أبي وأمي .. هل يحبان ولدي أكثر مني ؟ سألت نفسي كثيرا هذا السؤال ، وأعاده إلي ذهني من جديد حالة القلق الدائرة في مصر حاليا علي صحة الرئيس مبارك ، والأزمة الصحية المتوقعة بسبب كارثة وفاة حفيده الأول محمد علاء ، والعلاقة الخاصة جدا التي كانت تجمع الرئيس بحفيده الراحل ، لدرجة قيامه برعايته طفلا بنفسه ، مع أنه - أي الرئيس - لن يعجز عن إيجاد جيش من الدادات والمربيات لخدمة هذا الحفيد . لماذا يحب الأجداد أحفادهم بهذه الطريقة ؟ ، مازلت أتساءل . يسكن أبي في الطابق الخامس من إحدي العمارات السكنية ، وطبعا السلم معاناة، خاصة في منزلنا ، 90 درجة سلم تشعر بعد أن تنتهي من صعودها بأنك تحتاج إلي سرير تلتقط عليه أنفاسك أمي تعتبر صعود السلم في حد ذاته "مشوار" المهم أنني في أحدي المرات اصطحبت باسل ولدي ، وعمره الآن عام ونصف العام، في زيارة لوالدي ، كنت أحمل في يدي أكياسا وحقيبة ، فضعطت علي الأستاذ باسل لكي يصعد السلم بنفسه وهو ممسك بيدي ، المهم أنني وصلت إلي الطابق الخامس بعد معاناة من " المحايلة " و " المدادية " ليكمل مشوار الصعود ولايلمس التراب الموجود علي السلم ، ووصلنا بالسلامة . المهم أن والدي عندما فتح باب الشقة لاستقبالنا ، وقبل أن يرد علي السلام ، انهال علي بالتقريع والتوبيخ لأنني تجرأت وتركت ابني - الطفل الصغير من وجهة نظره - يصعد السلم وحده دون أن أحمله ، الغريب أن أمي أيضا وقفت في صف باسل بيه ، وأسمعتني من التوبيخ قيراطا آخر لنفس السبب ، لدرجة أنني سألتهما :، هو مين فينا ابنكم ؟ مسبحة أمي وسجادة صلاتها من مقدسات المنزل التي تنطبق عليها مقولة «ممنوع الاقتراب أو التصوير» ، وابني هو الوحيد الذي يحق له العبث بهما ، لدرجة أنني شعرت بالغيرة منه في إحدي المرات . بخلاف طبعا الهدايا والألعاب والملابس ، هذا غير التوبيخ الذي ينالني وأمه إذا نهرناه علي أي خطأ يقترفه . هذه اللمسات البسيطة ليست حكرا علي عائلتي وحدها ، فهي فطرة لدي كل جد وحفيد ، ولست أدعي أنني محلل نفسي حتي أفسر أسرار هذه العلاقة ، ولكنني أعتقد أن الأب في خضم ضغوط الحياة يفقد الكثير من اللحظات الجميلة في حياة طفله ، ولكن بعد أن يتزوج الأبناء وتصبح ضغوط الحياة أقل ، يكمل الجد مافقده في تربية أولاده ، لست أدري إذا كانت هذه هي كل الأسباب أو بعضا منها ، هذا مايجيب عنه علماء النفس ، وربما أيضا يستطيعون أن يفسروا لنا معني المثل القديم القائل " أعز الولد ولد الولد " . لست أجد كلمات أقدمها كعزاء للسيد علاء مبارك والسيدة حرمه ، كان الله في عونهما ، وألهمهما الصبر ، فأنا كأب أحس بشعورهما وأدرك جيدا معني أن تفقد حافز وجودك في الحياة ، ولكني أشعربالأسي الأكبر للجد الذي طالما عارضته وانتقدته واختلفت ورفضت الكثير من سياساته ، أسي إنساني يتجاوز كل الخلافات ، أسي يوحد القلوب بالدعاء لهذا الحفيد الغض ، فاللهم ارحمه وارحمنا معه ، والهم كل من شعر بهذا الأسي في ابن أو حفيد له ، اللهم ألهمه الصبر ، ولاتجعله لعبة لشياطين الإنس والجن ، اللهم أعط كل من فقد عزيزا لديه القدرة علي الخير والحب والعطاء ، فنحن خلقك ، وهذا رزقك ، فلك الحمد علي ما أعطيت ، ولك كل الحمد علي ما أخذت .