«آية» قبل أن تكمل عامها الرابع عشر، قررت أن تعطى درسا لكل من حولها فى الإرادة والتحدى لكل ظروفها الاجتماعية الصعبة، ولكل الأعراف الريفية بقريتها أبوسنيطة بمحافظة المنوفية، وتعمل سائقة «توك توك»، لتكون أصغر فتاة تعمل فى هذه المهنة فى مصر.
نقش الزمن بأنامله الخشنة على جبين آية، فمنحها عمرا لم تعشه بعد، احتج والدها رغم فقره على اصرارها ترك العمل فى مصنع الملابس، الذى كانت تعمل به لتعمل سائقة توك توك، وقال لها «دى شغلانة عايزة قلب ميت وبلطجة.. ومش هايرحمكِ السواقين ولا الركاب»، ردت عليه بكل ثقة وتحدٍ «يا أبويا أنا بنت بميت راجل.. ما تخافش عليا.. هاساعدك عشان نجوز إخواتى البنات.. أنت ماخلفتش ولد آه.. بس اعتبرنى أنا الولد اللى كنت بتتمناه».
تقول آية: «حبيت الشغلأنه قوى، مجهودها قليل وفلوسها كتيرة، وبعد فترة قليلة، أصبحت أشهر سائقة توك توك فى مركز الباجور، تعرضت فى البداية لمضايقة السائقين بالموقف، تجاهلتهم، وابتعدت عن الوقوف فى أى موقف، وأصبحت أتجول فى شوارع المدينة، لتوصيل ألفتيات وكبار السن فقط، وأصعب لحظة عشتها فى حياتى لما سرقت عصابة التوك توك، وهو حإلى ورأس مإلى، ومصدر رزقنا الوحيد، واضطررت للعمل مع والدى بنظام الورديات على توك توك اشتراه، حيث أعمل يوميا من الثامنة صباحا، حتى الرابعة عصرا، ووالدى يتسلمه، ليكمل فترة العصر والليل، لا أحلم بشىء فى الحياة، إلا أن يستر الله شقيقاتى، واستطيع مع أبى تزويجهن، وربنا يبعد عنا ولاد الحرام حرامية التكاتك».
آية حكاية لم تنته بعد فى عام المرأة المصرية، فهى الوجه الآخر للفتاة الأولى فى الثانوية العامة، ابنة حارس العقار، التى ضربت مثالا يعلم نساء العالم، أن مصر بكنوزها البشرية «أبدا لن تموت».
