارة التوحش» إلى عدة مراحل ويذكر: «إدارة التوحش»، ثلاث مراحل متتابعة لقطع ماتسميه «طريق التمكين». المرحلة الأولى: مرحلة «شوكة النكاية والإنهاك»،والثانية: مرحلة «إدارة التوحش»، والثالثة: مرحلة: «شوكة التمكين، أو قيام الدولة». وتتم مرحلة «شوكة النكاية والإنهاك» عن طريق مجموعات وخلايا منفصلة فى كل مناطق العالم الإسلامى الرئيسية وغير الرئيسية حتى تُحدث «فوضى وتوحش متوقعة فى مناطق عديدة بالدول الرئيسية المُختارة،... ثم ترتقى مناطق الفوضى والتوحش إلى مرحلة «إدارة التوحش»، بينما تستمر باقى مناطق ودول العالم الإسلامى بجناحين، جناح الدعم اللوجستى لمناطق التوحش، المداراة بواسطة الجماعة (بالمال ومحطات انتقال الأفراد، وإيواء العناصر، والإعلام.. إلخ)، وجناح «شوكة النكاية والإنهاك للأنظمة حتى يأتيها الفتح من الخارج بإذن الله»!. أما أهداف مرحلة «شوكة النكاية والإنهاك»، فهى إحداث تراكمات كميِّة صغيرة، تؤدى إلى إنتاج متغيِّر كيفى كبير، عن طريق إنهاك قوات العدو وتشتيت جهودها و«العمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم والأثر، إلا أن انتشارها سيكون له تأثير على المدى البعيد». و«جذب شباب جدد للعمل الجهادى»، عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة، من حيث التوقيت والقدرة، بعمليات نوعية تلفت الأنظار، وتجلب الأنفار. وإخراج المناطق المختارة من سيطرة الأنظمة، ومن ثم «العمل على إدارة التوحش الذى سيحدث فيها. والارتقاء بمجموعات النكاية، بالتدريب والممارسة العملية، لكى يكونوا «مُهيئين نفسياً وعملياً لإدارة التوحش. وعن استراتيجية الإنهاك والتشتيت، ولتحقيق هذه الأهداف توجه الجماعة الإرهابية عناصرها إلى ضرب وتخريب الأهداف الاقتصادية، وخاصة البترول»، الذى يمثل محرك حضارة العالم، وهو مايُوقع أذى كبيراً باقتصاديات (العدو)، ويجبره على تشتيت قواه، واستنزاف قدراته، للدفاع عن المراكز الاقتصادية، ويبرز ضعفه أمام العالم، كما حدث فى مصر، حينما ضربت الجماعة الإسلامية السياحة فى التسعينيات، لكنها لم تستمر فى هذا المنحى، ولم تُحسن الرد على الحملات الإعلامية، التى شهرت بها وبأفعالها، كما يقول التقرير!. والهدف الاستراتيجى من مثل هذه النوعية من الضربات، هو إجبار الأنظمة الحاكمة على الارتداد إلى الخطوط الخلفية، لحماية المراكزالاقتصادية للدولة، مهتزةً أمام ضربات الردع التى تطول القادة والاتباع، فيخاف القادة، وتندفع جماعات الأتباع إلى التحول والانضمام إلى (المجاهدين)، حتى «تموت على الشهادة بدلا من أن تموت مع الكافرين الظالمين.!» ويؤدى هذا الوضع، إلى المزيد من التدهور، مُسببا المزيد من الانسحابات لقوات النظام، وهو ما يترتب عليه «مزيد من التوحش، الذى علينا، بعد دراسة منطقته، والاتصال بطلائعنا فيها، التقدم لإدارته»،... وهكذا. ويشدد الكتاب على العمل على تشتيت جهود وتمركزات الخصم العسكرية، واستنزاف قواه عن طريق ضربات نوعية متنوعة، تطال «أكبر عدد من الأهداف، كماً ونوعاً، وعلى أكبر رقعة من الأرض»، على أن تكون هذه الضربات «بقوتك الضاربة، وأقصى قوة لديك، وفى أكثر نقاط العدو ضعفاً»، و«بمعدلات ثابتة، أو تصاعدية، أو على هيئة موجات»، أو جميع هذه الأشكال معاً، لإرباك القوى المعادية، وإفقادها التركيز والسيطرة... ونلاحظ أن ما حدث ويحدث فى مصر، فى الفترة الأخيرة، يتضمن ملامح عديدة من هذه الأساليب المشار إليها. ومن أخطر ما تضمنه كتاب «إدارة التوحش»، القسم الخاص ب«قضية الشدّة»، أو «سياسة دفع الثمن»، وهو يُركِّزُ على ضرورة ألا يمر وقوع إيذاء على هذه الجماعات الإرهابية، أو على «الأمة»، بدون جعل (العدو) يدفع الثمن، حيث يبث ذلك اليأس فى نفسه، «فأى عمل إجهاضى لمجموعات النكاية، من أى نوع، ينبغى أن يُقابل برد فعل يجعل العدو يدفع ثمن إجرامه كاملاً، حتى يرتدع عن العودة لمثله، ويفكر ألف مرة قبل القيام بعمل هجومى تجاهنا»، خاصة إذا كانت المنطقة التى تتم فيها عملية «دفع الثمن» تخضع لسيطرة أنظمة الكفر أو أنظمة الردة، فلن يجد مجالا جيدا للرد عليها»!. ويضيف الكتاب: «والهدف الاستراتيجى من مثل هذه النوعية من الضربات، هو إجبار الأنظمة الحاكمة على الارتداد إلى الخطوط الخلفية، لحماية المراكز الاقتصادية للدولة، مهتزةً أمام ضربات الردع التى تطول القادة والأتباع، فيخاف القادة، وتندفع جماعات الأتباع إلى التحول والانضمام إلى (المجاهدين)، حتى «تموت على الشهادة بدلا من أن تموت مع الكفرين الظالمين»!. ويؤدى هذا الوضع، إلى المزيد من التدهور، مُسبباً المزيد من الانسحابات لقوات النظام، وهو ما يترتب عليه «مزيد من التوحش، الذى علينا، بعد دراسة منطقته والاتصال بطلائعنا فيها، التقدم لإدارته»،... وهكذا. إننا إن لم نكن أشداء فى جهادنا وتملكتنا الرخاوة كان ذلك عاملاً رئيسيا فى فقدان عنصر البأس الذى هو من أعمدة أمة الرسالة، فإن الأمة ذات البأس هى الأمة التى تستطيع أن تحافظ على ما تكتسبه من مواقع، وهى الأمة التى تخوض الأهوال وهى ثابتة ثبات الجبال وهذه المعانى فقدناها فى هذا الزمن. ويزعم الكتاب: «هكذا فهم الصحابة رضى الله عنهم أمر الشدة، وهم خير من فهم السنن بعد الأنبياء، حتى أن الصديق أبوبكر وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما مارسا التحريق بالنار على الرغم مما فيه من كراهة لمعرفتهم بأثر الشدة المغلظة فى بعض الأوقات عند الحاجة، لم يقوما بذلك وينفذه قادتهم وجندهم من باب شهوة القتل وأنهم قوم غلاظ كلا والله فما أرق قلوبهم، وهم أرحم الخلق بالخلق بعد الأنبياء عليهم السلام ولكن الأمر هو فهمهم لطبيعة الكفر وأهله وطبيعة حاجة كل موقف من الشدة واللين. ومما يلتحق بقضية الشدة (سياسة دفع الثمن): لا يوجد إيذاء يقع على الأمة أو علينا دون دفع الثمن، ففى مرحلة شوكة النكاية والإنهاك اتباع استراتيجية دفع الثمن يبث اليأس فى نفوس العدو، فأى عمل إجهاضى لمجموعات النكاية من أى نوع ينبغى أن يقابل برد فعل يجعل العدو يدفع ثمن إجرامه كاملاً حتى يرتدع عن العودة لمثله، ويفكر ألف مرة قبل القيام بعمل هجومى تجاهنا. وعندما يعلم العدو أنه إذا كسر جزءا من مجموعة سيستسلم الباقون نستطيع أن نقول إن هذه المجموعة لم تحقق الشوكة، وإنما إذا علم العدو أنه إذا قضى على جزء من المجموعة فسيبقى الثأر لدمائهم قائما من الباقين وستبقى أهداف المجموعة قائمة حتى يفنوا عن آخرهم تكون تلك المجموعة قد حققت الشوكة التى يخشاها العدو خاصة إذا كان تشكيل المجموعة يستعصى على الإفناء فى ضربة واحدة. والشوكة الكبرى والتى يعمل لها العدو ألف حساب هى محصلة شوكات المجموعات سواء مجموعات النكاية أو مجموعات الإدارة فى مناطق التوحش، ففى وجود موالاة إيمانية بين كل هذه المجموعات تتمثل فى عقد مكتوب بالدماء أهم بنوده [الدم الدم والهدم الهدم] تتحقق شوكة كبرى يعجز العدو عن مواجهتها. وأن أفضل من يقوم بعملية دفع الثمن هى مجموعة أخرى غير التى وقع عليها العدوان، بحيث نربك العدو ونشغله ونشتت تفكيره وجهوده حتى تستطيع المنطقة أو المجموعة التى وقع عليها العدوان أن تستعيد قواها وترتب أوراقها، وفى ذلك تستحضر الأمة قيمة الموالاة الإيمانية وقدرتها على إقامة شوكة لا تستطيع قوى الشر أن تقف أمامها